“الجقلبة” رجس من عمل الإخوان!!

“الجقلبة” رجس من عمل الإخوان!!

تيسير حسن إدريس
[email][email protected][/email]

(1)
الأوطان تبنى بصبر وإيمان أبنائها وبجهد نضالي طويل النفس بيد أن الشعوب موسمية المزاج النضالي لا تطيق صبرا على تمرحل الحراك الثوري فهي دوما تستعجل النتائج وتحاول القفز فوق المراحل وتهمل استصحاب نشر الوعي الجماهيري وتعميقه كـ”مكنيزم” ورافعة أساسية لجماع الحراك الثوري لذا نجد الرسم البياني لخط نضالها مشوش يتقلب بين الصعود والانكفاء والفوران والهمود يحكمه المزاج الفصلي.

(2)
فالحس الاستراتيجي في العقل الجمعي منتحي وضامر والفقر “لمناضلي جميع المواسم” مطبق وهذا ما يعطل عملية الخلق والإبداع الثوري ويجعل أمر السقوط في فخ تكرار حلقات التاريخ الشريرة مرات عدة واقع معاش ومؤلم تصطلي بلظاه الجماهير في ظل غياب رسل التنوير قبل أن تستجمع قواها وتنفلت صاعدة نحو “النقطة الحرجة” على قمة قوس الفعل الثوري وفق “زنبرك” التطور الجدلي التاريخي المتعارف عليه فلسفيا.

(3)
وحراك التغيير بطبيعته في ديمومة لا تنقطع لكن في حاجة للصبر والانضباط والتخطيط السليم كما يحتاج في سبيل الدفع به نحو الهدف المنشود لنشر الوعي بين الجماهير ولرسم إستراتيجية واقعية واضحة وتكتيك نضالي يتسق وروح الإستراتيجية وإطارها العام يلقى قبول الكتلة الجماهيرية القادرة على انجاز التغيير وهو الأمر الذي أولته بنود وثيقة “الفجر الجديد” الاهتمام اللازم وقطعت خطوات مقدرة في طريق الوصول إليه.

(4)
وقد كان لميثاق “الفجر الجديد” شرف هز جزع شجرة النضال التي أثمرت لتتساقط رطب جنية وذلك بتفجيره وإزالته لحقل الألغام الذي طال ما اعترض طريق طرح الأسئلة الصعبة وتناول القضايا الوطنية المسكوت عنها والتي طال الصمت عليها خوفا أو حرجا من نقاشها وتداولها فتعذر طوال سنوات ما بعد الاستقلال إيجاد الحلول والمعالجات الناجعة لها الشيء الذي قاد لشدة تأزمها وأفضى لحالة من الاستقطاب الإثني الحاد والردة الوطنية التي مزقت لحمة المجتمع وعادت بالأمة السودانية لمربع البداوة الموحشة لتسفر القبلية والعنصرية عن وجهها القبيح من جديد.

(5)
زخم المناقشات الجادة التي فجرتها بنود الميثاق أتاح الفرصة أمام كافة الأحزاب الوطنية لتقديم أطروحاتها ورؤاها الفكرية والتخلص من الهواء الساخن المحتبس في الصدور حول قضايا بعينها رغم أهميتها أهملت ولفها الصمت لعقود مثل قضية “الهوية الوطنية” و”فصل الدين عن الدولة” و”الكفاح المسلح” و “الوحدة الطوعية” و”إعادة هيكلة الدولة السودانية” فطرح مثل هذه القضايا الحساسة في صلب ميثاق “الفجر الجديد” حرك البركة التي تأسنت من فرط سوء الممارسات السياسية لكرادلة العهد القديم ومن تبعهم بغير إحسان من أنصاف الآلهة والأنبياء الكذبة ودفع بدماء جديدة ونقية في شرايين الحراك السياسي وأعاد له الحيوية اللازمة لانجاز التغيير المنشود.

(6)
استطاع ميثاق “الفجر الجديد” أن يخلق “ديناميكية” حقيقية في الحراك السياسي هزمت حالة “الاستاتكا” الصفرية واعتماد القوى السياسية على “رد الفعل” كمنهجية لحل المعضلات التي تواجه عملية إرساء دعائم دولة المواطنة الديمقراطية وأرغم الجميع بأطروحته الجريئة على اجتراح “الفعل” الذي هو أساس اللعبة التي نسميها “فن الممكن” فالسياسة وفق هذا التسمية هي حالة دائمة من خلق وإبداع الأدوات والوسائل الكفاحية والفعل النضالي الايجابي لا يصح اختزالها في ردود الأفعال السلبية وهنا يمكن سر احتفاء الجماهير باختلاف ألوان طيفها السياسي بوثيقة “الفجر الجديد” مما يثبت أنها خطوة هامة في الاتجاه الصحيح يمكن البناء عليها وتنقيحها بمزيد من الحوار وصولا لبرنامج عمل تتفق عليه جميع الأحزاب ومكونات الساحة السياسية المعارضة.

(7)
والدلالة القاطعة على قوة طرح الميثاق وتماسك بنوده وبنيته البرنامجية حالة الذعر وانفلات الأعصاب التي قابل بها النظام حدث التوقيع الذي هز أركانه وتركه صريع الهلع والهذيان، فرسالة القوى المعارضة قد وصلت وأرعبت العقول الخربة التي طالما استفزت الجماهير بتصريحاتها الصبيانية القادحة في مصداقية الأحزاب والقوى المعارضة حتى وصل الغباء ببعض قيادات النظام أمثال نافع وأمين حسن عمر لإطلاق التحدي علانية ورمي قيادات الأحزاب السياسية بالأوصاف البذيئة وساقط النعوت.

(8)
ولم يبارح قادة “الإنقاذ” طوال فترة تسلطهم الممتد لفظا مستفزا وخارجا عن الأدب واللائقة إلا أطلقوه في وجه القوى المعارضة وظلت الدعوة للنزال والمواجهة مفتوحة يكررها بسذاجة رأس النظام في جميع خطبه البلهاء ولم يتراجع عنها في أي مرحلة من مراحل حكمه الغاشم فلماذا يستغرب ويستنكر اليوم تلبية القوى المعارضة لدعوته غير الكريمة وإجماع كثير منها على اعتماد الكفاح المسلح كوسيلة لمقاومة ظلمه وتعسفه!!؟ أولم يستدرج بصلفه الجميع لمثل هذا التوجه فعلام “الجقلبة” والثكلى اليوم.

(9)
إن الهجمة الأمنية الشرسة التي بدأت بعد توقيع “ميثاق الفجر الجديد” ودشنها النظام بإغلاق منظمات المجتمع المدني “مراكز الدراسات السودانية ومراكز الخاتم عدلان للاستنارة” واستمرت بالتصدي العنيف لمستقبلي جثمان فقيد الفن الفنان محمود عبد العزيز بمطار الخرطوم وتواصلت بمهاجمة دار المسئول التنظيمي للحزب الشيوعي الدكتور على الكنين توضح بجلاء إن النظام لم يستفد من تجاربه السابقة ويصر على إتباع نفس نهجه القديم في مواجهة الشعب واستفزاز تنظيماته السياسية والمدنية مما يزيد من حدة الاحتقان السياسي ويعطي الشرعية لكافة وسائل مقاومته بما فيها وسيلة الكفاح المسلح الذي ما زالت كثير من القوى المعارضة تتحفظ عليها.

** الديمقراطية قادمة وراشدة لا محال ولو كره المنافقون.
تيسير حسن إدريس 24/01/2013م

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..