أخبار السودان

“معارك ما بعد الترابي”.. هل ما تزال مضاعفات غياب الزعيم ماثلة؟

الخرطوم ? مهند عبادي
يبدو العبور إلى الضفة الأخرى بسلام أمراً في غاية الصعوبة بالنسبة لحزب المؤتمر الشعبي الغارق في لجة الخلافات والصراعات منذ رحيل عراب الحزب وأمينه العام الراحل حسن الترابي، وعلى الرغم من تأكيد أعضاء الحزب عدم تأثرهم برحيل الترابي، ونجاحهم في تخطي الصدمة تحسباً لأي خلاف داخل الحزب، إلا أن حالة من التباين في الآراء قسمت أعضاء الحزب لفسطاطين، حتى وإن لم تكن حالة الانقسام تلك بائنة للعيان إلا أن الأمر كان واضحاً لكل المتابعين لما يدور داخل أروقة الحزب منذ إعلان مشاركته في حكومة الوفاق الوطني، بدأت الصراعات الداخلية بين عدة تيارات رغم مظاهر التماسك بظهور طرف يؤيد استمرار المشاركة في السلطة، وتيار آخر رافض لهذه المشاركة في ظل رفض الحزب الحاكم التقيد بتوصيات الحوار الوطني في ما يتعلق بالحريات العامة، حتى إن دعا الأمر للعودة لمقاعد المعارضة.
وقتها خرج كمال عمر للناس معلناً رفضه المشاركة واعتبر قبول قيادة حزبه الدخول في الحكومة وتخليها عن الحريات، خذلانا مبينا، وأكد بقاءه في الحزب دون منصب متفرغاً دون أعباء تنظيمية لأطروحة الترابي المسماة بـالمنظومة الخالفة والحريات، البعض كان يقول إن كمال عمر لم يعجبه منصب النائب البرلماني في حكومة الوفاق فقرر الخروج والانقلاب على خليفة الترابي بدواعي الحريات وموقفه الشخصي المنادي بها، باعتبار أن طموحاته كبيرة في مناصب حكومة الوفاق الوطني، وعندما لم تتحقق طموحاته الشخصية من الحوار خرج منددا ومنتقدا علي الحاج، وطالب بتصحيح مسار الشعبي؛ لأن الحزب ليس به مؤسسات ويتحكم أمينه العام في كل قراراته.
وبعد أشهر من المحاولات لإذابة جبال الخلاف بين الأمين العام علي الحاج ورئيس كتلة نواب الشعبي بالبرلمان كمال عمر، انتهى الأمر بإعلان المواجهة الصريحة بين الجانبين عبر إقالة كمال من منصبه وفق ما أعلنته الأمانة العامة لحزب المؤتمر الشعبي عن إعفاء الناطق باسم الهيئة البرلمانية لنواب الشعبي بالبرلمان كمال عمر وتكليف عضو البرلمان سهير صلاح مكانه. وقال عمر إن الأمين العام لديه حساسية مفرطة حول النظام الأساسي ولم يستفد من الديمقراطية خلال الفترة التي قضاها في ألمانيا، ولكنه استفاد من تاريخ هتلر الذي جاء بالديمقراطية وانقلب عليها. وأكد عمر استمرار نشاطه بالبرلمان والحزب وقال إن البلد في موقف حرج ولابد من الثبات، ووجه كمال عمر عبد السلام انتقادات لاذعة إلى الأمين العام للمؤتمر الشعبي، الدكتور علي الحاج، ووصف إدارته للحزب بالطريقة الهتلرية، وقال إن إقالته من الكتلة لم تكن بسبب تجميد نشاطه في البرلمان. وعلى الرغم من أن علي الحاج الأمين العام للحزب ظل يقلل طيلة الفترة الماضية من الصراعات داخل حزبه ووصفها بالطبيعية والصحية التي تدل على اختلاف وجهات النظر، وقال الحاج في تصريحات أمس الأول: ?لا أشعر بأن ذلك يمثل انتقاصاً من مكانتي?، وأضاف أن الأمر لا يمثل له قضية، ومن أراد أن يطيح بي فليفعل، وزاد ?الأصوات التي تطالب بذلك لا تمثل جميع الحزب، وبعضها قد يكون لأسباب شخصية?، ولفت إلى أن وجود عدم الرضى في العمل السياسي العام وعند القوى السياسية الفاعلة أمر عادي، ويتهم كثيرون في الحزب الأمين العام وقيادات الحزب باتباع ممارسات تهدف لتطويع مؤسسات الحزب بالضغط عليها وحملها على اتخاذ قرارات بعيدة عن مصلحة الحزب والمصلحة الوطنية، خدمة لأجندات شخصية مجهولة التوجه، وهو الأمر الذي يعد خرقاً للنظام الداخلي في كل مراحل اتخاذ القرارات، بما فيها التأخر في اتخاذ قرار الخروج من حكومة الوفاق الوطني ويدعون إلى تصحيح المسار وإعادة بلورة مشروع الحزب، وتنقيح النظام الداخلي بما يكرّس الديمقراطية الفعلية، كما ظل آخرون ينادون بمواصفات ومقومات محددة يجب توافرها في الأمين العام للشعبي لقيادته في الفترة الانتقالية وملء الفراغ العريض الذي خلفه رحيل الترابي، بقولهم إن الحزب يحتاج لرجل قائد بمواصفات خاصة ومؤهلات سياسية وقدرات عالية، تمكنه من التعامل مع المتغيرات داخل الحزب، وكان علي الحاج الخيار الأنسب للمهمة، نظراً لتجاربه الكبيرة، بجانب أنه أقرب قيادات الحزب لأمينه العام الراحل الدكتور حسن الترابي، وبالتالي فهو قد كان أكثرهم قدرة على تحمل مسؤولية الحزب، حسب هؤلاء، ويصفون الخلافات التي حدثت بالحزب والمناوشات بين بعض القيادات أو أعضائه، بأنها لا تمثل كل الحزب، وذلك لأن الإجماع على الأمين العام علي الحاج كبير وهو يعتبر بوصلة التواصل بينهم.
اليوم التالي

تعليق واحد

  1. سوف لن يتركوا على الحاج لينجح فما يحدث الآن هو إعادة مسلسل الصراع بين أولاد الغرب وأولاد البحر والكل يعرف ذلك بل صار واضحاً الإشارات العنصرية التي تنضح بها عبارات كمال عمر وتهجمه على دكتور على الحاج بمناسبة وغير مناسبة يدعمه في ذلك دكتور سجاد وإبراهيم الترابى.

    ليعلم كل الأحزاب السياسية أن دارفور صارت تمثل الآن أكبر كتلة إنتخابية في السودان فأكثر من نصف سكانه ذو جذور دارفورية منتشرين في كل أنحاء السودان ولذلك من الحكمة لكمال عمر ومن لف لفه عدم المغامرة بالضرب على هذا الوتر فيكون كمن يطلق النار على قدمه.

  2. سوف لن يتركوا على الحاج لينجح فما يحدث الآن هو إعادة مسلسل الصراع بين أولاد الغرب وأولاد البحر والكل يعرف ذلك بل صار واضحاً الإشارات العنصرية التي تنضح بها عبارات كمال عمر وتهجمه على دكتور على الحاج بمناسبة وغير مناسبة يدعمه في ذلك دكتور سجاد وإبراهيم الترابى.

    ليعلم كل الأحزاب السياسية أن دارفور صارت تمثل الآن أكبر كتلة إنتخابية في السودان فأكثر من نصف سكانه ذو جذور دارفورية منتشرين في كل أنحاء السودان ولذلك من الحكمة لكمال عمر ومن لف لفه عدم المغامرة بالضرب على هذا الوتر فيكون كمن يطلق النار على قدمه.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..