أخبار السودان

التنمية في بحر أبيض سياط على ظهر المواطن

قراءة – محمد علي كدابة

ما أن تهدأ نار في ولاية النيل الأبيض إلا وتزداد لهيباً مرة أخرى، وما أن تنتهي أزمة إلا ويشتد أوارها تارة أخرى، ومنذ أن تولى د.عبد الحميد موسى كاشا زمام أمر الولاية وتعيينه والياً لها، بعد أن استقبلته الجماهير وخرجت له في طريق الأسفلت (الخرطوم ? كوستي)، تحمل آمالها التي تبددت بعد أن تسلمت حكومة الولاية راية الدورة المدرسية (26) من ولاية شمال كردفان، وحينها فرضت الولاية جبايات حتى على (روث) البهائم وتحويل الرصيد، وكذلك السلع الاستهلاكية، عبر قرار من مجلس تشريعي الولاية باقتراح من الوالي الذي وافق عليه المجلس التشريعي بالإجماع، حيث فرض المجلس رسوماً على المواصلات والطالب تتراوح قيمتها ما بين 60 قرشاً حتى جنيهين، بجانب الاستقطاع لفترة عام كامل 20 جنيهاً من كل معلم وموظف في الولاية، من أجل مشروعات تنموية لفترة استمرت 9 أشهر أعلنوها للمواطن، مصاحبة للدورة المدرسية، وجمعت فيها مبالغ مليارية غير النفرات والتبرعات الخارجية والداخلية بما فيها مليار لكل ولاية، والذي رفع فيها شعار مليار لأهل الدار بالسارينا والبساط الأحمر.

وعد كاشا محليات الولاية التسع بتنمية مقابل ما يدفعونه من جبايات خاصة بالدورة المدرسية، وتبرعات خاصة من كل قرية وفريق وجميع القرى والفرقان في بحر أبيض ساهمت في نفرة الدورة المدرسية، لكن تفاجأت بوعود سراب، وتحولت المشاريع لإنشاء استاد ومسارح، وبدأت تروج للحفلات وتستجلب فنانين وفنانات يغنون للدورة المدرسية لتحقق بحر أبيض قصب السبق فيها (تقليعة) جديدة في استقبال الفنانة ندى القلعة لإحياء حفل ساهر في استاد كوستي، بعد أن استقبلت بالسارينا وفرشوا لها البساط الأحمر، ومنحها (كأس) ملاعب، والتقطوا معها الصور التي تلقفتها الأسافير وباتت مثار تهكم وسخرية، وجلعت المخاوف تدب من جديد لمواطن بحر أبيض الذي كان يتعشم في تنمية تقيه شر العطش، الذي ما زال يهدد الآلاف من المواطنين الذين ينتابهم الهلع والذعر من عودة وشيكة للإسهالات المائية في ظل غياب تام للبيئة الصحية التي تدهورت بالإهمال وانشغال الولاية بتشييد منشآت ليست من أولويات المواطن، من أجل حدث لحظي وهو فترة قصيرة جدا، لا تستحق الصرف وتبديد الأموال دون سندات وبنود صرف حقيقية أكدها المراجع العام المركزي والولائي بجملة تفوق الـ(171) مليار جنيه تجاوزات ومخالفات المال العام.

بدعة جديدة
وما أن أتى موعد قيام الدورة المدرسية آنذاك إلا وأن هب المواطنون وضربوا أروع الأمثلة في إكرام وسط تسابق حميم شهدت به الوفود الزائرة للولاية، لكن حكومة الولاية لم تعر كل هذا اهتماما، ووضعت شعارا للدورة المدرسية (دورة البر والبحر والجو)، كان الغرض منها زيادة العبء في المنصرفات بالنقد الأجنبي وتستجلب طيارين أجانب (بمناطيد) لترفع رأسك وتنظر لبرهة وتجد ما دفعته في الجباية ذهب في السماء، وما عليك إلا أن تلوح بيدك مودعاً إياه.

مشروعات الدورة المدرسية
مضت الدورة المدرسية إلى سبيلها ولم تكتمل فيها منشأة واحدة حتى استاد ربك الدولي، الذي أعلن عن افتتاحه كأبرز مشروعات الدورة المدرسية ومسرح كوستي وربك، فهذه هي المشروعات التنموية الوحيدة في الولاية حتى الآن في حكومة كاشا، فضلا عن مشروعات الجهد الشعبي، أبرزها مستشفى جموعة عبد الباسط حمزة في ربك، وحتى مستشفى كوستي الذي بدأت فيه أول نفرة لم يجد اهتمام الولاية، مما جعل حادثة مقتل السائح السعودي تكشف عن رداءة الخدمة بعد رفض ذويه إدخال جثته للمشرحة وفضلوا تشريحها في الخرطوم، الشاهد في الولاية أن التنمية مفقودة وزيارة رئيس الجمهورية ستكشف الخطير عنها، حتى مشروعات الضمان الاجتماعي لم تقم في الجبلين وقلي والسلام.

ظهور الإسهالات
وبعد أن مضت الدورة المدرسية إلى سبيلها ظهرت الإسهالات المائية لتكشف مواقع الخلل في التنمية وتضع لها الولاية خارطة صحية وإعلانها مبكرا حتى يتم تلافيها، لكن حكومة الولاية فضلت التستر عليها حتى انتشرت وعمت جميع قرى الولاية وأودت بحياة المئات من المواطنين الذين ساهموا في نفرة الدورة المدرسية من أجل الخدمات وإرساء مشاريع تنموية تقيهم من مثل هذه الأمراض الفتاكة المعروف مصدرها، وحينها كان من الممكن للولاية أن تستنفر الطاقات وتقيم مشروعات للمياه حتى تقنع السكان بأنها تعمل لأجلهم، وما أن انتهت كارثة الإسهالات المائية التي تبرأت منها حتى ولاية الخرطوم على لسان وزير الصحة مأمون حميدة في مؤتمر صحفي حمّل فيها النيل الأبيض مشكلة تفشي الإسهالات بسبب إخفاء المعلومات عنها.

قضية طلاب دارفور
وظهرت بعدها قضية طلاب دارفور بجامعة بخت الرضا التي تداولتها وسائل الإعلام الدولية وراح ضحيتها اثنان من منسوبي شرطة الدويم حتى ظهرت، وكان من الأفضل أن تتم داخل أسوار الجامعة، لأنها كانت بسيطة قبل أن تشتعل وتشغل الرأي العام بعد أن اعتصم الطلاب في منطقة الياقوت بعد أن رُفض دخولهم للخرطوم، وتدخل المركز بعد رجوع الطلاب إلى مناطقهم ليعودوا عبر ضمان من ولاياتهم لتنتهي المشكلة دون أي دور فيها لحكومة الولاية، بعد أن جلبت أزمة مركزية، ثم ظهرت قضية اغتصاب (7) معلمات من قبل لاجئي معسكرات الجنوب في الولاية، وهذا يوضح ضعف حكومة الولاية وعدم مراقبتها، وتناقلتها الوسائل الإعلامية الدولية لتصبح قضية رأي عالمي على السودان.

سقف مرتفع
الشاهد لحال الولاية الآن يجد لتأجيل زيارة رئيس الجمهورية لأربع مرات متتالية؛ مبرراً واضحاً، بحيث إن الزيارة تتطلب مشروعات حقيقية على أرض الواقع أسوة بولاية شمال كردفان لترفع سقف المشروعات التنموية وزيارة رئيس الجمهورية عالياً على حكومة كاشا، التي ترفض حتى الحديث عنها وتنكر مجرد إعلان زيارة رئيس الجمهورية التي حددت رسمياً بموجب خطاب من ديوان الحكم الاتحادي، خاطب فيها الولاية بأن زيارة رئيس الجمهورية في الثاني من مارس الماضي وتأجلت حتى تاريخه.

قرارات ذهبت أدراج الريح
(لن نأكل أموالكم بالباطل)، كلمة خرجت من فم والي النيل الأبيض (كاشا) إبان توليه زمام الحكومة بولاية النيل الأبيض، خلال اللقاء الجماهيري الحاشد لدى استقباله بالولاية, وتحدث الوالي في أكثر من منبر في نفس الشأن، وحينها جاء دور تكليف الحكومة والتي أرسل خلال تعيينها عدة رسائل للوزراء فظنها مواطن الولاية أن تلك الرسائل طوق النجاة من المحسوبية ولكنها بانت سراباً.
وبدأ كاشا بإصلاحات في الخدمة المدنية بالإعفاء والتعيين، ظناً منه أن هذا الأمر يحقق الغرض، ولكن سرعان ما ظهر الخلل وأصبحت القرارات تتوالى من حكومة الولاية، والدليل التعديلات في وزارة المالية بتعيين عدة مديرين للوزارة التي تشكل بعبعاً مخيفاً في كيفية الولاية على المال العام, هل أوفى كاشا بعهده مع الجماهير؟ الإجابة تكفي من العنوان, بدأت حكومة الولاية بالنفرة الصحية التي فشلت ففشلا ذريعا ينظره القاصي والداني، وذلك من خلال التدني الكبير في الصحة وعجز حكومة الولاية عن تلافي حالة الإسهالات المائية التي ضربت الولاية ووفاة العشرات جرائها، وقابلتها حكومة الولاية بأنها (إسهالات واتساب), هل أعادت حكومة الولاية الخدمة المدنية لوضعها الطبيعي، قطعاً لا.. وكان المواطن يحلم بتقديم خدمة تنموية أو إصلاح الزراعة ومعاش الناس، ولكنها تحاول جاهدة لإكمال الاستادات والمسارح.. قطعا أن المواطن لا يحتاج لكل ذلك، وإنما يحتاج لإصلاح البيئة التعليمية وخدمات المياه والكهرباء والصحة, وتعاني عدة مناطق بالولاية من شح المياه والحصول عليها، فيما بدأت الحكومة في تنفيذ خطة (زيرو عطش) على مستوى رئاسة الجمهورية، وأين وصل هذا البرنامج ومدى تنفيذه بالولاية، بل حدث انهيار بأحد السدود المائية في النيل الأبيض، مما أثار حفيظة وزارة السدود الاتحادية جراء الإهمال.

شكوى لا سند لها
الخبر الذي نشرته صحيفة (مصادر) عن تأجيل زيارة رئيس الجمهورية لولاية النيل، حرك المياه الراكدة في الولاية حتى ضجت به الأسافير وأظهر الغبن البائن لإنسان بحر أبيض تجاه حكومة الولاية، لتجد نفسها أمام ثورة حقيقية وتظاهرة إسفيرية بها تكذيب لكل مدعٍ بوجود تنمية في الولاية، بعد أن حملت الخبر الذي نشرته (مصادر) وجابت به كافة مواقع التواصل الاجتماعي، معلنة وقفتها وصحة ما ورد بالصحيفة في الدعوى القضائية التي رفعها والي ولاية النيل الأبيض الدكتور عبد الحميد موسى كاشا في نيابة الصحافة والمطبوعات بالخرطوم، ينفي فيها إعلان زيارة رئيس الجمهورية وتأجيلها وأزمة الوقود التي تشهدها الولاية حتى الآن، بموجب الوقائع والمستندات التي تحصلت عليها (مصادر)، وانتظمت مواقع التواصل الاجتماعي (الفيس وواتساب) حملة منظمة اتفق حولها الجميع على عدم تحقيق تنمية من أجل المواطن، وسط إجماع بالولاية في تحقيق احتياجات المواطنين من المشروعات التنموية.

تعليق واحد

  1. اتعيين و العمل في منصب الولاة في الولايات و المناصب الحكومية لمن لا شغل له او عمل و سياسة التمكين تستوعب كل العطالة عن الفكر والعمل فيها

  2. اتعيين و العمل في منصب الولاة في الولايات و المناصب الحكومية لمن لا شغل له او عمل و سياسة التمكين تستوعب كل العطالة عن الفكر والعمل فيها

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..