أخبار السودان

ولا السجنُ!!

هنادي الصديق
عشرات المناشدات يومياً نطالعها في مواقع التواصل الاجتماعي من أُسر وأصدقاء المعتقلين السياسيين، تطالب باطلاق سراحهم أو تقديمهم لمحاكمات عادلة.
ومعروف أن السجون والمعتقلات ممتلئة بأصحاب القضايا المطلبية العامة والخاصة ، ومنها الكثير التي تنتظر الحكم ، ومنهم من يطول إنتظاره لسنوات قبل أن يصدر فيها حكم المحكمة، يعانون خلال تلك الفترة أسوأ أنواع التعذيب المعنوي والنفسي.
المعتقلون السياسيون عادة هم الأكثر حظاً من المسجونين المتهمين بقضايا أخرى لا علاقة لها بالسياسة، لأنهم يجدون مناصرة ضخمة إعلامياً وإسفيرياً نتيجة وضعيتهم في المجتمع وما يجدونه من إهتمام دولي ومحلي، بينما الآخرين لا يكاد يسمع بهم إلا قلة قليلة من أسرهم وأصدقائهم، لذا فالكثير منهم يضيع حقه وهو في إنتظار محاكمة عادلة دون أن يجد من يقف معه أو يكتب عن معاناته، خاصة المظلومين منهم.
وكثيراً ما سمعنا بإضرابات عن الطعام بالعديد من سجون ومعتقلات العالم، بينما لم نسمع بذلك في سجوننا ، والآن يتسامع الناس أنه بدأ الإعلان عن خطوة مماثلة إحتجاجاً على إتجاه من قبل السلطات بمنع الزيارات العائلية أو تقليصها لفترات قصيرة جداً، إضافة للمطالبة بتحسين ظروف المعتقلات والسجون، وتحسين الرعاية الطبية، وإنهاء الحبس الانفرادي والاحتجاز دون تهم أو محاكمة.
هذا الأمر عادة ما يكون وسيلة ناجعة لايصال رسالة هؤلاء المعتقلين للمجتمع الدولي والرأي العام المحلي، بغرض الاسراع باطلاق سراحهم أوتقديمهم لمحاكمة سريعة وعاجلة.
المعتقلون في عديدمن الدول الأخرى سبقوا معتقلينا وسجنائنا الذين ينتظرون الحكم وهم يطبقون نظريات عجلت بحل قضاياهم العالقة لفترات طويلة، وهاهي الاخبار تأتي من خلف اسوار سجوننا ومعتقلاتنا تفيد بأن المعتقلين والسجناء سينظمون يوما للحرية والتعبير من داخل الزنازين وحراسات السجن يبدأ في 30 مارس الجاري حتى إطلاق سراحهم والاستجابة لمطالب النزلاء والمنتظرين.
ويشارك في هذا الفعل بحسب ماتناولته وسائل إعلام مختلفة أكثر من مائتي معتقل سياسي واقتصادي والآلاف من النزلاء والمنتظرين على ذمة قضايا جنائية مختلفة في سجون السودان كلها.
وقد أتت هذه الفكرة بعد انسداد كافة سبل التفاهم مع النظام ومؤسساته العدلية التي تمنع حتى الحق الإنساني في التداوي والتطبيب وتذيق النزلاء والمساجين والمعتقلين شتي صنوف الإذلال.
ومثلما للمعتقلين مطالب بالحرية والمساواة، للنزلاء أيضا ذات الحقوق والمطالب بحقهم في المعاملة الكريمة وتهيئة البيئة وتحسين أوضاع السجون وصولا للحد الأدنى من الوضع المتعارف عليه إقليميا ودولياً.
وكما هو متوقع في مثل هذه الأحداث ، فقد شنت إدارات السجون والمعتقلات حملات تفتيش واسعة للوصول إلى الهواتف ووسائل الاتصال التي تم بها التنسيق، وكذلك توقيف بعض الأفراد المتهمين في عملية التنسيق بين النزلاء والمعتقلين.
وكل ذلك لم يسلب عزيمة أصحاب الحقوق المهضومة والباحثين عن الحرية وتحقيق العدالة، فقد تأكد أن النزلاء والمعتقلين قد عزموا أمرهم وقرروا أن تكون الجمعة 30 مارس الصرخة الأولى والتي سيتبعها ما بعدها من داخل جدران السجون وسيسمعها كل العالم.
الحرية لكافة المعتقلين والمطالبين ببسط الحريات والكرامة والعدالة والانعتاق ، والحرية لكافة السجناء المحكومين ظلماً وما أكثرهم، والذين ينتظرون حكماً قد لا يأت قريباً وقد يلقون ربهم وهم في زنازينهم في زحمة البحث عن الحقيقة المجردة و إنتظاراً لعدل قد لا يأت.
الجريدة

تعليق واحد

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..