بين دفتي كِتاب!

همسات- عبير زين

بين دفتي كِتاب!

كان الكٍتابُ خيرُ جليسٍ وصديقٍ ورفيقٍ، وكان الناسُ لا يجدون بُداً من مجالسته في أي وقت، ينسيهم كثيراً من الأحزان ويطعمهم تجارب الحياة بلا رياء فأحبوه طوعاً وطمعاً، وبالتدريح تداعت قيمته وتناقصت أهميته فى عصر التكنولوجيا، فأصبح هذا الحبيبُ مهجوراً فى ظل توفر وسائل الإطلاع المُستحدثة والمُبتدعه و لم يعد الكِتاب ذلك الفلك الذي فيه يدورون و به يتفاءلون ويمرحون وتأتيهم حيتانهم فيه فيولمون ويزرعون!
بدأ الخواء الفٍكري يتسلل إلينا بعد أن هجرنا القراءة وتركنا الكتاب للعنكبوت لتسنج خيوطها الواهنة حول غلافه مما أوهن ثقافتنا وأودى بها الى الهاوية، فما الكتاب إلا بًقعة طاهرةٌ إنفلتت من العقل لتحمل لنا الكثير من المعارف والخبرات والعلوم التى خطها لنا غيرنا ممن فتح الله عليهم بالبصيرة، هُم يحدثوننا من خلال أرواقه عن علومٍ وأخبار لا غني لنا عنها تاركين لنا فًسحةُ من التفكير ليمرح فيها خيالنا الخصب حتى تجتمع الصورة ويكتملُ نِصابها.
الآن و فى وجود أجيال لا تقرأ إلا بهدف التحصيل الأكاديمي والدراسي، أجيالُ تقضي وقت فراغها كوقت جِدها كأوقاتِ هزلها فى تسلية وترفيه أجوف لا يُسمن ولا يغنى من جوع حتى نتج عن ذلك مسخاُ هجيناً نشازاً في كل شئ! نبوغاً في التعري وملذات الحياة وتطاولٌ في كل شئ إلا من العلا وآمال الطموح، فنراهم يجرون منصوبهم وضح النهار ويضمون مكسوراً في حنوٍ بلا حياء فتسللت جلّ الثقافة منهم لواذاُ، فصغارنا لا يحملون للمستقبل هماً ولا طموحاُ تاركين وراءهم أحلامهم وأحلام الذين أتوا بهم لهذه الدنيا، ضاربين بعرض الحائط إرثاُ ثميناُ تُرك لهم بين حوائط الكُتب الغنية والثرية بما تحمله من عناصر الثقافة المطلوبة لبناء جيل عفي جديرُ بمواجهة تحديات العصر الحالي.
لم تُطمس ملامح هويتنا إلا عندما تراخينا فى التمسك بحبل القراءة ذاتٌ الشئ الذى شوّه تاريخنا وأنسانا جُغرفية الإنسان فى خارطة هذا الكون الواسع، فلم نعد نتتبعُ الحروف والكلمات التي ما فتئت تلهم بعض الثائرين على تكنولوجيا إحتضار الكتاب وتُنعشُ منهم من تبقى على اليقين حتى لا نُفجع بأن الفرق الذي بين الذين يعلمون والذين لا يعلمون أخذ في التلاشي حد الزوال!

[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. والله طرقتى موضوع فى قايت الاهميه موضوع الكتاب والمجلات الثقافيه هى التى علمتنا الثقافه من ايام الطفوله الواحت كان يقسم من حق الفطور فى المدرسه عشان كتاب قصه او مجله الله يرحم تلك الايام الجميله شكرا يا عبير على الموضوع الجميل زكرتينا بالايم الجميله الاان مع الغربه الواحد نسا حاجه القرايه والاتطلاع حتى الجرايد بطلنا قرايتا

  2. اندثرت المكتبات يا استاذة وقلة قراءة الكتب حتى التعليمية ناهيك عن الثقافية والروائية وذلك نتيجة للثورة الكبيرة فى عالم التكنولوجيا بكل انواعها . نعم كنا نقرأ كل شيىء من مجلات وكتب وغيرها ولنا فراغ كبير يشجعنا على ذلك ولم نعرف ثقافة النت ولا ثورة الاتصالات التى افرزت لنا وسائل لا نستطيع الاستغناء عنها فى مجال العلم والاتصال بمن تشاء .زد على ذلك تطور سبل الحياة فقد تعقدت حياتنا البسيطة الى عالم آخر فاصبح الاخ لا يقابل اخيه الا فى المناسبات وتغير مجتمعنا من الونسة وجلسة القهوة الى لهث وجرى نحو لقمة العيش التى لا مفر منها . أنسى يا استاذة موضوع القراءه هذا وخلينا فى جرينا وراء رغيفة الكيزان التى صارت مثل الأذان وهلم جرا

  3. استاذة عبيرة

    نعم هناك اقبال ضعيف جدا نحو المكتبات وشراء الكتب والمؤلفات
    التكنولوجيا الحديثة المتمثلة في كافة وسائل وصول المعلومات والمتصفحات
    وعلى راسها الانترنت ساعدت كثيرا في زيادة اعداد القراء اضافة الى الوصول للمعلومة او الكتاب او الجريدة بسهولة ويسر ووقتما تشاء
    الناس ما زالوا يقرأون وبنهم اكبر من السابق
    يبقى الاختلاف بين الماضي والحاضر .. في شنو؟
    يتمثل في نوعية وشكل القراءة المطروحة والقيمة الموجودة فيها
    فالانترنت مثلا مليء بكافة القراءات والمؤلفات واغلبها هابط ولا يحمل اي قيمة او معنى
    بخلاف الكتب قديماً فهي تخضع للرقابة والنقد والتنقيح
    هنا ظهرت الهوة الكبيرة ما بين الماضي والحاضر

    غوالي التحايا

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..