أخبار السودان

بأمرنا نحن

هنادي الصديق

عاودت إطلالتها غير المحببة الى نفوس المواطنين، وعادت معها الشكاوى والأنين وقريباً جداً ستظهر معها الكثير من الأمراض بسبب الطقس الحار جداً.
أزمة الوقود التي عادت لتضرب ولايات السودان بقوة وخاصة ولاية الخرطوم، ليست أزمة عادية أو طبيعية يمكن أن تعمل على إدخال البلاد في حالة شلل عام من ناحية المواصلات على سبيل المثال، وإنما هي أزمة حقيقية تعتبر أكبر مهدد على فشل الموسم الزراعي للكثير من المشاريع الزراعية التي تعتمد بشكل مباشر على الري بواسطة الطلمبات، ولعل هذه المهددات صرح بها العديد من المزارعين من أصحاب المشاريع في ظل صمت تام من المسؤولين بوزارة الزراعة. واستغفال متعمد للمواطن جعله خارج نطاق الإنسانية باعتبار أن هذه الأزمة تتعلق بشكل مباشر بمعاشه، فمثلاً لاحظنا تمدد الصفوف بالمئات في معظم شوارع العاصمة وسمعنا بأسعار خرافية لجالون البنزين الواحد في عدد من ولايات السودان وصل بحسب العديد من الزملاء لأكثر من 500 جنيه، وهو رقم قياسي لم تصله في جميع أزمات الوقود في تاريخ السودان البعيد والقريب.
فأغلب البصات تصطف بالطلمبات للتزود بالجازولين، في وقت أدى توقف البصات الى انتعاش سوق الحافلات الصغيرة (الهايس الشريحة)، والتي بلغت تذكرتها الى عطبرة (250) جنيهاً وإلى شندي (150) جنيهاً، خلافاً للتعرفة المعروفة لذات المركبات والبالغة (150) جنيهاً الى عطبرة، و(100) جنيه الى شندي. بحسب (الجريدة)، وهذه الأسعار تشير بوضوح لحجم الأزمة الحقيقة التي يعيشها المواطن السوداني، وتشير بشكل أكبر لحاجة الشارع السوداني للتحرك ومواجهة هذه الأزمة التي مؤكد سيكون لها ما بعدها.
مثل هذه الأزمات تحتاج للتعامل معها بشكل خاص من قبل أحزاب المعارضة التي أدمنت الفشل في استغلال السوانح بتسجيل هدف مضمون في مرمى النظام الذي بدأ واضحاً انه أصبح متضعضاً ومنهكاً وينتظر فقط (خراج الروح) باللغة العامية.
أزمة الوقود تعني فشل الموسم الزراعي، ما يعني أن يجوع المواطن، والإصابة بحالة من الشلل التام في حركة المواطنين بمختلف فئاتهم من موظفين لعمال لطلاب لأصحاب الأعمال الحرة والمهن الفقيرة، فكل هذه الفئات تتأثر بشكل مباشر بانعدام وسيلة المواصلات من والى، لذا فالوضع الطبيعي يتطلب أن تتحرك الضمائر الحية والأحزاب الواعية لدورها والمتجردة تماماً أمام قضية الوطن وحقوق المواطن بالعمل على تنظيم صفوفها والوصول للمواطن وحثه على عدم إضاعة الفرصة في التغيير، وأعني هنا تفعيل لجان الأحياء بعد ان عبثت اللجان الشعبية بما تبقى من غيرة للمواطن بالأحياء واحساسه بانتماءه لمنطقته الصغيرة ووطنه الكبير.
الكتابة على الجدران ليست كافية، والمخاطبات الجماهيرية محفزة جداً ومثيرة لحماس المواطنين ولكنا نحتاج فعلاً أكبر لإيقاظ هذا (المواطن المستقر) من غفوته لأن ما يحدث له، يمسه هو بالمقام الأول وليس سواه، والمتضرر منه هو أولاً ومن يليه من رعايا سواء اكانوا من أفراد أسرته أو جيرانه أو زملاءه، الفعل الحقيقي المنتظر والذي يمكن أن يصنع الفارق المنتظر هو توقف جميع هذه الفئات عن الضغط على نفسها مقابل شراء صمت الحكومة وبعدها عن مضايقته، والتوقف الذي أعنيه أن يتكاتف العمال والموظفين ويتحدوا بعدم الذهاب الى العمل في ظل هذه الأزمة التي تقضي على معاشه في ثمن تذكرة مواصلات ليوم واحد، وأن يعلن طلاب الجامعات، توقفهم عن الذهب لجامعاتهم ما يعني توقفهم عن الضغط على أسرهم المرهقة أيضاً ويعني الضغط على النظام من جميع الاتجاهات لأن حالة الشلل التي تعاني منها الدولة حالياً بأمر النظام يمكن أن تكون وفي يوم واحد حال اتفق جميع السودانيين الى حالة شلل عام وبداية لتغيير هام بأمر المواطن وليس سواه.
الجريدة

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..