أخبار السودان

الثورة أو الفوضى

سلمى التجاني

بقيت حرامي، هذه العبارة قالها فتىً يبيع مناديل الورق على ( الاستوبات ) وهو يخبر صديقته أنه لم يستطع شراء أبسط مستلزمات اسرته التي يعولها من طماطم ورغيف فاضطر لسرقة دقيق من إحدى البقالات.
هذا الفتى يمثل أولى شرائح المجتمع التي تأثرت بالإجراءات الإقتصادية القاسية المعلنة مؤخراً وما ترتب عليها من إرتفاعٍ غير مسبوق في أسعار السلع الضرورية. إعلانه بأنه سرق يوضح أنه ظل يكسب لقمته وأهله بالحلال، لكنه أضطر للحصول على ما يقيم أوده.
هذه أولى الحوادث المعلنة ، والتي ستعقبها أُخر ، فعمال اليومية لن يستطيعوا الصمود أكثر ، ثم سيتبعهم الموظفون ذوي الدخل المحدود ، وحتى موظفي الدولة ومنسوبي القوات النظامية ، و أثرياء الغفلة لن ينجوا من آثار الإنهيار الإقتصادي الوشيك ، وهكذا سيتصاعد الأمر حتى تأتي لحظةً يضطر الناس لبيع ممتلكاتهم، غير أن الذين لا يملكون شيئاً لن ينتظرون، سيأخذون ما يحتاجونه بالقوة، يحاربون بما تبقى فيهم من رمق ، وحينها تدخل البلاد حالة الفوضى التي لا عودة منها. لن ينتظر الجائعون إجتماعات الحكومة ولا صراعات أجنحتها، لن تخيفهم هراوات الشرطة ولا حتى ذخيرتها الحية، ولن يفكروا أصلاً في كنه العنف الذي سيُقابلون به.
قال غاندي إن الفقر هو أسوأ أشكال العنف. عندما تواجهك الدولة بسلاح الفقر فلا خيار أمامك سوى الفوضى، يتساوى هنا الأتقياء والأشرار. وعندما تحلُّ الفوضى فلا تفرِّق بين حاكمٍ ومحكوم، سيكون ضحيتها الأغنياء من المواطنين وأصحاب المتاجر والمصانع وغيرهم . سيناريو يصعب تخيله لأننا لم نواجهه من قبل، أن يجوع الناس ليست من قلة موارد مادية ولا بشرية، لكنه من استشراء الفساد وسوء إدارة مقدرات البلاد، وشح نفوس الحاكمين الذين يرفلون في خيرات البلاد ولا يأبهون بمعاناة بقية الشعب.
نعيش هذه الفترة من عمر بلادنا في وقت يشابه عام 17 هجرية، الذي عُرف بعام الرمادة، مع اختلاف المسببات، فالقحط الذي حل بالمدينة في ذات الوقت تعود أسبابه لانقطاع هطول الأمطار لعامٍ كاملٍ جفَّ خلالها الزرع والضرع وجاع الناس حتى عطَّل عمر بن الخطاب حد السرقة، فالجائع يأخذ ما يكفيه اينما وجده.
الآن، ما هي إلا أيام معدودات، وربما اسابيع قليلة حتى يتزايد عدد الذين لا يجدون أبسط مقومات حياتهم، وجبة واحدة في اليوم. هل لاحظتم ارتفاع عدد الطلاب الذين لا يذهبون إلى مدارسهم لان أهلهم لا يملكون ثمن المواصلات ووجبة الفطور ؟ سيأتي يومٌ على مدارس الأحياء الطرفية بالخرطوم تضطر فيه لإغلاق أبوابها، وسيخاف أصحاب المتاجر من السرقات التي ستتحول إلى عنفٍ مسلَّح، ويخشى المارة على انفسهم في الطرقات.
لم يعد التغيير خياراً ، لقد أصبح واجباً لا مناص منه، ولن ينتظر الناس الأحزاب حتى تنظِّم صفوفها فتدعوهم لمواصلة التظاهر بالشوارع، أصبحنا الآن امام قدرين ؛ إما ثورةٌ تقتلع هذا النظام، أو فوضى لن تبقي ولن تذر.
سيكتب التاريخ أن هذه الأيام هي الأقسى في حياة السودانيين، وبيدنا الخيار؛ إما أعدنا عجلة التاريخ في مسارها الصحيح أو تركناها تنزلق لنقطة اللا عودة.

تعليق واحد

  1. الفوضى بدت فعلا خلاص شهدنا جرايم قتل في البيوت واعتداء على غفير بنك ولسا ياما حنشوف

  2. كلامك صح ميه الميه والحقائق واضحه….. ولا اعرف لماذا الناس خايفه لسه وتقعد تتعلل باسباب واهيه.. المعارضه ضعيفه ومفككه. رغم انها بدات في التوحد…. علي الشغب ان يصحي من غفوته..

  3. ** اعتقد جازما .. انها .. ستذهب الى نقطة .. اللا عودة .. يا خسارتك يا السودان ..
    ما تستاهل و الله .. و لكن .. ارضك تشتكي من بعض الاوادم .

  4. لا نخشى من فوضى يأكل فيها بعضنا بعضا فلم تحدث سنة سته 1906 م ولم تحدث سنة 1988 م لسنا الشعب الذي يأكل بعضه ان جاع انما الخوف ان يتحول الغضب الى سلاح فتاك يفتك بالمرتزقه والحاكمين ويكون مصير القذافي كمصير حاكمنا بل أسوأ لربما حرقهم أحياء والتمثيل بجثثهم فنتحول بفعل غضب الجوع والغبن إلى شعب قتلة وسفاحين وساحلين بعد أن كنا مضرب المثل في الطيبة والسماحة وعزة النفس وسمو الأخلاق وهذا أيضا بفعل دولة الفساد والإفساد الكيزانية حيث الوزير الفاشل والقيادي المرتزق يشتمنا وذاك بدل أن يخفف مصاب الناس يتمطى ليقول أن لا مشكلة لدينا وأتعسهم من يرقص وهو يعلم أن الكثير من رعيته يبيت جائع وهو يعلم ثم يذر الرماد في العيون بطلبه الشهادة اذا جاهد العصابات التي تتحگم في قوت الناس ومت وأنت تدافع عن مصالح شعبك لا حاشيتك وحرسك.

  5. {{ سيكون ضحيتها الأغنياء من المواطنين وأصحاب المتاجر والمصانع وغيرهم }} ومن دراكي انهم ضحايا فلهم استغنوا على حساب الفقراء والمساكين ولعل ثروتهم بطرق غير مشروعة من حقوق الغلابة

  6. مقال مهم جدا وتحزير من كارثه كبيره سوف تحل بهذا البلد وخصوصا كلنا حاقدين على هولاء القوم قد تجد مجازر داخل الاسواق كل من تضرر من مسوول او رجل امن او وزير او حتى موظف سينال منه من دون قانون لا هذا الوقت سيكون قانون الغابه هو السائد لان رجالات الحزب الخاكم رافضين الهبوط الناعم لذلك الهبوط القصرى كارثه للكل الايوجد حكيم يجنب ابناء هذا الوطن هذا الشر القادم لاحول ولاقوه الا باالله حقيقه الجوع كافر قد تقتل من احل ان تاكل وتعيش قدتسرق قد تبيع شرفك قد تتنازل عن كل شى وتترك اهلك وتهاجر من ان ياكلو لقمه العيش كيف ستلاقون الله ايه الطواغيط فراعنه القرن الحديث

  7. كل ما يمكن القيام به تم شرحه وتبسيطه للعامة والخاصة ونأمل أن يثير ذلك مخاوف الأحزاب فتُسَرِّع مِن عملية تنظيم صفوفها كي لا تتأخر عن دعم الجماهير ، فالمسألة لم تعد مسألة فرصة ينبغي استقلالها بقدر ما صارت مسألة وصول إلى الحد الفاصل بين البقاء أو الفناء ، فالمقال وضعها بهذه البساطة المفجعة ونأمل ونرجو أن تكون هناك روح في قياداتنا الوطنية تمد الشارع بما يحتاج من تنظيم لتحقيق غاية الحفاظ على ما بقي من حُطام الوطن .
    ونرجو تعميم المقال على الكل عبر كل الوسائط المتاحة ، مع التدعيم بمزيد من المواقف الحقيقية وما أكثرها .

  8. الفوضى بدت فعلا خلاص شهدنا جرايم قتل في البيوت واعتداء على غفير بنك ولسا ياما حنشوف

  9. كلامك صح ميه الميه والحقائق واضحه….. ولا اعرف لماذا الناس خايفه لسه وتقعد تتعلل باسباب واهيه.. المعارضه ضعيفه ومفككه. رغم انها بدات في التوحد…. علي الشغب ان يصحي من غفوته..

  10. ** اعتقد جازما .. انها .. ستذهب الى نقطة .. اللا عودة .. يا خسارتك يا السودان ..
    ما تستاهل و الله .. و لكن .. ارضك تشتكي من بعض الاوادم .

  11. لا نخشى من فوضى يأكل فيها بعضنا بعضا فلم تحدث سنة سته 1906 م ولم تحدث سنة 1988 م لسنا الشعب الذي يأكل بعضه ان جاع انما الخوف ان يتحول الغضب الى سلاح فتاك يفتك بالمرتزقه والحاكمين ويكون مصير القذافي كمصير حاكمنا بل أسوأ لربما حرقهم أحياء والتمثيل بجثثهم فنتحول بفعل غضب الجوع والغبن إلى شعب قتلة وسفاحين وساحلين بعد أن كنا مضرب المثل في الطيبة والسماحة وعزة النفس وسمو الأخلاق وهذا أيضا بفعل دولة الفساد والإفساد الكيزانية حيث الوزير الفاشل والقيادي المرتزق يشتمنا وذاك بدل أن يخفف مصاب الناس يتمطى ليقول أن لا مشكلة لدينا وأتعسهم من يرقص وهو يعلم أن الكثير من رعيته يبيت جائع وهو يعلم ثم يذر الرماد في العيون بطلبه الشهادة اذا جاهد العصابات التي تتحگم في قوت الناس ومت وأنت تدافع عن مصالح شعبك لا حاشيتك وحرسك.

  12. {{ سيكون ضحيتها الأغنياء من المواطنين وأصحاب المتاجر والمصانع وغيرهم }} ومن دراكي انهم ضحايا فلهم استغنوا على حساب الفقراء والمساكين ولعل ثروتهم بطرق غير مشروعة من حقوق الغلابة

  13. مقال مهم جدا وتحزير من كارثه كبيره سوف تحل بهذا البلد وخصوصا كلنا حاقدين على هولاء القوم قد تجد مجازر داخل الاسواق كل من تضرر من مسوول او رجل امن او وزير او حتى موظف سينال منه من دون قانون لا هذا الوقت سيكون قانون الغابه هو السائد لان رجالات الحزب الخاكم رافضين الهبوط الناعم لذلك الهبوط القصرى كارثه للكل الايوجد حكيم يجنب ابناء هذا الوطن هذا الشر القادم لاحول ولاقوه الا باالله حقيقه الجوع كافر قد تقتل من احل ان تاكل وتعيش قدتسرق قد تبيع شرفك قد تتنازل عن كل شى وتترك اهلك وتهاجر من ان ياكلو لقمه العيش كيف ستلاقون الله ايه الطواغيط فراعنه القرن الحديث

  14. كل ما يمكن القيام به تم شرحه وتبسيطه للعامة والخاصة ونأمل أن يثير ذلك مخاوف الأحزاب فتُسَرِّع مِن عملية تنظيم صفوفها كي لا تتأخر عن دعم الجماهير ، فالمسألة لم تعد مسألة فرصة ينبغي استقلالها بقدر ما صارت مسألة وصول إلى الحد الفاصل بين البقاء أو الفناء ، فالمقال وضعها بهذه البساطة المفجعة ونأمل ونرجو أن تكون هناك روح في قياداتنا الوطنية تمد الشارع بما يحتاج من تنظيم لتحقيق غاية الحفاظ على ما بقي من حُطام الوطن .
    ونرجو تعميم المقال على الكل عبر كل الوسائط المتاحة ، مع التدعيم بمزيد من المواقف الحقيقية وما أكثرها .

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..