الارستقراطية الدينية (الطائفية) (2/4)
د. صدقي كبلو
في الجزء الاول من المقال تناول الكاتب بدايات تشكيل الارستقراطية الدينية الاسلامية في السودان و ارجاعها لسلطنة سنار وقال :ان السودان عرف الارستقراطية الدينية مثله مثل المجتمعات الاخرى قبل سنار وقبل الاسلام، كما تناول الكاتب الدور الذي لعبته تلك الارستقراطية في مملكتي مروي ونبتة وفي الممالك المسيحية التي تلتها كالمقرة وعلوة وسوبا. واشار الي ان الارستقراطية الدينية ظلت تلعب دورا هاما في وسط القبائل والشعوب السودانية التي لم تعرف الاسلام حتى يومنا هذا. وقال ان الامام عبد الرحمن المهدي كان عنصرا هاما في قيادة الارستقراطية الدينية والحفاظ على وحدتها وتحالفها مع الارستقراطية القبلية، ورغم ان السيد الصديق المهدي قد ورث عنه تلك القدرات القيادية إلا انه كان ميالا لقيام تحالف وطني مع الرأسمالية السودانية وقطاعات المتعلمين ،مما جعله قائدا فريدا للارستقراطية الدينية.واشار الي الانسقام حدث داخل طائفة الانصار بعد موته و استمر وتطور بعد ثورة أكتوبر.
ولقد تفجر الصراع في حزب الأمة وارستقراطية آل المهدي الدينية بعد ثورة أكتوبر ليقسم هذه الارستقراطية بين جناحي الصادق والامام الهادي، مما أسهم في اضعافها، خاصة بعد توحد الوطني والاتحادي وحزب الشعب الديمقراطي في الحزب الاتحادي الديمقراطي والذي انعكس في انتخابات 1968 والتي فقد فيها الصادق المهدي مقعده الانتخابي في احدى دوائر منطقة كوستي واصبح الحزب الاتحادي فيها أكبر الاحزاب في البرلمان (الوضع الذي فقده بعد انقسامه عشية الاستقلال) وجناح الامام الهادي شريكا اصغر في الحكومة الائتلافية. وقد ادى طرح مشروع الدستور عام 1968 إلى توحد ارستقراطية آل المهدي من جديد للاستعداد لانتخابات الجمهورية الرئاسية ولكن انقلاب مايو قد وجه ضربة قاسية لارستقراطية بيت المهدي وللتطور السلمي الديمقراطي للبلاد.
* مايو والارستقراطية الدينية:
وكما أضعفت مايو الأسس المادية لتركيبة الأرستقراطية القبلية، فإنها دون شك قد اضعفت الأسس المادية لتركيب الارستقراطية الدينية ومن الخطأ بمكان أن نعتبر ذلك الضعف نتيجة فقط للاجراءات القمعية ومصادرة الممتلكات وحق التنظيم بعد مايو مباشرة، وإنما هو نتاج لعملية تاريخية تم خلالها نمو الانتاج السلعي وتوسعه، ونمو الرأسمالية السودانية واحتدام الصراع الاجتماعي والسياسي بابعاده الطبقية والقومية والاقليمية، وبانتشار التعليم وبتأثير تنظيمات القوى الحديثة السياسية والنقابية والاجتماعية.
وكما أوضحنا في غير هذا المجال فإن الرأسمالية السودانية والانتاج السلعي قد توسعا بشكل جعل الهيمنة الاقتصادية للرأسمالية السودانية امرا واقعا ، وبالتالي ضعفت الأسس المادية للارستقراطية الدينية وهذا لا يعني إن أفراد وعائلات هذه الفئة الطبقية اصبحوا أقل ثراء بقدر ما يعني، ان تلك الفئة لم تعد المهيمنة على الاقتصاد السوداني. بل ان أطرافا من الارستقراطية الدينية ومؤيديها السياسيين أو التابعين لطرقها الصوفية أو الطائفية الدينية انتقلت بثرواتها واستثماراتها إلى المشاريع الرأسمالية الزراعية (الزراعة الالية) والصناعية، وبالتالي لم يعد الولاء أو الإنتماء الطائفي وحده هو الذي يحكم علاقات افراد وعائلات الارستقراطية الدينية فيما بينها وبينها وبين مؤيديها، بل هناك عنصر المصلحة الاقتصادية والمبنية على اساس تأثير الاستثمار الرأسمالي وقوانينه الاساسية، خاصة بعد ان جاء لقيادات العائلات المؤيدة والتابعة اجيال جديدة تلقت تعليما عصريا ولا تكن نفس الولاء الطائفي ولم تعد اسيرة للأيدلوجيا الطائفية.
وما أسهم في أضعاف الأرستقراطية الدينية أنها قد واجهت مايو بعد أن فقدت قياداتها المتمرسة، فالختمية مثلا كانوا قد فقدوا لتوهم (1968) زعيمهم الروحي السيد على الميرغني، وكان زعيمهم السياسي السيد علي عبد الرحمن قد اصبح كهلا وشل المرض حركته، بينما توفى حليفهم الأكبر السيد إسماعيل الأزهري في الأيام الأولى لمايو وانتقلت قيادة الحزب الاتحادي للخارج بقيادة الشريف حسين الهندي، ومارست مصر ضغوطها على قيادتهم لتأييد النظام المايوي.
ولم يكن حال عائلة المهدي التي تتزعم طائفة الأنصار بأحسن حالا من الختمية، فهي قد فقدت قيادتها التاريخية منذ فترة الحكم العسكري الأول (توفى السيد عبد الرحمن المهدي عام 1959 والسيد الصديق عام 1963) وقتل الإمام الهادي المهدي عقب إحداث الجزيرة أبا خلال العام الأول لانقلاب مايو (مارس 1970)، واستطاعت مايو تحييد السيد احمد المهدي لمعظم فترة مايو وكسبه لتأييدها خلال فترتها الأخيرة.
* الطائفية وتنمية الاصولية:
لقد توطدت العلاقة بين الطائفية والأخوان المسلمين في الفترة بين مايو 1969 والمصالحة الوطنية في عام 1977. وكانت علاقة جناح الصادق المهدي من طائفة الانصار مع الأخوان المسلمين قد نمت خلال الديمقراطية الثانية منذ اشتعال ثورة اكتوبر في محاولتهم للجم ثورة اكتوبر من ان تحدث تحولا عميقا في الحياة السودانية، ودعم حزب الأمة جناح الصادق المهدي مؤامرة الأخوان لحل الحزب الشيوعي، وعملت الطائفية على دعم حركة الأخوان في الجامعات والمعاهد والمدارس، واشتركت معهم في محاولة قسم الحركة النقابية بتكوين ما سمي الجبهة الوطنية للنقابيين واتحاد عمال القطاع الخاص واتحاد عمال القطاع العام، وعندما اكتمل انقسام حزب الأمة كون معهم الصادق المهدي مؤتمر القوى الجديدة. ولكن هذه العلاقة النامية انتقلت إلى طور اعلى في مواجهتهم لانقلاب مايو، فقد لعب المرحوم محمد صالح عمر دورا كبيرا في تهريب السلاح للجزيرة ابا، ولعب عثمان خالد واحمد عبد الرحمن ادوار مماثلة في حشد تأييد السعودية للجبهة الوطنية، وقد اعتمدت الجبهة في اتصالاتها وحركتها التنظيمية على جماعة الأخوان، واستفادت حركة الأخوان من هذه الصلات فاقامت اتصالات عالمية وإقليمية جديدة، ودربت كوادرها على العمل المسلح واخفت بعض السلاح لصالحها، واخترقت الاحزاب التقليدية وبنت تحالفات داخلها مع بعض الشخصيات التي ظلت تمثل حركة الأخوان داخل هذه الاحزاب وتشكل مجموعات ضغط، وعن طريق علاقاتها مع الانصار استطاعت الوصول لمناطق في السودان لم يكن لها فيها وجود.
* الطائفية ومنافسة الاصولية:
ولعل اهم الهجمات التي واجهتها الطائفية خلال نظام نميري تمت من خلال التحالف بين النظام وجماعة الأخوان المسلمين تحت رعاية وتشجيع النظام السعودي. ولهذا خلفية لابد من التوقف عندها. فقد أدت الأزمة الاقتصادية التي بدأت تتفاقم في السودان منذ عام 1973 إلى اعتماد نظام نميري بشكل متزايد على دول الخليج خاصة المملكة العربية السعودية التي بدأت فرض شروطها حول أسلمة النظام والذي بدا برنامجه بما سمي بالقيادة الرشيدة 1975 وحل توتو كوره في نفس العام، ثم بالسماح لبنك فيصل الإسلامي بالعمل في السودان في منتصف السبعينات. ثم تبؤ الأخوان المناصب الدستورية والسياسية العليا في نظام نميري ونمو نفوذهم المالي والسياسي .
* الارستقراطية الدينية و الديمقراطية الثالثة:
لقد وجدت الديمقراطية الثالثة الأرستقراطية الدينية في أضعف حالاتها، فإلى جانب نمو الرأسمالية والإنتاج السلعي والإجراءات التي قام بها نظام نميري لإضعافها، كان إعلان نظام نميري لقوانين سبتمبر 1983 قد وضع الطائفية الدينية في موضع أيديولوجي محرج للغاية فهي لا تستطيع الدفاع العلني عن تلك القوانين فتضع نفسها في مواجهة القوى الديمقراطية وجماهير شعبية واسعة تعارض تلك القوانين وتفقد بالتالي أي فرصة لإحلال السلام في البلاد والتوصل لحل سلمي مع الحركة الشعبية لتحرير السودان التي تحمل السلاح وظلت تحقق انتصارات متوالية في الجنوب والجنوب الشرقي، وفي نفس الوقت لا تريد أن تعارضها وهي تمثل الغطاء الأيديولوجي الذي تحتمي به والذي لا تريد أن تتخلى عنه للجبهة القومية الإسلامية.
ولقد كان وضع أرستقراطية بيت المهدي وحلفاؤها أحسن حالا من وضع أرستقراطية آل الميرغني، إذ أن أرستقراطية بيت المهدي تعتمد سياسيا على طائفة الأنصار التابعة لها، وكان دائما لها الكلمة الأولى والنهائية حول كيفية بناء حزب الأمة وتشكيل قيادته، بينما تعتمد أرستقراطية آل الميرغني على تحالف بين طائفة الختمية التابعة لها وجماعات الوطني الاتحادي أو الأحزاب الاتحادية التي كان وجود الزعيم الأزهري عاملا هاما في وحدتها، وبغياب الأزهري أنتقل ذلك الدور للشريف حسين الهندي والذي توفى قبل الانتفاضة بأعوام، وغابت عن الساحة عناصر اتحادية أخرى كان يمكن أن تساعد في توحيد الحزب كالأستاذ عبد الماجد أبو حسبو والسيد إبراهيم المفتي والسيد يحي الفضلي والسيد نصر الدين السيد، واستطاعت الحركة الإسلامية أن تكسب إلى جانبها السيد احمد زين العابدين المحامي الذي ظل يمثل عنصرا انقساميا في الحزب.
ولقد انعكس كل ذلك في توسع الحركة الإسلامية على حساب الأرستقراطية الدينية خلال الديمقراطية الثالثة في نتيجة الانتخابات العامة عام 1986 حيث فازت الحركة الإسلامية في دوائر مقفولة تاريخيا للأرستقراطية الدينية.
ولكن رغم ذلك وجدت الأرستقراطية الدينية نفسها في قيادة دولة الديمقراطية الثالثة، وفشلت في إدراك اضمحلالها التاريخي وأهمية تحولها لرأسمالية توحد حولها فئات الرأسمالية الأخرى وتكمل التحولات الرأسمالية التي بدأت في النصف الأول من عهد نميري بتبنيها برنامجا للتحول الرأسمالي يحجم الرأسمالية المالية للجبهة القومية الإسلامية ويضع الرأسمالية الزراعية والصناعية في قيادة الرأسمالية السودانية ويعيد للرأسمالية التجارية التقليدية اعتبارها.
الميدان
قوانين سبتمبر عارضها الانصار علنا في منشور قبل ان يعارضها محمود محمد طه.
المنشور قال ان قوانين سبتمبر لا تساوي الحبر الذي كتبت به.
الانصار عارضوها و لم يكن هناك اصلا وقتها قوى ديمقراطية كما تقول- شوية طلبةجامعات جبهة ديمقراطية.
بعدين قصة طائفيةدينية دي يعني شنو؟ السودان ليس فيه طوائف دينية و الناس كلهم سنة. يعني مافي شيعة مافي دروز مافي علويين الخ. و اذكر ان حلتناكان فيها انصاري واحد و هو عمنا. هو الوحيد الكان بقرا الراتب. باقي الناس بشربوا المريسة كلهم و ما بصلوا. يعني ناس حلتنا ديل ياتو طايفة؟ بعدين بمشو بزوروا البرعي وود الهندي و الشيخ الولي. ديل طايفة منوة؟ وعلى فكرة كان عندنا اهلناة في الحلة اتحاديين. يعني تبع الميرغني. يعني نفس الاسرة فيهاحزب امة – انصار و اتحاديين- مراغنة. لاقاك درزي-علوي؟ المهدي في يوم كان شيخ كل السودانيين (يعني كل السودان كان طايفة واحدة) وقال اي زمان يجب ان يكون عندو شيخو.يعني مافي شيخ ميت يبقى شيخ ناس حيين. يعني فى زمان المهدي شيخنا المهدي و بعدو نشوف شيخنا. (لكل زمان حال و لكل حال رجال). يعني ماتعلق لي في ابن تيمية ولا ابن حنبل و لا غيرهم ولا لينين ولا عفلق و لا المهدي ذاتو. دي فكرة المهدية. دي فكرة بسيطة و واضحة يعني ما دايرة يقرو ليها جامعة . معقولة زول بيقول واحد زايد واحد تساوي اتنين يكون طايفة براهو؟ الباقين مجانين؟ طبعا الفكرة دي كان حتوحد المسلمين شيعة و سنة. يعني الشيعة ذاتم شايلين افكار موروثة(مذاهب). يعني لما تقابلني بدون احمال تاريخ و ماضي سنتفق حتما. دي كل الفكرة المهدية. المشكلة انو لما جو الانقليز الجماعة (السودانييين) نطو. و اي زول مشى لشيخو الميت زمان داك.و في جماعة مشوا روسيا (الشيوعيين) و جماعة مصر (الاخوان) وجماعةالعراق (البعثيين) و جماعة السعودية (السلفيين).ديل الجماعة الطائفية الراساعديل- يعني البمش يشيل افكار زول ميت زي لينين او خورشوف طايفي .لكن الانصار مسحوا الكتابة القديمة كلها و حضروا القلم عشان الناس تكتب من جديد يكون طايفيين كيف؟
يعني اي زول يعمل ليهو مزرعة او مصنع او دكان بيكون أرستقراطية دينية ؟
ها! بتقصد لما برضو يكون عندو اهداف سياسية و اجتماعية- زي الامام عبدالرحمن-فوق لنشاطو الاقتصادي؟
طبعاجماعة كتار بيستكثروا شغل زي دا على غيرهم، بس لانهم،اتخرجوا من الجامعة. طيب ما المهدي نفسه ما قرى جامعة! و كان مزارع (و ما عندو بوابير) و فقران. و ثورته بداها مما كان تلميذ في الخلوة. يعني انك تكون فقير ما بتمنع انك تقوم بعمل كبيرو تلم الناس. و القروش برضو وحدها ما كفاية انك تقوم بعمل كبيرو تلم الناس حولك. ما الراسمالية السودانية كانت موجودة ايام الامام عبدالرحمن.
كل المطلوب ان يكون عندك هدف و يخص الناس و يكون عندك اصرار شديد. بتعملوا لما يجوك الناس. مش لمن تكون فاشل تسمي الناس ارستقراطية، قال ايه، دينية كمان. الجماعة ديل كان عندهم موضوع بيهم الناس و الناس جاتم. معقول تطرح شيوعية في بلد مصنع ما فيها و تقول الناس يجوك و لما ما يجوك تقول التانيين ارستقراطية اخدوا الناس؟