قال إنها بلغت (120) حزباً (الوطني) والأحزاب .. دعوة لـ(التكتُّل) بعد تفكيك

الخرطوم: نجاة إدريس
لعل الحزب الحاكم الذي اتهمته المعارضة من قبل أنه السعى لتفكيك الأحزاب السودانية وتقسيمها وتشظيها بغرض إضعافها، هو نفسه الآن الذي يسعى لتوحيدها ثانية- وهو يرنو من بعيد لانتخابات م2020، ووفق صحف الأمس، فقد دعا مساعد رئيس الجمهورية ونائب رئيس المؤتمر الوطني لشؤون الحزب د. فيصل حسن إبراهيم إلى ضرورة تكتل الأحزاب المتوافقة في الرؤى والأهداف، وذلك من أجل تقليل عدد الأحزاب – والتي بلغت 120 حزباً – في الساحة السياسية، وذلك حتى يتم خوض انتخابات 2020 وهي أكثر توحداً، وأضاف إبراهيم – لدى حديثه في المؤتمر العام لحزب الإصلاح والتنمية بولاية الخرطوم أمس الأول- بأنه ليس محموداً أن تكون هناك أكثر من 120 حزباً وحركة، ولابد أن نمضي في توحيد الأحزاب التي تتوافق على قيم ومبادئ واحدة لتكون الأحزاب قليلة العدد وواضحة الأهداف، داعياً الأحزاب الكبيرة والتاريخية إلى عقد مؤتمراتها لتعزيز وإثراء الشورى ودعم الصف الوطني .
دعوات سابقة:
سبق أن قدمت دعوات لتوحيد الأحزاب السودانية التي تناسلت حتى فاقت المائة حزب، فقد دعا مجلس الأحزاب السياسية بضرورة اندماج الأحزاب ذات الخلفيات المشتركة في كيان يضمن لها الاستقرار والبعد عن النزاع الداخلي، في وقت كشف فيه المجلس عن مقترحات لتعديل قانون الأحزاب السياسية خلال الفترة القادمة.
وقال الأمين العام للمجلس السفير ?عبد الرحمن ضرار? طبقاً للمركز السوداني للخدمات الصحفية، إن سهولة إجراءات تسجيل الأحزاب أفرز أعداداً كبيرة من القوى السياسية مما يحتم تعديل القانون لمعالجة القصور والإشكالات التي صاحبت الممارسة السياسية، مبيناً أن الكثير من الأحزاب لم تتقيد بالقرارات التي يصدرها المجلس. وأوضح ضرار أن الواقع العملي لتطبيق قانون المجلس أفرز عدداً من المشاكل القانونية التي تستوجب تعديلاً في قانونه حتى يتمكن المجلس من أداء دوره بالصورة المطلوبة.
تشظي الأحزاب:
وشهدت الأحزاب السودانية انقسامات وتشظياً لم يُشهَد له مثيل من قبل، فعلى سبيل المثال فقد انقسم حزب الأمة إلى نحو ستة أقسام منها حزب الأمة القومي، حزب الأمة، وحزب الأمة الوطني، وحزب الأمة القيادة الجماعية، حزب الأمة الإصلاح والتنمية، حزب الأمة الإصلاح والتجديد، ومثلما تشظى حزب الأمة، كان انشطار وتشظي غريمه الحزب الاتحادي والذي تشظى إلى نحو ستة أحزاب ، الحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل، الحزب الاتحادي الديمقراطي، الحركة الاتحادية، الحزب الاتحادي الموحد، الحزب الاتحادي المسجل، الحزب الوطني الاتحادي، وعلى ذلك قس بقية الأحزاب والحركات التي تحولت إلى أحزاب سياسية.
وتنص لائحة شروط تسجيل الأحزاب السودانية أن يقدم الحزب لمجلس الأحزاب السودانية عضوية تبلغ 500 عضو فقط، وإعداد النظام الأساسي (دستور الحزب) وسداد الرسوم.
قدرة أحزاب:
ولعل السؤال الذي يفرض نفسه هنا، هل الأحزب السودانية قادرة على التوحد؟
في إجابته على هذا السؤال يقطع القيادي بحزب الأمة القومي عبد الجليل الباشا في حديثه لـ”الصيحة ” أمس بقدرة الأحزاب السودانية على التوحد، ولكن هذا التوحد يعتمد على الخط السياسي، مشيراً: إذا كانت هناك تنازلات من أجل الحزب والمصلحة العامة، فإن الأحزاب يمكنها أن تتوحد، مثمناً هذا الفعل، مضيفاً أن توحد الأحزاب التي تلتقي في الأفكار يمكن أن يكون مفيداً للممارسة السياسية، مضيفاً أن هذا الأمر يستوجب التضحيات بالخاص من أجل العام كما يحتاج التوحد لإقامة الحريات وأن تكون هناك مساحات للتلاقح الفكري مع وجود بيئة سياسية راكزة.
حديث سليم:
ويضيف الباشا بأن دعوة الوطني لتكتل الأحزاب هو كلام سليم في ظاهره، ولكن هناك من ينظر من عضوية الوطني إلى أن هناك كيانات من أحزاب الوحدة الوطنية أخذت أكثر من حقها في حين فعاليتها ضعيفة، وبالتالي فهو يريد تجميعها من أجل أن تأخذ وضعاً أقل وتكون لها فاعليتها القصوى.
وختم الباشا حديثه بأن مطالبة الوطني بتقليص الأحزاب تعني بأن هناك تغييراً قادماً، فإذا كانت هناك مساحة للحريات أكبر فربما يتيح هذا الأمر للعديد من الأحزاب لأن تتوحد بمحض إرادتها على الرغم من أن هناك أحزاباً انضمت لركب المؤتمر الوطني من أجل أن تصبح في السلطة ولكن إذا كانت هناك إرادة حقيقية راعت مصلحة الحزب (الأمة) نموذجاً فإن الوحدة ستكون الخيار الأول للسياسيين، ودعا الباشا أن تتم وحدة الأحزاب على أسس إصلاحية حتى تخلق الوحدة أحزاباً ديمقراطية وتكون لها الفعالية على أرض الواقع.
غرض محدد:
السبب في تعدد الأحزاب و(كثرتها) في السودان كما يراه رئيس حزب اتحاد قوى الأمة محمود عبد الجبار في حديثه لـ(الصيحة ) يعود إلى أنها (الأحزاب) تتشكل من أجل أن تدخل في تحالفات ولتشارك بالحكومة، مشيرًا لأحزاب الوحدة الوطنية التي تتكون من حوالي (60) حزباً، وهي في الأساس حليفة للمؤتمر الوطني، منوهاً إلى أن الأدعى للوطني هو دمج مثل هذه الأحزاب أولاً وجعلها حزباً واحداً أو كتلة واحدة حتى تكون هناك مصداقية لهذه الدعوة، مضيفاً أن ما يعوق تكتلات الأحزاب ليس هو البرامج بل هي الفكرة، مؤكدًا أن معظم الأحزاب الموجودة الآن في الساحة السياسية تمت صناعتها على أنقاض أحزاب كبيرة كانت قائمة، مضيفاً أن الوطني فعل ذلك لإضعاف بعض الأحزاب .
تلاشي أحزاب:
وأضاف عبد الجبار أنه إذا تمت ممارسة حزبية راشدة وتم تنفيذ مخرجات الحوار الوطني بفعالية فإن بعض الأحزاب ستتلاشى تلقائياً مثل الأحزاب ذات الطابع الجهوي والتي أخذت حتى أسمائها من مناطق بعينها، وأضاف عبد الجبار بأن لدى حزبه مشروعاً كبيراً للسودان وللأمة جمعاء، مشيراً إلى أنه ليس هناك حزب لديه نفس رؤيتهم، ولكنه عاد ليقول قد نتفق مع حزب معين في برنامج محدد ولزمن محدد، ولكن ليس كرؤية كاملة. ونوه عبد الجبار إلى أن كثرة الأحزاب الآن ليست مزعجة بسبب أن تونس الآن بها 180 حزباً، مضيفاً أن على الدولة الآن أن تتشكل معالمها بصورة جيدة مما سيؤدي تلقائياً لتقليص عدد الأحزاب مضيفاً بأن كثرة الأحزاب الآن نتيجة حتمية للصراعات والفقر مما يعكس إخفاقات المرحلة التي يعيشها المواطنون.
تكتيك للانتخابات:
لكن .. لماذا جاءت دعوة الوطني في هذا التوقيت؟ على ذلك يجيب المحلل السياسي د. الطيب زين العابدين بقوله إن دعوة الوطني تلك ما هي إلا تكتيك للانتخابات القادمة للعام 2020 فالوطني كما يقول الطيب على صعيده الشخصي خرجت منه عدة أحزاب منه (المؤتمر الشعبي، منبر السلام العادل وحركة الإصلاح الآن) مضيفًا أن هناك كثيراً من الأحزاب تعرضت للانقسام والتشظي، وأضاف زين العابدين أن الوطني يريد أن يكسب أصوات منتخبين جدد من أحزاب أخرى ترشح منتخبه لرئاسة الجمهورية خاصة في ظل التململ الذي حدث لعضويته في شورى الوطني، مضيفاً أن هناك العديد من الأحزاب تؤيد ترشيح رئيس الجمهورية للعام 2020، وأضاف زين العابدين أن مجلس الأحزاب السودانية قد صمم بصورة ضعيفة وفقاً للقانون الذي يجعل كل من يملك خمسمائة عضو يمكنه أن يسجل حزباً.
الصيحة.