الاسلاميين وصنم الدولة (البشير أعل هبل)

بسم الله الرحمن الرحيم
الحركة الإسلامية تيار سياسي نشأ على إثر حركة دعوية تعمل على هداية الفرد وسلامة المجتمع ولكن بعد تصاعد حركات الاستقلال في الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي عادت أشواق الخلافة الراشدة والدولة الإسلامية بعد سقوط الخلافة العثمانية على يد الاستعمار الغربي الذي أضحى يلملم جيوشه ويتأهب للرحيل , وبعد تصاعد المد الشيوعي والبعث العربي والفكر القومي طرح الإسلاميون الفكر الإسلامي وجمعوا الطرق الصوفية والجماعات السلفية خلف برنامج الدستور الإسلامي والمناداة بتطبيق الشريعة الإسلامية . وفي سبيل ذلك واجه الإسلاميين عنف الطائفية وصلف العسكرية وإقصاء العلمانية ، وتتقلب بهم الأدوار من تنظيم سري إلى جماعة صفوية إلى حزب مفتوح ثم تيار جماهيري عريض وكان خاتمة المطاف بتحقيق حلم الأجيال بتسنم السلطة في الثلاثين من يونيو 89 ..
ولم يفوتوا الفرصة حيث ذابوا كلياً في اجهزة الدولة بل وصل بهم الحال الى حل تنظيمهم الخاص لصالح نظام سياسي تقلبوا فيه بين اللجان الشعبية الى المؤتمرات السياسية ثم تحولوا الى المؤتمر الوطني الكيان الجامع ? ومع كل هذا لم تكن قواعد الإسلاميين تعبأ بتقلبات قيادتها ولا تتبع تحولاتها بل غافلة عن صراعاتها على مراكز القرار فهم كانوا مشغولون بتثبيت أركان الدولة وحمايتها فلا يلتفتون لشئ حين يكون النداء والاستنفار للجهاد وقدموا في ذلك أرتالاً من الشهداء ونمازج من العظماء كانوا قدوة في التفاني والفداء فعجب الشعب السوداني من صنيعهم وهو يرغبهم ، ولكن بينما هم في غمرتهم هذه وانشغالهم بأمور تمكين سلطتهم فاجأتهم قرارات الرابع من رمضان تحمل نبأ صعق له كل من في الدواوين والشركات والمنظمات او في المساجد يتمشدق بدولة الشريعة ، فتفرقت بهم السبل فمنهم من أسقط في أيديهم وأحبطوا من نهاية المصير كيف لحلم السنين أن يتبدد في ليل رمضاني ، وأنا لهم العودة مجدداُ وهم يسمعون هتاف المنشية (جيش محمد لن يتجمد بل يتمدد بل يتجدد) فقد شق عليهم المسير. بينما تحسس المتنفذون مجالسهم فكيف لهم مفارقتها وانقسموا فرقتين واحدة عزمت على مواصلة المسير تقبض على المدرك علها تواصل المسير والأخرى اغتنمت الفرصة التى لن تعود فتصعدت على مدارج الحكومة واستغنت من مناصبها فكانت من الوارثين ، أما أهل الشعبي خرجوا يصدعون بالحق يتمثلون قول الله (فإذا فرغت فانصب) توابون لله آيبون اليه ولكن فيهم من خرج مغاضباً لا يكاد يصدق أن شيوخ الأمس الذين يسمع إليهم ويثق فيهم بهذا السوء الذي سمع ،فكانت نهاية المطاف سلطة يستمسك بها شق ويفنى في سبيل بقائها فلا يرى عبادة لله سواها وأعطى لنفسه وصاية على الدين والوطن فنسي ان للدين رب يحميه وللوطن شركاء فيه ، فنهب المال العام وبدد الموارد يرى نهاية الدنيا سلطة لن يسلمها الا لعيسى فاستمسك بها رغم فسادها ونسى الآخرة ، الجنة ونعيمها والنار وجحيمها فصارت السلطة معبودة يدور معها حيث دارت.
أما المعارضون منهم بعد أن تطاول بهم الأمد قنطوا من الدولة ومشروعها وعجزوا عن تغييرها أو إصلاحها فصار الشيطان أحب اليهم من حكومة إخوان الأمس ،فصاروا ينكرون الحركة وتاريخها ويتملصون من القيادة وأخطائها بل ذهب اليائسون منهم اكثر من ذلك فكفروا بالدين وحاكميته والاسلام وشريعته فالعقيدة عندهم حرية يدركونها والشريعة سلطة يتداولونها فارتدوا عن الجهاد ومشروعيته واستخفوا بالأرض وقيمتها فما عاد الوطن عندهم محبوب بل المقدس قيم أفلاطونية لا في الحياة توجد ولا في الواقع تعاش .
لذلك كانت الدولة الإسلامية هبل طاف حوله الإسلاميين عشرة سنين مجتمعين ولفوا مثلها على اللات والعزى متفرقين صار البشير رمزهم يرفعونه ويرقصون تحته وهو ينثر عليهم الدنانير وآخرين يصوبون عليه علهم يهدون سلطته ، فوقف ادراكهم على دولة يحافظون عليها أو يئسوا من مشروعها الحضاري بعد سرقة الانقاذ منهم فجلسوا على الرصيف محبطين والباقون لايرون غير الحكومة وفسادها ونسوا المجتمع ودعوته وان المسلم عقيدته بعد الموت حياة وأن رضا الله مبتغاه والجنة مثواه فان سقطت دولة فالله باقي وان فسدت سلطة فالدين قائم .
م.اسماعيل فرج الله
14/2/2013م
مقال رائع …وتحليل اروع …اتمنى ان يستفيد منه المدعو امين حسن عمر ..والمدعو كمال عبيد ..علهما يرجعا الى الحق ويثوبا الى رشدهما لو كانا فعلا يخافان الله ورسوله ويسعيان الى تطبيق الشريعة في ارض السودان والتي هي قبل كل شيئ تعني افشاء العدل بين الناس واعلاء قيم واخلاق الانسان قبل تطبيق الحدود عليه …بارك الله فيك اخي اسماعيل وسدد خطاك في طريق الحق