رفع الحظر الأمريكي عن السودان قد يكون أحد أسباب التوترات

مطالبات شعبية بإلغاء الحريات الأربع ووقف تصدير اللحوم والمنتجات السودانية !
الخرطوم:متوكل ابوسن
خطوة وصفت بالمفاجئة قام بها السودان «الخميس» الماضي باستدعاء سفيره من القاهرة ، السفير عبدالمحمود عبدالحليم للتشاور ، وما كان من مصر ـ بحسب بيان للمتحدث باسم الخارجية المصرية ـ الا اعلان انها «بصدد تقييم الموقف بشكل متكامل لاتخاذ الاجراء المناسب «.ويبدو واضحا ان استدعاء سفير الخرطوم بالقاهرة ، لايبتعد كثيرا من تطورات تلاحقت في سكون منذ زيارة الرئيس التركي للخرطوم رجب طيب اردوغان وتمسك الحكومة السودانية بموقفها من سد النهضة الاثيوبي بجانب اعلان وزير الخارجية البروفسير ابرهيم غندور عن عدم اعتراف بلاده باتفاق ترسيم الحدود بين مصر والسعودية «لمساسه بحق السودان في مثلث حلايب». الخطوة التي بدت مربكة للجانب المصري ، احاطها السودان بسياج من الصمت فعدا عن تصريح مختصر باسم المتحدث الرسمي باسم الخارجية بالخرطوم السفير قريب الله لم يتم ذكر اي تعليق مفسر ، الخطوة تلقاها الشارع السوداني باحتفاء كبير ، بدا جليا ان المشاعر العامة في الشارع السوداني تبدو نافرة مما تصفه مجاميع المواطنين بتعامل غير كريم وتحامل مصري وربما مؤامرة ضد السودان ، الحنق الشعبي في الشارع علي مصر طال حتي مطالبات شعبية بالغاء اتفاق الحريات الاربع الموقع مع مصر.
الشارع السوداني في المشهد:
الشارع السوداني بدا اكثر انفعالا بتعامل الحكومة المصرية مع السودان ،وقطاع عريض منه يثني علي قرار الحكومة باستدعاء سفيرها في «القاهرة» ،مطالبا بطرد السفير المصري بالخرطوم والغاء اتفاق الحريات الاربع الموقع بين الطرفين .
الاستطلاع الذي اجرته «الصحافة» وسط المواطنين امس «السبت» كشف عن حالة تذمر واسعة تجاه التصرفات الرسمية وتعامل الحكومة معها والذي وصف بان فيه مرونة زائدة لا تستحقها الحكومة المصرية خاصة في ملف مثلث حلايب السوداني الذي تحتله القوات المصرية الي جانب تجاوزات اخري اقلها الشطط الاعلامي المصري .
قطع العلاقات وليس استدعاء:
بلهجة غاضبة قال المهندس معتصم محمد الحسن ان استدعاء سفيرنا من مصر غير كاف وكان ينبغي ان يكون القرار سحب الي غير رجعة فنحن لم نجد من مصر الا التعامل السيئ وعدم الاحترام ،واضاف : علي الحكومة قطع علاقاتها نهائيا مع مصر حتي تعرف حجمها الحقيقي ومع من تتعامل .
ومضي معتصم الي ان مصر لا تتعامل مع السودان كدولة ذات سيادة وانما تابع او»حظيرتها الخلفية التي تربي فيها الدواجن»، وقال في حديثه لـ «الصحافة» حينما فشلوا في جر السودان لمعركة عبر حلايب وشلاتين يسعون الان عبر دول اخري يريدون من خلالها جر السودان لمعركة .
ونبه معتصم الي ان تحركات مصر طفت علي السطح بعد زيارة وزير الخارجية سامح شكري لاثيوبيا ومطالبته باستبعاد السودان من ملف التفاوض حول سد النهضة الاثيوبي ،مشيرا الي انه لا يستبعد تحرك حركات من دارفور في المسعي المصري لتعطيل العمل في سد النهضة من جهة وشغل السودان عن التنمية ،وقال : هم يريدون خلق توتر علي الحدود .
وانتقد معتصم تعامل الحكومة السودانية مع الجانب المصري ،مشيرا الي انه يخلو من الندية ،مستشهدا بتعامل دولة تونس مع الامارات ، وقال : رأينا كيف تعاملت تونس وكيف وجدت الاحترام ،مشددا علي ضرورة التعامل بالمثل مع اي دولة، ودعا الحكومة لاطلاق العنان للاعلام السوداني للرد علي اي تطاول من اي جهة .
ووصف معتصم اتفاق الحريات الاربع بالميت وقال : «حريات شنو يجب قطع العلاقات ولو في اتفاق حريات فمصر هي المستفيدة منه اولا واخيرا «.
الغاء الحريات الاربع:
وطالب المواطن يعقوب ابراهيم أحمد «سائق امجاد» ، الحكومة بالغاء اتفاق الحريات الاربع مع مصر التي قال انها لا تحترم سيادة السودان وان اعلامها ظل يكيل الاساءات لرمز الدولة السودانية ،مشيرا الي ان الاعلام المصري تعامل مع زيارة الرئيس التركي للسودان بشئ من عدم المسؤولية وقال : نحن احرار نستضيف من نريد ونعطي من نريد ولا يحق لمصر التدخل في سياساتنا الداخلية.
ومضي يعقوب في حديثه لـ «الصحافة» الي ان مصر ستخسر كثيرا من عدائها للسودان ،وقال : هم يحاولون لكنهم سيخسرون فالشعب السوداني شعب لا يقهر ولا يرضي «الحقارة»، واضاف : انا رهن اشارة قيادة الدولة للدفاع عن السودان ضد اي معتدي.
ايقاف تصدير المنتجات السودانية لمصر:
افادات يعقوب ابراهيم لم تبتعد من تأكيدات المواطن ايهاب علي «اعمال حرة» والذي نبه الي ان الاعلام المصري مدفوعا من حكومته ظل يتطاول علي السودان وشعب السودان ،مطالبا بقطع كافة اشكال التعاون مع مصر وقال : اتفاق الحريات الاربع يجب ان يلغي وتساءل : كيف يكون هناك اتفاق حريات وتعاون مع دولة لا تحترمك ولا تحفظ مكانتك.
ودعا ايهاب في حديثه لـ «الصحافة» الي وقف تصدير اللحوم والمنتجات السودانية لمصر، وقال : للاسف حكومتنا مادة حبل الصبر دون فائدة فهؤلاء لا يحترموننا وكثيرا ما يعتدون علي هيبة الدولة دون ان يجدوا من يوقفهم ،مشيرا الي ان عودة العلاقة مع مصر يجب ان تكون مرهونة بالتزام مصري جاد بعدم التدخل في شئوننا الداخلية وعدم المساس بالشعب السوداني وحكومته .
مرونة «الخرطوم» وتطاول مصر:
ولفت التاجر النور عباس علي الي ان الفترة الاخيرة شهدت توترا ملحوظا في العلاقات بين مصر والسودان بسبب حلايب وايقاف استيراد الخضر والفواكه المصرية ،وقال : ربما كان سد النهضة جزءا من التوتر و حلايب ووقف استيراد السلع المصرية ايضا عوامل هامة في زيادة التوتر في العلاقات.
ووصف النور لـ «الصحافة» تعامل الحكومة السودانية مع مصر بالمرن كما وصف خطوة استدعاء سفير الخرطوم من القاهرة بانها مشرفة ،لافتا الي ان الاعلام المصري ظل يتطاول علي السودان اكثر من اللازم وكان لابد من ردة فعل ،مشيرا الي ان من حق الحكومة السودانية اتخاذ ماتراه مناسبا لحفظ هيبة الدولة وكرامة الشعب السوداني،وقال : من حق الخرطوم قطع علاقاتها مع مصر لو رأت في ذلك مصلحة لشعب السودان .
ومضي النور الي ان ردة فعل الاعلام المصري تجاه زيارة رئيس تركيا للسودان كانت غير لائقة وغير موضوعية وسالبة وخصما علي العلاقة بين البلدين وفيه تعدي علي سيادة الدولة السودانية ،راهنا الاستمرار في اتفاق الحريات الاربع باعتذار الاعلام المصري والتزام حكومته باحترام سيادة السودان وقال : في غياب ذلك فلا معني لاتفاق الحريات الاربع واضاف : كيف تتعامل مع شخص لايحترمك.
تحذير ودعوة صحيحة:
بدوره وصف المهندس عبدالرحمن خالد ، استدعاء الخرطوم لسفيرها بالقاهرة بانها صحيحة واستطرد: لولا وجود شئ لما قامت الخرطوم بهذه الخطوة ولا استبعد وجود تحركات مصرية ضد السودان ،محملا الاعلام المصري مسؤولية توتر الاوضاع بين مصر والسودان ،مشيرا الي وجود جهات قال انها تضغط علي مصر لاستهداف السودان وعلق : مصر ستخسر من عدائها للسودان .
واستنكرعبدالرحمن في افاداته لـ «الصحافة» تعامل الحكومة السودانية مع نظيرتها المصرية والذي وصفه بالمرن وقال : في الوقت الذي يتطاولون علينا نري مرونة زائدة من حكومتنا وكان من المفترض ان يتم استدعاء السفير السوداني من زمان ـ بحسب قوله.
وقلل خالد من لجوء مصر للعمل المسلح ضد السودان ، مشيرا الي انها ستكون الخاسرة لان السودان الذي قال ان بيئته الحالية مهيئة لخوض اي حرب واضاف: جيشنا الي الان لم يضع سلاحه وظل يحارب لسنوات وفي كامل جاهزيته،مؤكدا ان مصر لا تقوي علي اي عمل عسكري وعلق: هي منهارة اقتصاديا ولن تصمد.
أيادٍ حكومية خلف الإعلام المصري:
من جانبه ذهب المواطن مجاهد محمد الحسن «تاجر» الي ان رفع الحظر الامريكي عن السودان احد اسباب التوترات مع مصر التي اشار الي انها كانت تستفيد من اعادة تصدير المنتجات السودانية بديباجة مصرية ـ بحسب تعبيره.
ونبه مجاهد في حديثه لـ «الصحافة» الي ان الحكومة المصرية حاولت جر السودان الي معركة بسبب حلايب لكنه اشار الي ان الحكومة تعاملت بمرونة و»طولت بالها»،معبرا ان الموقف المصري من زيارة الرئيس التركي «حسد» وقال : من حقنا وحكومتنا ان تفعل ما تراه مناسبا في اطار دولتنا.
واكد مجاهد ان ايادي حكومية تقف وراء تحريك بعض وسائل الاعلام المصرية ضد السودان ،منتقدا موقف الاعلام السوداني الذي قال انه ظل بعيدا ومرنا اكثر من اللازم ،مطالبا الحكومة بطلاقه ،واصفا استدعاء الخرطوم لسفيرها في القاهرة بالخطوة الممتازة وقال : السودان ماعاد يتحمل الاستهداف والتطاول المصري ويجب وقف هذا.
ودعا مجاهد الي اعادة النظر في اتفاق الحريات الاربع وقال : نحن غير مستفيدين منه ،وتعامل السودان الايجابي مع مصر لن يكون خصما عليه والافضل لمصر ان تتكامل مع السودان بدلا عن مناصبته العداء.
اذا ، حالة من عدم الرضا تلفحت المشهد السوداني حول التعامل المصري مع السودان في الملفات العالقة من لدن قضية حلايب وسد النهضة والمنتجات المصرية الممنوعة من دخول السودان وزيارة الرئيس التركي للسوداني ،ربما تؤثر بشكل واضح علي مستقبل العلاقة في شقها الرسمي والذي بدت نذره باستدعاء الخرطوم لسفيرها بالقاهرة واغلاق الحدود مع دولة اريتريا تحسبا لاسوأ الاحتمالات علي نحو غير مسبوق في تاريخ العلاقة بين الدولتين.
الصحافة.