أبدى استعداداً للتنازل عن الأغلبية الميكانيكية (الوطني).. كلام غزل (معسول) لذيذ

الخرطوم: الهضيبي يس
على نحو مفاجئ خرج أمين العلاقات السياسية بالحزب الحاكم وصاحب الأغلبية الميكانيكية بـ(البرلمان) د. عبيد الله محمد عبيد الله بتصريح في وسائل الإعلام معلناً استعداد حزبه للتنازل عن مقاعد الأغلبية بالهيئة التشريعية القومية والتحول إلى دكة المعارضة في مقابل الوصول إلى تسوية سياسية بينهم والقوى والأحزاب السياسية المعارضة.
تفسير الخطوة
ويوضح أن نهج النظام الانتخابي بالبلاد الذي ظل ديدن الحكومة بالبلاد والتي يجري كل خمس سنوات غير مجدٍ وصالح وفق ما يرى أمين العلاقات السياسية بالمؤتمر الوطني د. عبيد الله محمد عبيد الله وهي طريقة الاقتراع المباشر والتي تنتج حزباً واحداً يشرع في تكوين الحكومة بصورة منفردة، وكذلك السيطرة على الهيئة التشريعية أيضاً ما قد ينتج واقعاً مغايرًا ومخالفاً بظهور مجموعات تعترض على الأمر والذهاب لحمل السلاح بعدها وهنا يكون السودان قد عاد لمربع الحرب من جديد، لذا فإن ? عبيد الله ? يرى في دفاعه عن تصريحاته أعلاه بأنه من الأجدى ترجيح طريقة الدوائر النسبية بغرض التوصل لقسمة عادلة مع بقية الأحزاب السياسية في الساحة وضمان مشاركتها.
مفهوم آخر
الخطوة إن صحت النوايا ربما تفسر بمفهوم آخر وأبعاد مختلفة، وهي رغبه الحزب الحاكم (المؤتمر الوطني) في التنازل بصورة تدريجية عن المسؤولية. بهذه العبارات بدأ المحلل وأستاذ العلوم السياسية بجامعة أفريقيا العالمية د. حسن مكي، تحليله لخطوة الوطني في حديثه للصيحة. ليضيف مكي بقوله: هذه المسؤولية التي لطالما وقعت على عاتقه في مجمل قضايا البلاد السياسية والاقتصادية منذ المجيء إلى السلطة في الثلاثين من يونيو لعام 1989، والشعور بأن الحمل بات ثقيلاً، وفي حاجة إلى المشاركة بصفة جادة تستوجب التنازل والبدء من المؤسسة التشريعية التي يصل عدد نواب المؤتمر الوطني فيها حوالي 300 عضو بهذه الكيفية.
سياسات إقصاء
بينما شكك عضو الحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل والمحامي د. علي السيد من مدى صدق نوايا هذه المسألة، مستدلاً بالقرائن والوقائع للممارسة السياسية لحزب المؤتمر الوطني على مدى 28 عاماً الماضية وانتهاجه سياسات الإقصاء واستبعاده لكل من له صوت ومسعى لإصلاح مسار الدولة سياسياً واقتصادياً واجتماعياً، ولفت السيد في حديثه للصيحة إلى أن من يتحدثون بهذه الأمور ليسوا من أصحاب القرار في الأصل داخل كابينة المؤتمر الوطني، وأنه في حال الإقدام على مثل هذه المسألة فإنه يعني التخلي عن أحد مراكز القوى الإساسية وإعادة الأمور إلى نصابها الصحيح.
ونوه السيد إلى أنه واستنادًا للفعل الواقعي، فإن المراقب يلحظ أن الجهاز التنفيذي بالدولة هو من يسير الجهاز التشريعي وليس العكس وأن صوت الاعتراض ولو بالتصويب يظل مكتوماً داخل القبة البرلمانية.
جدوى الخطوة
عضو القطاع السياسي بالمؤتمر الوطني دكتور ربيع عبد العاطي كان له رأي مخالف لمكي والسيد، حيث أشار في حديثه للصيحة إلى أن من جاء بهؤلاء النواب إلى البرلمان هو الشعب وأن من يقيل أو يعفي هو الشعب عبر انتخابات العام 2020، وتساءل ربيع عن جدوى خطوة التنازل عن مقاعد البرلمان والتحول للمعارضة من أجل الوصول إلى تسوية سياسية مع المعارضة؟ منوهاً إلى أن الحزب الحاكم أقدم من قبل على التنازل مراراً وتكراراً لقوى السياسية المختلفة، مسترشداً باتفاقية السلام الشامل ? اتفاقية سلام دارفور ? اتفاقية الشرق بغية الوصول لسلام بالسودان .
تفكيك نظام
بينما يشكك النائب البرلماني المستقل مبارك النور في قدرة المؤتمر الوطني على القيام بهذه الخطوة، وأضاف النور في حديثه للصيحة ساخراً :(إن حدث هذا ولن يحدث طبعاً، فهو من المؤكد يعني المساواة في الحقوق البرلمانية)، منوهاً إلى أنه لولا الأغلبية الميكانيكية التي ارتضاها كل من المستقلين وهم 18 عضواً وبقية النواب القادمين من منصة الحوار الوطني لما استطاع المؤتمر الوطني تمرير قرارات وقوانين بها العديد من الأخطاء وبرزت ثقوبها عند التنفيذ، مضيفًا أن التخلي عن الأغلبية الميكانيكية في البرلمان يعني التنازل عن الحكم وتفكيك نظام الدولة الحزبية الواحدة التي لطالما ظل يسيطر المؤتمر الوطني عليها منذ سنوات.
المطلوب الآن
بدوره يشير نائب رئيس حزب الأمة القومي اللواء فضل الله برمة في حديثه ، إلى أنه ومن حيث الأوضاع التي يعيشها السودان السياسية والاقتصادية، فإن الراهن السياسي بالبلاد ليس في حاجة لتنازل المؤتمر الوطني عن مقاعد الأغلبية الميكانيكية بالبرلمان فقط، وإنما المطلوب الآن هو إخراج السودان من النفق الذي دخل فيه.
ويضيف برمة بقوله: (فإن استطاع المؤتمر الوطني توفير الحل فهذا هو المطلوب)، واستبعد برمة في حديثه الصيحة قيام الوطني بتحقيق ذلك بمعزل عن القوى والأحزاب السياسية الأخرى بالبلاد، وزاد بقوله: (كان الأجدى للمؤتمر الوطني إشراك الآخرين منذ وقت مبكر قبل الوقوع في وحل الأزمات والذهاب بالشعب بعيداً، مستدلاً بحالة الغلاء التي تضرب البلاد وارتفاع الأسعار فضلاً عن أرقام الفساد التي قال إنها تتصدر الصحف السيارة اليومية.
صعوبة تنازل
بدوره يؤكد أستاذ العلوم السياسية بجامعة الزعيم الازهري د. بهاء الدين مكاوي أنه وبحكم الواقع الآن فإن السودان وما يمر به قد تجاوز مرحلة التنازل عن المقاعد البرلمانية، منوهاً إلى أن التنازل له معانٍ ومفاهيم أخرى حتى وإن كان الهدف الوصول لتسوية سياسية.
بهاء الدين عاد للتأكيد على صعوبة تنازل المؤتمر الوطني عن مقاعد السلطة ما لم تتوفر له ضمانات حقيقية تكفل الحصول على سلام ينهي حالة الاحتراب بالبلاد، مكاوي عدّ من يطلق مثل هذه الدعوة صاحب ثقة وقدرة سياسية كبيرة في التكيف مع جميع الأوضاع السياسية سواء أكان الحزب في المعارضة أو الحكومة من خلال ما يملك من كوادر وخطط وبرامج سياسية لها من الإمكانات أن تسهم في حل القضايا والخلافات وإحداث اختراق فيها متى ما برزت على السطح على المنحى السياسي والاقتصادي والعلاقات الدولية وإدارة الشأن الداخلي.
الصيحة.