المعتمد يحدثنا عن الخبز في الكمرون!!..

عبدالباقي الظافر

ذات يوم غضب الرئيس جعفر نميري حينما احتج الناس على موجة الغلاء.. اقترح المشير أن يخفض الناس عدد الوجبات.. من كان يأكل ثلاث يكتفي بوجبتين.. ومن يأكل وجبتين تكفه واحدة على حد زعم الرئيس القائد.. قال ذلك وكان إذا مرض يستشفي في واشنطن.. السيدة الأولى تواكب أجواء الموضة العالمية.. لكن في النهاية مضى الرئيس النميري طريداً في قاهرة المعز قبل أن ينفذ الناس الروشتة السحرية التي كتبها الرجل الذي لم يعد يسمع أنين الشعب الصابر.

زار السيد نائب الرئيس حسبو ولاية الجزيرة.. أغلب الظن أن لافتات استقبال ذات الولاية للسيد الرئيس لم تجف حينما وصلها النائب متفقداً ذات المشاريع.. لكن اللافت كانت تصريحات النائب حسبو التي اكتنفها حماس لا يتسق وخصوصية المرحلة.. السيد نائب الرئيس ذكر الناس أن الحكومة أقوى من الشعب.. وأن اليد الممتدة ستقطع.. لكن الأغرب اقتراحه التضحية بنصف الشعب ليعيش النصف الآخر عزيزاً.. لن أقف كثيراً عند أساطير الشمولية التي تطلب من الشعب أن يضحي ويضحي.. الثابت أن الحكومة جاءت لتخدم الشعب.

يبدو أن نهج تغبيش الرؤية أصبح سياسة رسمية.. اطلعت على تغريدة ساخرة من معتمد أم درمان.. الأستاذ مجدي عبدالعزيز يزعم أن أسعار الخبز ارتفعت في الكمرون بسبب ارتفاع سعرها في السودان.. مجدي كغيره يريد أن يقنعنا أن الحكومة لجأت إلى سياسة رفع أسعار الخبز حتى لا يهرب الرغيف إلى غرب أفريقيا.. هذه أسطوانة مشروخة لأن أسعار القمح انخفضت في كل العالم إلا بلدنا هذا.. طن القمح الآن أقل من مئتي دولار.. الحقيقة أن عملتنا الوطنية انخفضت ولهذا ارتفع سعر الخبز.

دعونا نفترض أن الدقيق المستورد يهرب إلى الدول المجاورة.. على ذات الزعم، لماذا لا يصلنا الخبز المصري الشعبي باعتبار أن سعره في مصر منخفض جداً..؟ لماذا لا يهرب النفط السعودي الذي كان يباع في الأسواق السعودية بأقل من قيمة الماء..؟ الإجابة لا تكمن في تعفننا ولا سمو أخلاقنا.. هذه الدول تفرض حراسة مشددة على حدودها.. هنا يبرز واجب الحكومة بل دورها الأساسي في حماية التراب الوطني.

في تقديري.. أن الحكومة تدرك جيداً أين الأزمة.. تحاول أن تخدر الشعب.. هل تذكرون مجهودات الحكومة حينما ارتفع الدولار لخمسة وعشرين جنيهاً..؟ تم تكوين لجنة عليا.. اللجنة اجتمعت واجتمعت قبل أن تصدر التوصيات النهائية كان الدولار يكاد يصل عتبة الثلاثين جنيهاً.. الآن هنالك لجنة أخرى لمحاربة الغلاء.. تحاول الحكومة إيهام الناس أن الغلاء مثل الجراد الصحراوي يصل إلى حدودنا بشكل مفاجيء.. الغلاء وانهيار الجنيه سببه سياسات الحكومة وعدم قدرتها على الخروج من عنق العزلة وضعف الإنتاج.

بصراحة.. ليس هنالك سبيل إلا التعامل مع هذه الأزمة من جذورها.. حتى إن وصل الأمر إلى طلب الانصراف.. ليس من المنطق التضحية بنصف السودانيين بسبب فشل مجموعة في تدبير أمور وطن.

الظافر (الصيحة )