طه المزدوج الولاء هل سيلعب دور الحريري!

نعمة صباحي ..

الخبر الذي تسرّب عن زيارة وفدٍ عسكري سوداني عالي الرُتب الى المملكة العربية السعودية وبصورة سرية ..لم تكن حتى سفارة النظام هناك على علم بها ..من الواضح أنها جاءت بترتيب من الفريق طه عثمان والذي وفرت له الأزمة الإقتصادية التي تعصف بالبلاد حاليا ..فرصة ذهبية لإكمال دورة إذلاله للرئيس عمر البشير بالقدر الذي جعله يتودد لأولياء نعمة طه وعن طريقه ولو يرهن في غمرة حيرته وجزعه من سوء المصير ..مستقبل حكمه كله بأية شروط تمليها المملكة مقابل أن ترمي له طوق النجاة من الغرق !
ولكن كيف للسعوديين الثقة في لزوجة إنتهازية البشيرالمتقلب الأهواء والذي يتجول بين المحاور كالريشة في مهب الرياح وما هي الضمانات لثبات موقف الرجل عند حدود أخلاقيات الإيفاء بالعهود .

فعندما خرج لبنان مثلاً مدمر البُنى التحية ومهشم العمران بعد حربه الأهلية الطويلة ومناوشات حزب الله لإسرائيل ..تطلب أمر إعادة بنائة عشرات مليارات الدولارات التي لن يستطيع المغامرة بها ايُ حدٍ كان مهما بلغ ثراؤه درجة من الوفرة..في ظل الإستقرار الهش والهدوء المشوب بالحذر والذي ينذر بعودة الحرب التي يحتمل تجدد أوارها في أية لحظة نظراً لعدم إنتفاء اسبابها العديدة أوزوال ظروفها المتربصة بلبنان ذلك البلد الذبيح بسكاكين أهله وجيرانه وحتى ضيوفه الذين أكرمهم !
فما كان من المملكة إلا أن قبلت التحدي ورمت باوراقها في طاولة مقامرة التعمير ولكنها جاءت بالراحل رفيق الحريري رئيسا للوزراء كوكيل ضامن لسير العملية العمرانية وعودة مردودها لا سيما السياسي ليصب في مصلحتة نفوذها الإقليمي ويكون خصما على المحور الإيراني الذي كان قدأنشب أظافر هيمنته في رقبة ذات البلد النازف..رغم أن الحريري لا يملك الخلفية السياسية الكافية لإدارة وطن مفكك في فورة صراعاته مثل لبنان ..لكن الأمر من وجهة نظر من أوكلوا له المهمة يتطلب عقلية استثمارية تلعب دورالواجهة لحركة دبلوماسيتها الموازية !

الان بات جليا إن فرصة لجوء نظام البشير للمؤسسات الدولية الدائنة منعدمة لان حركتها في إتجاه تقديم أية قروض جديدة لا يمكن إلا أن تتم عبرتزكية الدول الكبرى وهي لن تفوت للبشير ونظامه فرصة تصفية الحسابات عن كل كلمة تفوه بها في لحظة هواجته الخطابية أورعونة مواقفه التي ظنها ستذهب أدراج الرياح لفرط جهله بأن تلك الدول تقوم سياساتها على تراكمات الرصد الإستخباراتي الذي ينتهج سياسة الجزرة عند التظاهر بالرضاء لإستحلاب المعلومة والفائدة من ثدي غباء الديكتاتور ..واستخدام العصا في لحظة إنكساره وأحيانا يكون التعامل عكسيا حسبما يستوي من توقعات في مطبخ الخيال والتوقعات لديها على نار الذكاء الخبيث !

فهل يجثوالبشير أو قل قد جثا فعلا على طريقة الأفلام الهندية متودداً بأكف الذل لغريمه الذي سيركب على فزرة ظهره ويعود وكيلاً لإدارة استثمارات ودعومات جماعته الجدد ..مقتسما الحكم أومتسيداً من جدديد ..بعدأن يحددوا هم للبشير من الذي سيذهب ومن الذي يرغبون في بقائه من حوله!

خاصة وأن التقارب مع تركيا ومحاولة جرجرة أشرعتها قريبا من الساحل السعودي قد زادت من خوف حكومتها من خطورة ذلك المنحى..فجعل عقلية محمد بن سلمان الغضةالشباب تتبع أسلوب المناورة في مساحة عقل المشير الضيقة والشائخة بما يضمن شره حيث أنها لا ترى فيه خيراً إلا بمقدار ما يقدمه من تنازلات على حساب كرامة شعبه أومن دماء أبنائه ضحايا طمعه !

فمن لا يملك القدرةعلى توفير قوت شعبه ..مهما ملك من قوة يضربها حول نفسه فلن يستطيع حماية حكمه ..ويظل خيار ترك البلاد بكلياتها سبية لمن يدفع أكثر نظير ضمان بقائه هوخيار العلاج الأبرد على البشير من الكي بنيران غضب شعبه ..الذي بدأ في نظرالمحبطين والمتشائمين محض شرارة لن تحرق اصابع النظام ..وماعلموا لعدم قراءتهم لأسطرالتاريخ التي لا يتبينها نظرهم القصير بأن كل الحرائق الكبيرةأو غيرها من أحجام اللهب وتاثيراتها كانت جنيناً في رحم أصغر الشرر!

[email][email protected][/email]