أخبار السودان

الدكتور عيان.. أين يذهب الطبيب عند مرضه؟

الخرطوم ? نعمان غزالي
أطباء كُثر تحدثوا لـ(اليوم التالي) حول مرض (الدكتور) بشيء من الخوف والقلق، معتبرين أن الخدمات الصحية المقدمة للطبيب تحتاج لمراجعة، فيما رأى بعضهم أن مرض الطبيب مشكلة لأنه يرتبط بشريحة مهمة، وهي (المرضى)، فإذا حدث له أي مكروه، فإنه يمتد ليشمل (المواطنين) الذين يحتاجون إلى الخدمات الطبية بصورة يومية، وآخرون قالوا إن الطبيب يكون أكثر ألماً وخوفاً عندما يمرض لأنه يعلم ماهية المرض ومضاعفاته مما يزيد آلامه ألم آخر..
(المرض واحد)
قالاختصاصي جراحة المناظير والعظام الدكتور وليد محمد سليمان إن الطبيب مثله وباقي البشر يصيبه المرض بالأعراض الطبيعية والعادية، لكن خوفه يكون أكبر، كونه يعرف النتائج والأعراض وتأثير المرض عليه، لكن في حالة الأمراض البيسطة كالنزلات والالتهابات فإنه يعالج نفسه دون الحوجة لعرض نفسه على (زميل)، ولكن في حالات الأمراض الخطيرة كالسرطانات، فإنه قد يضطر لإخفاء الأمر والكذب على نفسه لتخفيف وقع المرض عليه وعلى أسرته، لأن الطبيب قد يخفي على المريض جوانب خطيرة من مرضه للتخفيف عليه، وتسريع شفائه بينما لا يستطيع هو إخفاء مضاعفات المرض على نفسه، لذلك يصيبه قلق مستمر قد يستمر حتى شفائه، لكن أساس المرض واحد للمريض والطبيب ?ولو جاني مريض أشعر بمرضه وكأنني أنا المريض وليس هو?. وأضاف دكتور وليد أن بعض طلاب الطب يكونون أكثر حساسية تجاه الشعور بالأعراض على ضوء ما درسوه، ويصابون بنوع من التوجس، وإذا أحسوا بأي نوع من الأعراض يتخيلون أنهم مصابون بمرض.
خوف وقلق:
أما اختصاصي الغدد الصماء والسكري الدكتور أحمد الأمين فقال إن الزملاء يعالجون بعضهم بعضاً مجاناً، وهذه سنة حميدة، ولكن في المستشفيات الخاصة والعامة (بنتعالج بقروشنا) وحتى لو اشتركنا في التأمين الصحي، فإننا لا نعمل به نتيجة للإجراءات العقيمة والطويلة، وبالنسبة لمرض الطبيب، فإنه يصاب بالخوف والقلق، لأنه يعرف النتائج ونسبة الخطورة، لكن تختلف نسبة احتمال المرض من طبيب لآخر، خصوصاً في الأمراض المستعصية، فيدخل الجانب الروحي والإيمان بالقضاء والقدر.
زامر الحي لا يطرب
رئيس الجمعية السودانية لحماية المستهلك الدكتور ياسر ميرغني، قال إن مرض (الدكتور) مشكلة لأن الطبيب يحب الحياة، خصوصاً إذا كان مرضاً عضالاً يتوجب إدخاله العناية المكثفة، فيتدافع زملاؤه لوصف العلاج المناسب، ويولونه اهتماماً زائداً، ولكن معظم الأطباء يداوون أنفسهم بأنفسهم إلا في حالة استعصى عليهم العلاج، وحتى أسرة الطبيب تكون في حالة من الحرص والقلق، لأنهم يعرفون خطورة الأمراض، لكن معظم الأطباء يسافرون للخارج في حالة الشعور بالمرض مطبقين مقولة (زامر الحي لا يطرب).
خطر محدق:
وفي هذا الإطار، يقول البروفيسور علي بلدو استشاري الطب النفسي والعصبي وأستاذ الصحة النفسية إن الأطباء أيضا يمرضون مثل غيرهم من البشر يعانون من الأمراض بأشكالها المتنوعة والمختلفة، ولكن الفرق في مرض الطبيب عن باقي أفراد المجتمع أن الطبيب بحكم دراسته ومعرفته بالأمراض والأعراض والعلامات فإنه يكون دوما على قدر عال من الإحساس بمشاكله الصحية في بداياتها، ويقوم بتشخيص نفسه من أولى الأعراض، ومن ثم محاولة التداوي ذاتياً أو اللجوء لأحد الزملاء أو الأساتذة في المجال الخاص بالأعراض التي يعاني منها، وهنا قد يحدث نوع من المشاكل الاجتماعية والطبية، باعتبار أن مرض الطبيب قد يكون نتيجة عدوى من مريض أو نتيجة عدم صلاحية البيئة الطبية أو نتيجة الجهد الزائد،الذي ينعكس على صحة الطبيب النفسية والبدنية، ولا نذيع سراً إذا قلنا إن الأطباء في السودان معرضون للأمراض والاضطرابات المختلفة أكثر من غيرهم نتيجة للعمل في مثل هذه الظروف، في ظل مخاطر طبية كثيرة وبيئة تنتشر فيها الأمراض بوسائل مختلفة كالملامسة والرذاذ، وبالتالي فإن الطبيب السوداني صار الآن في خطر محدق.
ضغط كبير:
ومن الملاحظ ? بحسب بلدو ? أن الأطباء في السودان ونتيجة للضغط الكبير عليهم والعمل لساعات طوال يهملون صحتهم، ويلجأون لاستعمال الأدوية بطريقة غير مرشدة من الصيدليات، باعتبارها متاحة لهم، وهذا قد يقود إلى سوء استخدام الأدوية الذي انتشر بصورة كبيرة وسط الزملاء الأطباء، ونتيجة للعمل والضغط، فإنهم قد لا يلجأون كثيراً للتحاليل الطبية والفحوصات الدورية والروتينية، على الرغم من أنهم ينصحون الآخرين بها، كما أن هناك ممارسات غير صحية صارت مستشرية وسط الأطباء مثل استخدام (التمباك) والسجائر على الرغم من تحذيرهم للمرضى منها، بجانب الوزن الزائد، ونخشى أن نقول إن باب الطبيب السوداني أصبح (مخلعاً). وفي ختام إفادته، قال بلدو إن أطباء السودان يعيشون ظروفا استثنائية. وطالب بتوفير العلاج لهم بجانب الترفية والتنزه والراحة النفسية. وبحسب المختص النفسي المعروف، فإن الأطباء يعانون من الصدمة الشديدة نتيجة الشعور بالمرض وعدم القدرة على القيام بواجباتهم اليومية في علاج المرضى، كما أن هناك شعوراً بالمرارة والخذلان نتيجة عدم وجود جهات مناسبة لرعاية الطبيب كالتأمين الصحي، وعدم اشتماله على الكثيرين منهم، خصوصاً الأطباء (حديثي التعيين وأطباء الامتياز)، بجانب التكلفة العالية للعلاج في المستشفيات، وهذا يضيف أعباءً نفسية خطيرة، وقد ينتاب الطبيب الشعور بالعجز والحاجة والكآبة، لأن المرض يؤثر في عمله ودراسته، وهناك أطباء يتحاملون على أنفسهم من أجل علاج المرضى، فهو كالشمعة يضيء للآخرين والطبيب في حالة مرضه يكون في حالة بحث عن المرض وعن العلاج المناسب، وفي حالة المرض العضال تنتاب الطبيب صدمة وعدم القدرة على التخلص من الأعراض، وفي مثل هذه الحالات يكون الوضع النفسي متردياً جداً عكس المريض العادي.
اليوم التالي

تعليق واحد

  1. اصبحتو جزارين رغم ان الشعب علمكم من عرقه… الاكل المجان في الداخليات وشنطه الحديد لكنكم ناكرين الجميل

  2. اصبحتو جزارين رغم ان الشعب علمكم من عرقه… الاكل المجان في الداخليات وشنطه الحديد لكنكم ناكرين الجميل

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..