الحزن ،الوجه الآخر من ازمة الوقود !!

حسن وراق
@ في قمة ازمة الوقود التي تضرب البلاد لا حديث غير كيفية الظفر بجركانة بنزين للطوارئ او لقضاء مشوار ضروري ، اصبحت الشوارع خالية من حركة العربات التي اتخذت من جنبات الطريق متكأ بلا حراك و بلا امل في الحصول علي قطرة بنزين تدير المحرك قليلا لركن العربة في حرز امين . في قمة هذه الهواجس نرفع الاكف لله ضارعين ان لا يحوجنا القدر الي استعمال العربة في اي مشوار مهما كانت ضرورته . دائما تاتي الرياح بما لا تشتهي السفن، اتلقي محادثة صباحية وبمجرد ما قرأت اسم المتصل من البلد لم افكر الا ان يجعل الاتصال خير و لكنه لم يكن كذلك .
@كارثة المت باسرة اختي في الشمالية بمدينة كريمة ولشدة حرص هذه الاسرة علي تعليم ابنائها و الاب معلم ثانوي كان اكثر اصرارا ان يذهب ابنه مظفر اخر العنقود في سلسلة الاولاد ليتلقي كورس في اللغة الانجليزية تحضيرا لامتحان الشهادة الثانوية التي ينوي الجلوس اليها في العام القادم . وصل الابن ليتصل مع شقيقه الاكبر الذي يسكن معه في ذات الداخلية ولم تمضي علي حضوره للخرطوم و التحاقه بالداخلية سوي 50 دقيقة كما افادني بذلك والده المكلوم الاستاذ عبدالرحمن معروف حتي صعقه تيار كهربائي في سلم العمارة ليلقي حتفه قبل وصوله المستشفي جراء نزيف حاد بسبب السقوط علي الارض .
@فاجعة اختي بفقد صغيرها مظفر لا تدانيها فاجعة لانها كانت تحرص دائما ان يكون بجانبها ولكن هذه المرة غادرها سريعا لياتيها جثة هامدة ، حقيقة مشهد لا يحتمل وعندما تلقيت هذا الخبر المفجع كان الجثمان قد تحرك صباحا باسعاف من الخرطوم ليواري الثري في كريمة ولم يكن تفكيري منصب في غير السفر للشمالية بأي طريقة دون ابداء اي اعتذار بسبب عدم توفر الوقود . وصلت اطراف الخرطوم بآخر قطرة وقود وعلي بعد امتار مني محطة وقود لم افكر في انه يوجد بها بترول حتي توقفت عربة وملأت التنك و غادرت لالحق بها و آخذ نصيبي تنك و جركان احتياطي وصلت البلد مشاركا اختي في مصابها الجلل لعل ذلك قدخفف عليها وجودنا بجانبها لتبدا مأساتنا في رحلة العودة .
@طريق شريان الشمال من منطقة القبولاب و حتي تخوم مدينة مروي توجد به حوالي 12 محطة بترول وكانها جميعا تمتد منذ العصور الوسطي لا اثر لوجود بترول منذ انشائها ، لا احد يشعرك بانه مسئول من المحطة سوي بعض شبان بصديريات سوداء ينظرون لسائقي العربات التي تسأل عن البترول بشئ من الريبة الممزوجة بالسخرية و إجاباتهم جميعا واحدة ( يا جماعة ما تطلبوا معدوم) البلد دي ما خشاها بنزين لاكثر من شهر لودايرين بنساعدكم بنوفر ليكم بنزين يوصلكم . من باب الفضول سالت عن سعر الجالون فكانت الاجابة مذهلة 300 جنيه و كان ما عاجبكم العتمور واسعة و ما بتتمشي . المأساة انه و حتي هذه اللحظة فإن الاسعاف الذي حمل الجثمان ما يزال رابض بلا حراك لم يغادر للخرطوم بسبب عدم البنزين، لم يجد سائقه ،مسئول في محلية مروي يقدر ان الاسعاف اولي من تلك اللاندكروزرات التي تنهب الارض بلا موضوع و المصيبة ان هنالك مريض في حالة حرجة يتطلب سفره الي الخرطوم و ما يزال الاسعاف في انتظار رحمة فرد من افراد سلطات مروي .
@ الحياة في محلية مروي متعطلة تمام بسبب ازمة الوقود ، لا حركة في شوارع المحلية ، مشوار الركشة الذي كان يكلف 5 جنيهات ارتفع لثماني اضعاف مثله مثل جالون البنزين الذي يباع ب 200 جنيه مع الرأفة . بعض المحطات يوجد بها وقود لكن تحت تصرف السلطات التي وجدتها فرصة لتعز من تشاء و تذل من تشاء . هذه الازمة كشفت بوضوح قيمة الانسان السوداني الذي لا يساوي جالون بنزين يتم تصديقه بشق الانفس و جرسة لانقاذ حياة انسان . السلطات المتسلطة علي تصديق الوقود اغلقت مكاتبها و تلفوناتها لا يمكن الوصول اليه و حكاوي محبطة بعد الثانية صباحا في بعض المحطات التي تشرف عليها السلطات التي تعيش خريف ابوالسعن و معتمد المحلية ترفع اليه تقارير مليئة بالاصفار لا تقنع من يدركون ان البنزين موجود ، رحم الله ابننا مظفر و جعل الله البركة قي اسرته المكلومة و الحزن عليه انسانا قليلا الحزن علي حال البلد.
[email][email protected][/email]
إنا لله وإنا إليه راجعون نسأل الله له الرحمة والمغفرة أحسن الله دعائكم
سوف يسألون يوم لا ينفع مال ولا بنون
(ينزع الملك ممن يشاء)
كل نفس ذائقة الموت
انا لله وانا اليه راجعون . الدوام لله
عظم الله اجركم وغفر لميتكم واسكنه الفردوس الاعلى