أخبار السودان

(25) حَدَثاً يَجلسون لأداء الامتحانات وغياب أمّهاتهم

الخرطوم: رجاء نمر

داخل مركز الامتحانات رقم (296) بولاية الخرطوم محلية بحري داخل السجن الاتحادي كوبر، جلس للامتحانات (23) طالباً بينهم (7) مَحكومين بالإعدام?
(التيار) أمس كانت حضوراً للوقوف على سير الامتحانات في اليوم الثاني.. جميع الطلاب مُنغمسون في أوراقهم.. دقائق مرت سريعاً خرج الطالب (خ) محكوم تحت المادة (130) القتل العَمد كان مُبتسماً وهو في العقد الثاني من العمر، قال إنّه تمّت مُحاكمته وآخرين بالإعدام، وإنّ أحداث قضيته تعود إلى مُشاجرة حول أراضٍ مات خلالها ثلاثة أشخاص، وأضاف أنّ الرغبة كانت لديه وانه وجد البيئة في السجن، وأضاف: (ما في زول كبير على العلم) سأواصل القراءة ولن أفقد الأمل في الحياة، وأنصح الجميع خاصة الشباب تفادي الغضب وتعلم ثقافة الاعتذار عند الخطأ وطاعة الوالدين وسماع كلام الكبار عند النصح وأن لا نخالف وصية الأم خاصّةً والعمل بها.
السجن إصلاحٌ:
وقال النزيل (?) وهو مُتزوِّجٌ وأبٌ لأطفالٍ، إنّه تبقّت له أيام لمُغادرة السجن الاتحادي الذي مَكَثَ به ثلاث سنوات مُطالبٌ فيها بمبلغ فاق المليار جنيه، قال: سأواصل تعليمي، وأحمد الله على هذه الفترة التي قضيتها داخل السجن، حيث أنّني تعلّمت الكثير لقد وفّرت لنا إدارة السجن بيئة جيدة شجّعتنا على القراءة.. أعتقد أنّ كثيرين سينخرطون في التعليم خلال السنوات القادمة بفضل الأسلوب الذي يتّبعه مدير السجن اللواء سعيد وتوفير كل ما يطلبه المُمتحنون يقول لنا بالحرف (عايز المدرسة تستمر)، وأوصي نفسي وأي رب أسرة الابتعاد عن القضايا التي تقود إلى السجن!:
أسلحة وذخائر:
أمّا النزيل (?) قال إنه دُهش لما رآه من جرائم لم يسمع بها في حياته، حيث أنه يوُاجه تهمة تهريب السلاح وحكم عليه بعشرين عاماً، قال إنه تم ضبطه في عملية تهريب أسلحة وذخائر!! لم أعلم أنّ ما أقوم به فيه خطورة وهلاك.. كنت اعتبرها تجارة.. عرفت كل ذلك عقب دخولي السجن الذي تعلّمت فيه الكثير، انحصر تعليمي في الخلوة ولم أتردد في الانخراط مع زملائي في القراءة وسأواصل بلا انقطاع، وأوصي الجميع الالتزام بالعمل.
اهتمامٌ خاصٌ:
جلس (220) نزيلاً بسجون البلاد لامتحانات شهادة مرحلة الأساس، بينهم (9) محكومين بالإعدام، وقال مدير الإدارة العامة للسجون والإصلاح اللواء شرطة حقوقي حاتم النور قال إنّ إدارته تُولِّي أمر التعليم عنايةً كبيرةً، وأكّدَ لدى تفقُّده صباح أمس (الثلاثاء) عددا من مراكز امتحانات سجون ولاية الخرطوم، اكتمال الاستعدادات كَافّة من تهيئة بيئة مثالية لكل النزلاء المُمتحنين، مُوضِّحاً أنّ هناك (23) نزيلاً جلسوا لامتحانات الشهادة السودانية بمركز السجن الاتحادي كوبر، بينهم (7) محكومين بالإعدام.
من داخل السجن القومي الخرطوم بحري، أوضح اللواء شرطة سعيد ضحية بخيت مدير إدارة السجن الاتحادي كوبر، أنّه معروفٌ بأنّ شعار السجن المرفوع هو الإصلاح والتهذيب، وفي تقديري أن أهم آلية من آليات الإصلاح هي التعليم والتدريب والتأهيل المهني، ونهتم جداً بالتعليم في جميع المراحل بدءاً من إزالة الأمية، مُروراً بمرحلة الأساس والثانوي والجامعي وفوق الجامعي لقناعتنا من خلال عملنا بارتفاع نسبة الأمية في الجرائم المُرتكبة خاصةً جرائم العنف، ولابد أن نختط منهجاً بغرض إصلاح أولئك النزلاء عن طريق التّعليم وحتى يتثنى للنزلاء تطوير مقدراتهم الاستيعابية وتغيير مفاهيمهم!
محكومون بالإعدام:
الأعداد تتغيّر وفقاً للموجودة في السجن، وأعتقد أن هنالك زيادة، العام الماضي كانوا (18) والآن (23) نزيلاً، حيث ان مشاركة محكومي الإعدام في الامتحانات بين الجالسين (7) نزلاء محكومين الإعدام وهذا مؤشر لتخطيهم مرحلة اليأس وهذا نتاج للعمل الذي تقوم به إدارة السجن من تأهيل نفسي واجتماعي، ولدينا مكتب للخدمة الاجتماعية ونعمل بمفهوم الحديث الشريف يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن قامت الساعة وبيد أحدكم فسيلة فاستطاع ألا تقوم حتى يغرسها فليغرسها فله بذلك أجر)).
ونحن لا نستثني محكومي الإعدام باعتبار أنّهم سيرحلون قريباً، ولكن نغرس فيهم الأمل وعدم اليأس من رحمة الله وبالتالي نقنعهم بأنّه ليس هنالك ما يمنع انخراطهم داخل مراحل التعليم المختلفة، واذكر قبل عامين تشرّفنا بزيارة من ادارة جامعة النيلين، حيث أشادوا بمجهودات إدارة السجن، وأن عدداً من النزلاء المحكومين بالاعدام حضّروا للدكتوراه من داخل السجن.. رئيس كرسي النيلين لمنظمة الشفافية لمكافحة الفساد أكد أن حقوق الإنسان مستوفاة من خلال ما رأي من جهدٍ مبذولٍ وهذه حقيقة لدينا كنيسة داخل السجن وهذا يؤكد ما ورد في الدستور السوداني احترام حرية المعتقدات الدينية والروحية وكل الزيارات متاحة لأسر النزلاء واقمنا زواجا جماعيا للنزلاء ولأخذ حقوقهم الشرعية قُمنا ببناء قسم خاص بالخلوة الشرعية، شُيِّدت بجهد من رجل البر عصام الشيخ وكل الحقوق الأخرى متاحة للنزلاء وكوّنا فرقة موسيقية مكونة من (15) نزيلاً يشرف عليها أستاذ موسيقى.
(1611) نزيلاً:
عدد النزلاء غير ثابت وقابل للزيادة والنقصان.. (1611) نزيلاً الآن بسجن كوبر، وفي الآونة الأخيرة على مدى السنوات الأربع، ظهرت جرائم مُستحدثة ومُزعجة وتُهدِّد الأمن القومي وهي جرائم الأسلحة والذخائر والإتجار بالبشر وهذه إفرازات مربوطة بدول الجوار الشرقية والغربية، إضافةً إلى الحروبات، وإلى جرائم المعلوماتية وسجن كوبر نوعي مُناط به استقبال أحكام كبيرة الإعدام والتأبيدة ومُعتادي الإجرام والآن أصبحت الجرائم المُستحدثة.
الأجانب الآن (180) نزيلاً أجنبياً من دول مختلفة وجرائمهم عنف وحشيش وتزوير وتزييف عملة، ولدينا جميع المراحل التعليمية من داخل سجن كوبر محو الأمية والأساس والثانوي وسيجلس للشهادة الثانوية من داخل سجن كوبر 46 نزيلاً ويجدون رعاية لمواصلة تعليمهم في الجامعات عن طريق التعليم عن بُعد أو الانتساب بالتنسيق مع إدارة الجامعات لتوفيق أوضاع النزلاء، حيث أنّ التعليم حَقٌ مَنصوصٌ عليه في التشريعات الوطنية والدولية ما يُسمى بقواعد الحد الأدنى لمعاملة النزلاء التي تنص على أنّ من حق أي نزيل تلقي تعليماً عاماً، نحن تخطينا هذه التشريعات ونرعاهم ما بعد التعليم العام والتعليم العالي وفوق الجامعي.
داخل دار الفتيان:
وشملت جولة (التيار) دار الفتيان ببحري، والتقت بالمقدم شرطة رقية علي عبد الله مدير دار تربية الفتيان ببحري، وقالت: اليوم الثاني للامتحانات.. والدار هي مركز للامتحانات ويجلس (25) حدثاً و(22) آخرين للمرحلة الثانوية وهنالك هدوء في الأحوال ونتوقّع النجاح للجميع ونسبة النجاح في العام الماضي كانت (80%).
إجراءات مُهمة:
وقالت: هنالك إجراءات مُتّبعة وفق القانون تكتب تقارير كل ثلاثة أشهر من قبل الباحث الاجتماعي والنفسي عن الأحداث تتم خلالها تقييم سلوكه، والقضاء يتحفظ في جرائم القتل والاغتصاب، ولا يتم الإفراج عنه إلاّ بعد أن يتم التأكُّد التام من أن الحدث سلوكه أصبح قويماً، وهنالك أحداثٌ ارتكبوا جرائم اغتصاب وسُلُوكهم تَحَسّن في الدار، ومُعظم جرائم الأحداث بسبب التفكُّك الأُسري لأن الحدث يجد نفسه في فراغ وضحية لأصدقاء السوء، ونعمل على تأهيله من خلال البرامج الروحية والدار في كل الأحوال لا يُمكن أن تكون الأسرة البديلة لكن بقدر المُستطاع نحاول تهيئة أجواء أسرية لهم.
تَواصلٌ ضَعيفٌ:
وقالت: هنالك أطفال من الولايات التّواصل ضَعيفٌ جداً مع أسرهم لا يسألون عنهم ونُحاول إيجاد أرقام تلفونات، وكنت أتوقّع أن تكون أمهات الأطفال المُمتحنين حُضوراً للتشجيع، والإدارة العامة قائمة بدورها، إضافةً إلى المُنظّمات وفاعلي الخير يكملون كل النواقص.. الأحداث ما بين (17 و18) وهنالك أحداث فترة عقوبتهم تمتد إلى سن الـ (18)، من المُفترض أن تكون هنالك دار شباب يتم تحويلهم إليها لتكملة فترة العقوبة، حيث أن المدة المُقرّرة عشر سنوات حسب الجنحة، ولكن ليس لدينا حدث اكمل هذه المدة، اقصاها خمس سنوات وهم محكومو (130).
(اللوم) على العولمة:
قالت الأستاذة تهاني خوجلي العجمي باحث اجتماعي بدار تربية الفتيان، إنّ الطلاب يجدون الدعم من إدارة الدار والأساتذة ووزارة التربية والتعليم وكل الإجراءات مُكتملة، ونُشيد بالدعم والتعاون التام من نائب رئيس القضاء مولانا محجوب الأمين، حيث قام بإرجاء كل الجلسات للمُنتظرين إلى حين انتهاء الامتحانات.. والعدد داخل الدار خاضع للزيادة والنقصان وحالياً يوجد (150) حدثاً، معظم جرائمهم تحت المواد (130) القتل و(139) الأذى الجسيم و(45 ب) اغتصاب و(45 ج) تحرش و(174) سرقة و(15 أ) مؤثرات عقلية.
الاغتصاب والسرقة:
وأشارت إلى أنّ جريمتي الاغتصاب والسرقة هي الأعلى، وقالت إنّ أسبابها تعود إلى حالات انفصال الأبوين وزواجهما ويكون الطفل ضحية.. وبالنسبة للاغتصاب وتزايد معدلاته يعود إلى العولمة والهواتف الذكية!! وهنالك قضية الآن تنظرها محكمة الطفل، طفلٌ عمره (17) عاماً اغتصب طفلة، وعندما أُجريت له دراسة حالة، عرفت أنّ السبب الرئيسي هو الهاتف وما شاهده من مقاطع فاضحة من النت قام بتطبيقه على طفلة.. هذا الطفل ضحية الهواتف الذكية وعلى الأسر الانتباه إلى أطفالها والتحكم في القنوات التلفزيونية وتشفيرها حماية لأطفالهم!! ولكن الحدث يُمكن أن يُعالج بالبرامج التوعوية ولدينا الآن طلاب في الجامعات ويجدون متابعة من أسرهم الإصلاحية مُعظمها من ولاية الخرطوم (8) أطفال.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..