أخبار السودان

لجنة برلمانية تعلن شن الحرب على الفساد، وتقر بدور الإعلام، فهل حان الوقت لتحرير الصحافة من قبضة جهاز الأمن؟!

الخرطوم ? مهند عبادي

أعلنت لجنة الحسابات والعمل والإدارة بالبرلمان شن الحرب على الفساد تماشياً مع إعلان الرئيس عمر البشير في محاربة الفساد، وكشفت اللجنة أنها ستعتمد المعلومات التي تنشرها وسائل الإعلام كأحد مصادر كشف الفساد للتحرك والتحقق حول ما يرشح عنه، بيد أن البعض يرى أن دور الميديا المعول عليه صعب إنجازه، في وقت تواجه الصحافة السودانية مشكلة كبيرة في الحصول على المعلومات، وتغلق في أوجه محرريها أبواب المؤسسات، فضلا عن المضايقات السياسية والاقتصادية التي تحد من دور محوري للصحافة في كشف ألاعيب الفاسدين.
(1)
بحسب رئيس لجنة الحسابات والعمل بالبرلمان، عمر سليمان آدم، فإن لجنته تعتزم تفعيل بعض قوانين المراجع العام لمراجعة وتفتيش المؤسسات الحكومية قبل قفل حساباتها الختامية، وأعلن في تصريح صحفي عن حراك كبير تنفذه لجنته الأيام المقبلة بتفعيل بعض قوانين المراجع العام لمراجعة أي مؤسسة أو مصلحة حكومية أو شركة عامة دون انتظار قفل حساباتها بتفعيل المادة (6) من قانون المراجع الفقرة (ج) التي تمنح الحق في مراجعة المؤسسات دون قفل حساباتها.
يقول سليمان إن لجنته لها دور كبير في مكافحة الفساد من خلال التعاون مع لجان البرلمان الأخرى في مراجعة تقارير المراجع العام وتوصياته الخاصة ببعض الجهات الحكومية، والتأكد من معالجة الجهات المعنية لانتهاكات القوانين والتجاوزات المالية التي يوردها المراجع العام في تقريره السنوي للبرلمان.
ومن المعلوم أن الفساد ظاهرة متواصلة وذات أبعاد لا تتوقف عند حدود معينة، ويتحتم التعامل بحذر وحرص شديدين، سيما مع اتساع حجم الظاهرة المتفاقمة والتي استدعت تدخل رئاسة الجمهورية بإجراء جراحة خطيرة لتنظيف الاقتصاد ووقف التخريب الذي يتعرض له، كما أن السكوت عن الفساد يسهم في تعميق وضعه كظاهرة شاذة وبين كل أنواع الجريمة ومنها بشكل خاص جرائم غسل الأموال والاحتيال والغش الاقتصادي وكل صور الجريمة المنظمة المنتشرة عالميا، ونظرا لخطورة الفساد والشكل المشبوه للمعاملات التي تنتج عنه وآثارها الاجتماعية والاقتصادية وإفرازه لشخصيات متنفذة تحتكر الثروة ورؤوس الأموال غير المشروعة على حساب الشرائح الفقيرة التي تتحمل نتائج وتداعيات الفساد وتسببه في حالة تدهور الاقتصاد وتوقف التنمية وانكسار شوكة مؤسسات وأدوات تنفيذ القانون.
تأريخياً لعبت وسائل الإعلام بالبلاد وبخاصة الصحافة الورقية، أدوارا بارزة في تقصي آثار الفساد والكشف عن عدة حالات بالوثائق والمستندات، من خلال مجموعة من الأعمال الصحفية التي نشرت وأشهرها بكل تأكيد قضية مكتب الوالي السابق للخرطوم وملف فساد الأراضي الذي أظهرت الصحافة الورقية مخابئه للرأي العام والجهات المسؤولة، لذا فإن تضمين ما ينشر في الإعلام والصحف من معلومات عن مظاهر الفساد يعد خطوة متقدمة بحسب البعض، ومن شأنها أن تفضي على فضح المزيد من الملفات إذا ما توفرت الإرادة السياسية لمكافحة الظاهرة أياً كان موقعها والمنتفعون منها.
(2)
وفي الأثناء يدعو خبراء الإعلام إلى أهمية أن يسمح للإعلام العمل على تنظيم حملات توعية للرأي العام وتنسيقها لتحفيز عناصر دعم مكافحة الفساد وتنسيق المساعدات التقنية الإعلامية التي تستثمر جهد وحدات الاستخبارات المالية بما لا يتعارض مع حسن سير العمل وسريته. وتعميم قواعد سلوك الموظفين والأحكام التي تتضمنها كأساس لإعداد مبادئ توجيهية مثل الدراسات والنشرات الإعلامية التي تبين بوضوح وظائف هؤلاء الموظفين وواجباتهم، فضلا عن ضمان حرية الإعلام والحق في الحصول على المعلومات الذي يعتبر من الأمور الضرورية لمكافحة الفساد، مما يفتح المجال واسعاً أمام الإعلام في ممارسة دوره عن طريق الالتزام بالموضوعية في تقديم المعلومات، إضافة إلى نشر التقارير الحكومية في الوسائل الإعلامية المناسبة بشكل دوري لفضح أشكال الفساد وممارساته والتحقيقات والتدابير القانونية المتخذة ضد الجناة.
(3)
يرى المختصون في مجال الصحافة ضرورة إيجاد آليات لتفعيل دور الإعلام في مكافحة الفساد، وتوعية المواطن بمخاطره وتهيئة المناخ المناسب لذلك، عبر حرية التعبير وحرية تداول المعلومات وعدم استخدام ستار الأمن القومي لحجب المعلومات وحماية الإعلاميين من المخاطر التي قد يتعرضون لها وتدريبهم، وخلق شراكات ذكية بين المجتمع المدني وأجهزة تنفيذ القانون والأجهزة الإعلام، وبالضرورة أن تكون مكافحة الفساد هي الأولوية في عمل أي مؤوسسة إعلامية، والعمل على الاهتمام بالمساءلة والمحاسبة، وإشاعة الشفافية في العمل وتنمية الوازع الديني لدى المواطنين للحث على النزاهة ومحاربة الفساد عبر وسائل الإعلام المختلفة وخطباء المساجد والعلماء والمؤسسات التعليمية، إضافة إلى إعداد حملات توعية وطنية تحذر من الفساد وآثاره المدمرة، إلى جانب أهمية مشاركة مؤسسات المجتمع في الرقابة.

اليوم التالي

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..