مخاض جمهورية الأماتونج (6)اا

وقفات

مخاض جمهورية الأماتونج (6)

إبراهيم عيسى هدل

تعودت الحركة الشعبية على إملاء شروطها على المفاوضين الشماليين بحسب المنطق الفرعوني (ما أريكم إلا ما أرى وما أهديكم إلا سبيل الرشاد). . وهكذا تعاملت الحركة مع مفاوضي الفترة الانتقالية إثر انتفاضة إبريل 1985م، كما تعمدت التقليل من شأن رئيس الوزراء المنتخب السيد الصادق المهدي ولم يرض قائدها مقابلته إلا بصفته رئيساً لحزب الأمة وحين دعيت الحركة للانضمام إلى التجمع الوطني المعارض تدخلت الحركة في إعادة صياغة مواثيقه بالكثير من الملاحظات والتنويهات المستفزة والمستخفة بالرأي الآخر مبررة ذلك بأنها لا تريد أن يكون التجمع «رفقة معدية» ولكنها بالممارسة جعلته مجرد «حصان طروادة» لتمرير وتغطية الأجندة العلمانية بالإضافة لحق تقرير المصير . . واليوم تواجه البلاد ذات المنطق الفرعوني فإما القبول بإطروحة السودان الجديد وإدخال السودان تحت منصة التأسيس التي تريدها وتراها الحركة وإلا فالخيار هو الانفصال .
وفي تقديري أن إعادة السودان إلى منصة التأسيس العلماني ينبغي أن تستند على مفهوم معرفي وجهد ثقافي وإنتاج فكري واسع في كافة المجالات ليكون مقبولاً عند النخبة السودانية ويتجاوز اتهامها بإدمان الفشل ويطرح حلولاً منطقية لمعضلات البلاد بعيداً عن اسطوانة ذم الإسلاميين ومحاسبة حقب الحكم المختلفة حتى لا يتحول النقد الذاتي إلى جلد للذات وتحميل أبناء الشمال وحدهم أوزار الحرب وأخطاء النكوص عن اتفاقيات السلام في تعمد لإخفاء أدوار الجنوبيين وصراعاتهم الإثنية التي أدت لنقض اتفاقية أديس أبابا 1972م،وما تلاها من إذكاء نيران الحرب وتعطيل مشاريع التنمية باستهداف التنقيب عن النفط والحيلولة دون حفر قناة جونقلي .
فالحركة الشعبية مُطالبة بالخروج من دائرة الأستاذية التي تستدرك على الآخرين وتحصي أخطاءهم وبقليل من التواضع ستكتشف الحركة أن مشروع السودان الجديد الذي يضمن الحرية والعدالة والمساواة وعدم التمييز بين المواطنين بسبب اللون والعرق والدين لا يتحقق بقرار أو ميثاق سياسي ولن يكتب له النجاح بالترويج الإعلامي في مؤتمر صحفي أو بمجرد تدوينه في نص دستوري كما يظن الكثيرون. . ما لم يواكب بحركة كفاح ونضال طويل وصبر وجلد لا تقوى عليه النخب السياسية المُتطلعة لقطف ثمار السلطة والثروة قبل أوانها كما هو الحال عند ناشطي الحركة الشعبية وحلفائها من أهل السودان القديم فالكل يرغب في استغلال الآخر واستخدامه في سبيل غاياته السياسية .
وستظل الحركة الشعبية تبحث عن ضمانات تنفيذ ما تتفق عليه مع الشماليين إذ لا يكفي الالتزام السياسي للقادة الكبار (المهدي والميرغني والترابي ونقد) لأنهم يمثلون امتداداً طبيعياً للسودان القديم الذي تريد الحركة إخراجه من المعادلة . . وستبقى مضامين أية اتفاقية حمالة أوجه ومحل نزاع على النصوص كما هو الحال في بروتوكول أبيي ومصطلح «السودان الجديد» المتنازع عليه بين طلاب «العدالة» كل على طريقته .

الصحافة

تعليق واحد

  1. يا أخي إبراهيم لقد أصبت كبد الحقيقة و لكن يجب أن يكون واضحاً للجيمع بأن الحركة لا تفعل هذا بقوتها الذاتية فهي تستند على دعم غربي و صهيوني متمدد سياسياً و إعلامياً و أقتصادياً و هي بالتالي تتعالى على الشماليين من كل ألوان الطيف السياسيو و الشيء الذي لا يمكن فهمه كيف أنطلى الأمر على شخص فطن وسياسي محنك و محامي بارع مثل الأستاذ على عثمان طه الذي أعطى المفاوض الجنوبي أعلى سقف طلبه! ألم تكن تلك هي قاصمة الظهر؟ هل راهن علي عثمان على جون قرنق ذي التوجهات الوحدوية و خسر الرهان بموت جون قرنق.

    عموماً كلامك جميل و في صلب الموضوع و لك الشكر عليه.

  2. أعتقد أن على طه قد راهن على الزعيم الوحدوي قرنق الذي نوارى الثرى الله يرحمه و بذا فقد خسر طه الرهان في جولته الأولى و العول كبير في الله ثم في طه على أن يكسب الجولة الثانية الحافلة بدراما أحداث موت الزعيم قرنق و الله المعين على الحركة المدعومة بالصهيونية و هذا الأمر يحتاج الى مخيخ عاتي لتجاوز الأزمة أو حلول سحابة توريت و الله أعلم (صلوا على الحبيب ألف مرة أيها الشعب السوداني و بذا تكونوا قد صليتم على الحبيب بعدد شعب السودان مضروب في ألف!) و هذه فقط روشته هائلة للخروج من أزمة دعم بني صهيون للحركة الإنفصالية و يا ليتها فصل للجنوب المعروف بحدود 1956 فقط إنه إنفصال توسعي لزعزعة العرب و المسلمين تيقظوا من البدء و لا تساوموا في الأرض (النيل الأزرق و كردفان و النوبة و دارفور ! هذه جميعاً خارج نصوص الإتفاق و هي تعني كل السودان ) و هذه مسخرة إمبريالية تستغل تخلف و إختلاف الشعوب للتوسع الصهيوني في قلب القارة الأفريقية للتأثير على بقية شعوب القارة الأخرى و السيطرة على منابعالنيل لمواجهة أزمة المياه العالمية التي بدأت تحدث و أيضاً أزمة الغذاء (هنالك نقطتان إيجابيتان يتوجب إستغلالهما 1- مصدر الغذاء أي الأراضي الزراعية في شمال السودان و ليس الجنوب 2- نفط الجنوب لا بد أن يمر للتصدير من خلال الشمال و الجنوب بدون النفط يساوي صفر – تيقظي يا إنقاذ بعد أن دخلت حديثاً 63 دبابة إسرائيلية للجنوب و معها بنادق آلية(صنع في إسرائيل) ضبطها جيش الرب بارك الله فيه – الموقف أصبح مختلف بحاجة لتصرفات عملية و يا حبذا من جنوب الجنوب لئلا يستقر الجنوب إذ أنه سيكون سبباً في عدم إستقرار السودان و الباديء أظلم (ود البدري سمين!) مفهومة طبعاً لا تتركوا الصهيونية تتمكن فيؤكل السودان كما أكل ثور ال…. الأبيض . و المعادلة الحالية حرب بدون إنفصال أفضل و أشرف و أهون للحكومة و الشمال من حرب بعد الإنفصال ذلك على الأقل لسحب البساط من تحت أقدام الصهيونية من دعم الدولة الوليدة حيث في حالة عدم الإنفصال تكون داعملة لمتمردين مما يفقد العملية الكثير من دعم أو تأييد شعوب العالم التي اصبحت كاشفة للعبة و معظمها يرجف خوفاً من وصول الصهيونية أليه التي تنتخب أهدافها بدقة حسب مصالحها الإستراتيجية المذكورة أعلاه – تيقظوا تيقظوا تيقظوا و انتبهوا ايها السادة في السودان و مصر بالدرجة الأولى (قاوموا الإنفصال من المهد) قبل فوات الأوان ( و هو ليس غداً بل الآن الآن الآن) ناقوس الخطر خمس نجوم يا شعوب وادي النيل المستهدف.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..