أخبار السودان

شعبة الصيدليات: المخصص لإستيراد الدواء من النقد الاجنبي يخصص مثله لاستيراد الحلويات

بثت وزارة الصحة الاتحادية (تطمينات) للمواطنين عبر وزيرها الاتحادي بحر ابو قردة بالعمل على تشجيع الصناعة الوطنية وجذب الاستثمارات في مجال التصنيع الدوائي الا ان واقع الحال يجعل من هذه التطمينات روشتة تخديرية لا تسمن ولا تغني شكاوى المواطنين المتزايدة ومعاناتهم في حصولهم على الدواء من ارتفاع أسعار العديد من الاصناف الدوائية، وندرة اصناف أخرى مع توقف شركات عن بيع الدواء .
وشكا مواطنون لـ(اخبار الوطن) من انعدام وغلاء أصناف بينها أدوية الأمراض الصدرية والقلب، فضلاً عن شح في قطرات العيون والامراض النفسية والعصبية.
(مناهل حسين ?محامية -37سنة ) اشتكت من ارتفاع أسعار أدوية الضغط والسكري المستوردة إلى أضعاف أسعارها، وذكرت أنها تؤمن لوالدتها المريضة بالضغط والسكري أدوية شهرية بأسعار وصفتها بالمرتفعة وزادت رغما عن ذلك اعاني من الحصول عليها لافتة الى اختلاف الاسعار لنفس الصنف مابين صيدلية واخرى لا تبعد المسافة بينها بضع خطوات اذ ترواح سعر (علاج الضغط املو داك) مابين 52 و68 و83 بصيدلات في شارع الحوادث وسط الخرطوم مع العلم ان الاسبوع الماضي قمت بشرائه بسعر 45 جنيها.
وقال (احمدعلي- موظف- 55 سنة)، ان معاناته تضاعفت في الأونة الاخيرة في الحصول على الأدوية الخاصة بمرض (القلب) إذ يظل في بحث دائم يمتد لاسبوع أو أكثر إلى أن يصل إلى صيدلية تمكنه من تأمين الدواء بأسعار تصل إلى أربعة أضعاف الأسعار العادية، واشار الى ان الصيدلية نفسها تأتي بتلك الأدوية من خلال (تجار الشنطة) لأنها غير متوفرة لديها، مايحتم علينا شرائها بالطلب بأن تقوم بالاتصال قبل وقت كافٍ لتوفيرها لك في موعد محدد وبسعر مرتفع ).
(ن-عثمان)، قالت ان معاناتها بدات في الاسبوع الماضي عند انقطاع ادوية شقيقها “مضادات الاكتئاب” وبدات رحلة البحث بمدن العاصمة الخرطوم ثم بحري واخيراَ امدرمان قرب موقف الشهداء. وقالت ازمة الوقود فاقمت من معاناتي ومع زيادة اسعار الادوية زادت نفقات الصرف في المواصلات.

غياب التخطيط :
من جهته حمّل رئيس شعبة الصيدليات نصر مرقص الدولة مسؤولية توفيرالدواء وانتقد القائمين على امر الدواء لوضعهم معالجات آنية قال انها لا تفضي لنتائج ملموسة. وقال مايحدث يؤكد عدم وجود خطط واضحة للدواء فالدولة لم تف بالتزاماتها بتوفير النقد الاجنبي، وحول عدم استقرار سوق الدواء وانعدام اصناف مهمة وشح البعض الآخر قال ان القيمة المالية المخصصة للاستيرد ليست بالضخامة التي يروج لها لافتا الى ان احتياج السودان من الادوية يقدرب (80) مليون دولار، والقطاع الخاص ممثل في الصيدليات (300 )مليون دولار، هذا المبلغ لا يعادل ثمن استيراد سلع اخرى من الخارج مثل الحلويات والفاكهة والملابس والكثيرمن السلع التي لا ترقي أهميتها لمستوى الدواء، ويتم استيرادها بمبالغ اكبر، ومع ذلك وعد محافظ بنك السودان بأنه سيتم تجنيب 10% من حصيلة الصادر غير البترولية لمقابلة احتياجات استيراد الادوية وذلك لم يحدث. وتابع تفاجأنا بأنه تم توفيرالجزء المتعلق بالامدادات الطبية وأدوية المستشفيات، وذلك بحسب التصريحات الصادرة، أما بالنسبة للقطاع الخاص فمن جملة 300 مليون دولار تمثل احتياجات الاستيراد العام الماضي، تم توفير35 مليون دولار، أي ما يعادل حوالي ( 10% ) فقط من المبلغ المطلوب .

أزمة التصنيع الدوائي:
واكد عدد من اصحاب المصانع الدوائية في تصريحات صحفية ان صناعة الدواء في السودان تواجه تحديات كبيرة في الحصول على العملات الأجنبية لاستيراد مدخلات الإنتاج التي تقدر بستين مليون دولار سنويا.
وحذر أصحاب المصانع من توقف بعض المنشآت الصناعية جراء زيادة تكلفة الإنتاج، خاصة في ظل عدم مساهمة الدولة في توفير حاجة هذا القطاع الحيوي من النقد الأجنبي.
وقالوا إن صناعة الدواء في السودان تعاني من مشكلات طال أمدها وحالت دون توفير احتياجات البلاد الدوائية، ومن أبرز تلك المشكلات: عدم قدرة المصانع على مواكبة تطورات الصناعة الدوائية، بالإضافة إلى سياسات التسعير، وفرض الرسوم الجمركية على المواد الأولية اللازمة لإنتاج الدواء.
وقال مدير أحد المصانع- إن تكلفة صناعة شراب البنادول على سبيل المثال أعلى من سعر بيعه في السوق، مما جعلنا نوقف إنتاجه. وأوضح أن المزعج في الأمر -بحسب قوله- حصول شركات الدواء على الدولار من الجهات الرسمية بنفس طريقة شركات التجارة في الملابس، الأمر الذي سيتسبب في كارثة كبرى في مجال صناعة الدواء.
الا ان وزير الصحة الاتحادي بحر ادريس ابوقردة اكد العمل على تشجيع الصناعة الوطنية وجذب الاستثمارات في مجال الادوية والتصنيع الدوائي بالبلاد .
وقال ابوقردة خلال حديثه فى المنبر الاسبوعي لوزارة الاعلام الاسبوع الماضي إن الصناعة الوطنية تغطي نسبة 40% ونستورد حوالي 60% من الخارج، مشيرا إلى وجود 232 دواء بشري و14 بيطري لاتستورد من الخارج تشجيعا للصناعة الوطنية، لافتا إلى توفير الادوية عن طريق الامدادات الطبية والادوية المنقذة للحياة، كاشفا عن تخصيص الدولة لـ 125 مليون دولار سنويا للعلاج المجاني الذي يشمل علاج الأطفال والعمليات القيصرية والكلى والسرطان وامراض القلب وحوالي 75% من التدخلات العلاجية في القلب واضاف أن المجلس القومي للادوية والسموم عمل على تخفيض 222 صنف بنسبة 30% تخفيفا على المواطنين
وكان وزير الصحة الاتحادي بحر ادريس ابوقردة اكد ان النقد الاجنبي للادوية كافي لتوفير الدواء واقر بوجود مفارقات وعدم الالتزام من بعض شركات الاستيراد في القطاع الخاص في استيراد الدواء وتابع هذا الواقع دفعنا لوضع ضوابط جديدة لتوظيف الموارد تلزم القطاع الخاص بالتسعير طالما انه يتلقى نقد اجنبي واكثر جهة يمكن ان تحد من تلك التجاوزات هو مجلس الادوية والسموم والصندوق القومي للامدادات الطبية من خلال توحيد اسعار الدواء بالسوق وتوصيل الدواء المجاني وادوية الطوارئ للمواطنين ،واضاف نحن كدولة همنا الوفرة الدوائية ومتحوطين من خلال القانون الذي اجيز في العام الماضي لوجود مخارج للحد من اشكالات الدواء وفقاً لقانون الصندوق وهو قادر على توفير كافة الاصناف الدوائية.
وفيما يتعلق بالامدادات الطبية تم انشاء مخازن استراتيجية في جميع ولايات السودان مشيرا الى ان ظروف التخزين والنقل تؤثر في فعالية العلاج.
وقال ابوقردة ان تاسيس فروع المجلس القومي للادوية والسموم في كل ولايات السودان اسهم في معالجة مشاكل الدواء وتوفره ، واسهم في التسريع في تسجيل الادوية مشيرا الي وجود جهاز للكشف عن الادوية ومحاربة التزوير.

تجارة رابحة
أنتقد الاقتصادي، كمال كرار، السياسات الحكومية المتعلقة بالدواء. وقال انها هدفت لتعزيز سيطرة الراسمالية الطفيليةوالمرتبطة بالنظام على هذا المجال الحيوي باعتباره سوقا رابحة ورائجة وذات عائد سريع ومضمون.
واوضح انه تم تعديل قانون هيئة الامدادات الطبية كيما لا تقف حجر عثرة في تنفيذ مطامع الطفيلية ..فاصبحت صندوقا تجاريا هدفه الربح هو الاخر .
والغي السعر التفضيلي الخاص بالدولار الدوائي ..كيما تخضع اسعاره لتقلبات السوق الاسود ..فازدادت اسعار الدواء بنسبة 300% على اثر تعديل سعر الدولار بالبنك من 6.9 جنيه الى 18 جنيه ..ثم الى 31جنيه للدولار ..وبالطبع فقد جنت راسمالية الادوية الملايين من تعديلات الاسعار التي طالت الادوية المخزنة ..منذ ما قبل زيادة سعر الدولار البنكي .
وبخلاف التصاعد المستمر في اسعار الدواء وتقلص قدرة المواطنين علي شرائه وخروج معظم الادوية الهامة والباهظة الثمن من مظلة التامين الصحي فان بعض الاجهزة الاتحادية ذات الصلة بالصيدليات من ناحية الترخيص والتفتيش باتت محل صراع بين المركز والولايات والهدف الصراع على المصالح المالية والنفوذ في مجال الدواء وفقا لكرار . الذي نبه الى انه وفي ظل شح النقد الاجنبي تنعدم الادوية الضرورية وينفتح الباب للتهريب او ادخال الادوية غير المسجلة وهذا خطر على المرضى وتكثر العيادات الشعبية التي تعالج بالاعشاب والكي او بالقران ..في وقت تغمض فيه الحكومة عينها عن هذا النشاط الضار بالصحة كما يكثر الاطباء المزيفون .
وشدد قائلا :تجارة الدواء ..استيراد وتوزيع لا بد من ان تخضع لضوابط صارمة…بحيث لا تخضع لمزاج طفيلية الدواء ..اذ لا بد من الدعم الحكومي للدواء ..واختبار الادوية الجديدة قبل الترخيص لها بالدخول للسودان..وضمان عدالة توزيعها …على ان يعطي بنك السودان الاولوية لاستيراد الدواء.
ولفت الى أن الايرادات المتوقعة من القطاع الصحي في الميزانية المجازة من البرلمان تفوق الـ 50 مليار جنيها مقابل صافي انفاق لا يتجاوز 559مليون جنيها بزيادة 4 مليون عن الانفاق على القطاع الصحي في العام المنصرم بما يعادل 13.5جنيه لكل مواطن سوداني.
وقال كرار، ان ?الانتاج الدوائي المحلي مهدد بالإنهيار في ظل التحديات الصناعية مع ارتفاع أسعار العملات?. لافتا الى تراجع المؤشرات الصحية مع ازدياد في معدلات وفيات الاطفال.
ويبقى الواقع أن صناعة الدواء و وفرته في السودان تبقى مابين صراع مصالح المتنفذين في امره والسياسات الاقتصادية المجحفة بصحة المواطن وتصريحات لجنة الصحة بالبرلمان حول ازمة الدواء بالبلاد وارجاعها لعدم سداد مديونيات شركات الادوية التي تورد الادوية للامدادات تنذر بانقطاع الادوية بجميع انواعها بما فيها المنقذة للحياة وادوية الامراض المزمنة ما يعني دخول البلاد في كارثة صحية .
في وقت يرجع مراقبون فوضى سوق الدواء لتداخل الاختصاصات مابين المجلس القومي للادوية والسموم ووزارة الصحة الاتحادية بجانب تنصل بنك السودان المركزي ووزارة المالية في توفير الميزانية المخصصة للدواء

اخبار الوطن

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..