آخرهم فيصل حسن إبراهيم .. نائب رئيس (الوطني) .. رجال مرّوا من هنا

الخرطوم .. عبد الرؤوف طه

بعد مفاصلة الإسلاميين الشهيرة في العام 1999م ظل المؤتمر الوطني متمسكاً بنظامه الأساسي دون تعديل وذلك من خلال التمسك بنظام الأمانة العامة، حيث اختير بروفيسور إبراهيم أحمد عمر أميناً عاماً خلفاً للراحل د. حسن الترابي، وظل في الموقع في الفترة ما بين 2000 إلى 2005م.
بعدها قام الوطني بتعديل نظامه الأساسي واعتمد مبدأ الرئاسة لإدارة شؤون الحزب، بمعنى أن يجمع الرئيس ما بين رئاسة الدولة والحزب في وقت واحد بعكس ما كان سائداً قبل المفاصلة، حيث كان الرئيس جزءا من الأمانة السياسية مع وجود أمين عام يعتبر المسوؤل التنظيمي الأول بالحزب ويمكنه محاسبة الرئيس.
وفي أعقاب التعديل، وبموجب النظام الأساسي أصبح نائب الرئيس للشؤون التنظيمية بمثابة الأمين العام ويقوم بأدواره. وتعاقب على المقعد منذ إنشائه أربعة أشخاص وهم د. نافع علي نافع، وبروفيسور إبراهيم غندور، والمهندس إبراهيم محمود ثم حل فجر (الخميس) د. فيصل حسن إبراهيم.
أول وأطول:
يعد د. نافع علي نافع أول شخص يشغل منصب نائب رئيس حزب المؤتمر الوطني بعد تعديل النظام الأساسي للحزب حيث تم اختيار نافع للموقع في العام 2006م وظل بموقعه حتى العام 2013م. وقبل وصول د. نافع إلى سدة التنظيم، كان يعمل وزيراً لديوان الحكم الاتحادي وأميناً سياسياً بالحزب.
جدير بالذكر أن من يكلف بمنصب نائب رئيس الحزب يتم تعيينه تلقائياً في منصب مساعد رئيس الجمهورية وجمع نافع بين الموقعين طيلة سبع سنوات.
تعد فترة د. نافع علي نافع من أقوى وأزهر فترات من مروا على هذا الموقع بالحزب بشهادة مراقبين، إذ جاء تكليفه بعد توقيع اتفاقية السلام الشامل (نيفاشا ? 2005) وهي مرحلة كان تتطلب رجلاً يمتاز بالقوة والحسم والدربة التنظيمية بغية بناء حزب قوي يستطيع التنافس مع القادم الجديد (الحركة الشعبية بقيادة جون قرنق).
بالفعل تمكن نافع من إرساء مؤسسات تنظيمية راسخة وبناء قواعد تنظيمية في كل ولايات السودان ذلك في الفترة ما بين (2006م إلى 2010م) وفي 2010 شهدت البلاد انتخابات شرسة انتهت بفوز الوطني بمنصب الرئيس وبمنصب الوالي في 14 ولاية من جملة 25 ولاية عطفاً على الفوز بمقاعد برلمانية مؤهلة على المستويين الولائي والقومي، وفوق ذلك اكتسح سباق الرئاسة بفوز مرشحه الرئيس عمر البشير على منافسين أبرزهم رئيس حزب الأمة القومي، الإمام الصادق المهدي، وسكرتير عام الحزب الشيوعي، الراحل محمد إبراهيم نقد، والأمين العام للحركة الشعبية ياسر عرمان.
الشاهد في الأمر أن زمان انتخابات 2010م، شهد تفلتات تنظيمية كبيرة داخل الوطني تعامل معها د. نافع بحسم وصرامة حيث قام بفصل عدد من القيادات الحزبية بعد ترشح عدد من أعضاء الحزب كمستقلين لمنصب الوالي، فكان أبرز المفصولين وقتذاك باكاش طلحة وآخرين.
أيضاً من أصعب المراحل التي مر بها نافع في إدارة حزب المؤتمر الوطني هي مرحلة فصل 30 قيادياً من الحزب تقدمهم د. غازي صلاح الدين، وحسن رزق، وفضل الله أحمد عبد الله، بعد تقدمهم بمذكرة تصحيحية لرئاسة الجمهورية تطالب بالتراجع عن الإصلاحات الاقتصادية التي أعلنتها الحكومة في 2013م.
وبعد تقديم المذكرة شُكلت لجنة محاسبة برئاسة أحمد إبراهيم الطاهر انتهت بفصل عدد كبير من أصحاب المذكرة، وتجميد نشاط آخرين في الحزب.
شهدت فترة د. نافع أيضاً تقديم مذكرة (الألف أخ) التي انتقدها الرئيس البشير بنفسه وتوعد بمحاسبة أصحابها.
ولكن عقب انجلاء عاصفة المذكرة التي تحولت لمجزرة تنظيمية، تم إعفاء د. نافع علي نافع من موقعه في الحزب والدولة وذلك بعد إعلان وثيقة الإصلاح داخل الوطني، وبذلك يعد نافع من أكثر المعمرين في منصب نائب رئيس حزب المؤتمر الوطني.
حضور قصير:
في خواتيم العام 2013م تم تعيين بروفيسور إبراهيم غندور مساعداً لرئيس الجمهورية ونائباً له بحزب المؤتمر الوطني. قبلها كان الرجل يشغل منصب أمين العلاقات الخارجية بالحزب.
تسلم غندور الموقع خلفاً لرجل الحزب القوي د. نافع علي نافع وكان أمامه تحدٍّ كبير تمثل في المحافظة على شكل ومضمون الحزب كما تركه سلفه د. نافع.
في ذات الوقت كان أمام الرجل عام واحد فقط يفصله من الانتخابات الرئاسية التي جرت في أبريل 2015م حيث حاول بشتى السبل المحافظة على الوطني وتماسكه التنظيمي، ونشط في معالجة الأزمات التنظيمية الداخلية، حيث طار في العام 2014م لبادية مستريحة وجلس مع القيادي بالوطني موسى هلال الذي كان مغاضباً يومذاك وبات قاب قوسين أو أدنى من مغادرة صفوف الحزب.
وبالفعل نجح غندور في إقناع هلال بالبقاء بالوطني. في ذات الوقت وجد غندور الوطني يعاني من جرح المجزرة التي طالت قيادات بارزة طالهم الفصل على رأسهم غازي صلاح الدين. وسعى في فترة إدارته للحزب إلى تجنب الوقوع في الخلافات التنظيمية التي تؤدي لتشرذم الحزب، وتمكن غندور من إدارة حملة الحزب الانتخابية في أبريل 2015م بحنكة عالية دون خروج أي شخص من الحزب والترشح بصفته مستقلاً كما حدث في عهد نافع، بيد أن غندور تعرض لانتقادات لاذعة حيث يري البعض أن الحزب فشل في حشد عضويته للانتخابات وغابت التعبئة وكانت أصوات الفائزين بمناصب الولاة والدوائر القومية هزيلة بل حتى الأصوات التي حصدها الرئيس البشير في تلك الانتخابات كانت متراجعة مقارنة بانتخابات العام 2010م، بعد مرور شهرين من الانتخابات تم إعفاء غندور من موقعه في رئاسة الجمهورية والحزب وتعيينه وزيراً للخارجية.
وضع مختلف:
في أعقاب إزاحة غندور من موقع نائب رئيس حزب المؤتمر الوطني تم تكليف الباشمهندس إبراهيم محمود حامد خلفاً له في منتصف العام 2015م. وشكل اختياره مفاجأة لعدد كبير من المراقبين خاصة أنه عرف بالعمل التنفيذي أكثر من التنظيمي. وتكهن البعض بعقبات ومتاريس بانتظار الوافد الجديد، خاصة وأن منصب نائب رئيس الحزب يعد بمثابة الكرسي الساخن.
حاول حامد المضي في طريق أسلافه، بيد أن عدم تشبعه بالعمل التنظيمي جعله في حالة صراع دائم مع تيارات الوطني وأجنحته المختلفة خاصة أن الوطني حزب عريض القاعدة والقواعد، فشهدت فترة محمود خلافات تنظيمية حادة في عدد من الولايات أبرزها الجزيرة التي فشل حامد في حل صراعاتها لدرجة جعل الرئيس يتدخل بنفسه ويعلن حالة الطوارئ في الولاية وذلك عقب تصاعد الخلافات بين قيادات الوطني بالجزيرة في الجهاز الحزبي والتنفيذي والتشريعي.
ثم شهدت ولايتا البحر الأحمر وكسلا صراعات لم يتمكن محمود من حلها ما جعل البعض يصمه بالضعف التنظيمي.
يحسب لمحمود في فترة تسنمه موقع نائب رئيس الحزب التي بلغت ثلاث سنوات أنه كان فاعلاً في صفوف الحوار الوطني، وإكمال ما بدأه إبراهيم غندور. المهم أنه بعد ثلاث سنوات قضاها في موقع الرجل الثاني بالحزب تمت إزاحة إبراهيم محمود وتكليف شخص آخر بديل له.
الوافد الجديد:
على طريقة اختيار نافع علي نافع الذي كان يعمل وزيراً للحكم الاتحادي قبل تعيينه مساعداً للرئيس ومسوؤلاً عن شوؤن الحزب؛ تم أمس (الخميس) اختيار وزير الحكم الاتحادي فيصل حسن إبراهيم مساعداً للرئيس ونائباً له في حزب المؤتمر الوطني.
ويعد الوافد الجديد من المميزين في العمل التنظيمي منذ وقت مبكر وشغل عدة مواقع تنظيمية آخرها رئيس قطاع التنظيم في 2017م، قبل أن يغادر موقعه لفترة وجيزة، ثم عاد مسؤولاً أول عن شؤون العضوية.
تتنظر الوافد الجديد مهام صعبة أهمها حسم الصراعات التنظيمية التي تضرب الوطني هذه الأيام خاصة بعد انقسام قيادات وعضوية الحزب حول مرشح الحزب لرئاسة الجمهورية في انتخابات 2020م. كذلك من التحديات التي تنتظر فيصل إبراهيم هو قيادة معركة الانتخابات المقبلة والتعبئة لها والمحافظة على الوطني دون حدوث مفاصلة ثانية يقول كثيرون إنها في الأفق.

الصيحة.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..