أين المسدس (2)؟ا

زمان مثل هذا
أين المسدس (2)؟؟
الصادق المهدي الشريف
? تحدثنا في مقال الأمس عن دعوات الحكومة لجمع السلاح من ايدي المواطنين… والتي تزايدت بصورة تكاد تعتقد فيها انّ الحكومة تقف على ابواب البيوت تنتظر خروج المواطنين من بيوتهم ودورهم لنزع سلاحهم. ? وكنا قد ابدينا راياً بخطل الفكرة وعدم مواءمتها لظروف السودان والذي يعبتر الآن… مكتوفاً ومتربعاً على فوهةِ برميلٍ من البارود قد ينفجر في ايِّ لحظة. ? ذلك لأنّ السياسيين لم يحسموا بعد قضايا الحدود وأبيي، وذلك لأنّهم لم يشكموا الحركات المسلحة في دارفور، ولم يوقعوا معها سلاماً. ? حتى أنّ بعض الحركات طفقت تقطع الطريق على قوافل المواطنين التجارية… نهباً… وهمبتةً… وقوة عين، كما حدث من حركة العدل والمساواة في الاسبوع الفائت. ? إنّ تجريد المواطنين من سلاحهم (والذي يكونُ في أقوى حالاته مسدس 9 ملي)… يساوي بالتقريب تعريض حياتهم للخطر من قبل حكومة تتردد ألف مرة في الدفاع عنهم – إذا وقعت الواقعة – لإعتباراتٍ سياسية (مثل التلكؤ الحكومي الذي حدث في يوم الإثنين الاسود). ? كما أنّ هناك عاملاً آخر يدفع الحكومة لترك سلاح المواطنين بلا تجريد… وهو انّ هذا السلاح يمنع التفكير في الغزو الغربي الذي كان متوقعاً منذ بداية أزمة دارفور… كما سنرى: ? أورد موقع المخابرات المركزية الامريكية (CIA) سؤالاً عن الاوضاع الامنية في السودان، وأجاب على السؤال في ذات المساحة. ? كان الغرض من إيراد السؤال والإجابة عنه بواسطة خبراء كما يبدو هو توفير المعلومات لمتخذي القرار الامريكيين. ? وفي ذلك الوقت اُعتبرت الإجابة رداً على جهود جون بايدن نائب الرئيس الامريكي التي هدفت لتمرير قرار من الكونغرس لغزو دارفور (ووضع حد للماساة الإنسانية المستمرة في الإقليم). ? بايدن قال أنّ 2500 من جنود المارينز يمكنهم غزو دارفور و(إنقاذ حياة الملايين من سكان الإقليم من بطش المليشيات العربية، وحفظ أعراض النساء من الإغتصاب). ? الإجابة التي أعدها خبراء (CIA) قالت أنّ السودان على غير العادة في الدول المحيطة به ينتشر فيه السلاح بصورة كثيفة لدي المواطنين، وأوردوا معلومة (أنَّ الحكومة في الخرطوم لم تستطع السيطرة على انتشار السلاح، فعززت القدرات العسكرية لبعض القبائل العربية للدفاع عن نفسها وللسيطرة على الإقليم). ? وخرجت النتيجة السردية النهائية للسؤال : بأنَّ غزو السودان بجنود أمريكيين سيكون أسوأ من غزو العراق من ناحية الخسائر البشرية. ? الشاهد في كل هذا… أنّ الحديث عن إنتشار السلاح في ايدي المواطنين كان (درعاً) واقياً للبلاد من المصير الذي ما زال العراق يواجهه حتى الآن. ? هذا عن دارفور… لكن عن الخرطوم ومدني وكوستي وغيرهنَّ من مدن السودان، فإنّ عملية جمع السلاح من المواطنين ليست أكثر من عمل سلطوي غير مدروس. ? وما يمكن أن تفعله الحكومة الآن، بعد أن (حلفت بالطلاق) وملأت فمها بضرورة تجريد السلاح هو : أن تقوم ب(تقنين) حمل السلاح، أي جعله قانونياً بأن ترخص وتسجل الأسلحة التي عند المواطنين وتتركها لهم…فقط لا غير.
التيار