جيل (نورة) بأمريكا يتمسك بمبدأ ( العدالة لنورة)..

واشنطن: فاطمة غزالي
يبدأ غدا الخميس فصلاً جديداً من فصول قضية ( نورة حسين) المحكوم عليها بعقوبة الإعدام وفقاً للمادة (130) للقانون الجنائي السوداني لقتلها زوجها المغتصب، وستدفع هيئة الدفاع بمذكرة الاستئناف التي احتضنت الظروف التي من شأنها إلغاءعقوبة الإعدام عن( نورة) وهي (حق الدفاع الشرعي، الاضطراب النفسي ، والاستفزاز المتراكم ، العنف الزوجي).هذه الظروف جديرة بأن ترفع عنها نورة عقوبة الإعدام، وتمنحها الحق في الحياة.
مأساة (نورة) حركت دوران عجلة التضامن المحلي الذي تقوده (مبادرة لا لقهر النساء) التي منعتها السلطات الأمنية من تنظيم وقفة احتجاجية تضامناً مع (نورة)، بينما لعب التضامن العالمي الذي تبنته مجموعة الشباب السودانيين الأمريكيان بواشنطن دي سي دوراً كبيراً في التوعية بقضيتها، ونظمت المجموعة تظاهرة أمام الكونجرس الأمريكي، لمخاطبة الرأي العام العالمي والمنظمات الدولية بضرورة إنقاذ نورة ،وضمان حقها في الحياة، ورفعوا شعار( العدالة لنورا).
تعد قضية (نورة ) من القضايا التي شغلت الرأي العام المحلي والعالمي، لكونها قضية إنسانية محتقنة بالظلم. ا لحملات المناصرة للحقوقيين والمدافعين عن الحقوق رفعت درجة حرارة القضية إلى فكان الاهتمام الإنساني الأممي حيث وضعتها الأمم المتحدة في أجندتها وأكد المتحدث الرسمي باسم مفوض الأمم المتحدة لحقوق الإنسان في مؤتمر صحفي بجينف ،أكد ضرورة حماية نورة ومنحها الحق في الحياة ، ووصفها بضحية العنف الذي يمارس ضد الأطفال والمرأة. سبق وأن أطلقت الأمم المتحدة تغريدة على تويتر (العدالة لنورة ). العنف الذي تعرضت له نورة منذ زواجها وهي طفلة، فتح الباب واسعاً للحضورا الإعلامي المحلي الحر والعالمي ، ووسائل التواصل الاجتماعي التي صرخت لإنقاذها من حبل المشنقة لكونها ضحية.
جيل (نورة) الذي نشأ بأمريكا، تعامل مع قضيها بأبوية فرفع شعار ( العدالة لنورة) ايماناً منهم بأن عقوبة الإعدام تتنافى مع مبدأ الحق في الحياة وهو أسمى الحقوق في المادة6 الواردة في البروتوكول الاختياري للعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية، هذا الجيل مدركاً للانتهاكات الحقوقية المركبة التي قهرت نورة نفسياً وهي زواج القاصرات، والزواج القسري، واغتصاب الزوج. قطعاً هذه الثلاثية غيرت حياة (نوارة )الهادئة ، ووئدت حلمها بأن تصبح معلمة للأجيال، فأصبحت الضحية القاتلة لزوجها المغتصب دفاعاً عن نفسها.
بدأت حملة التضامن الأمريكية العالمية للنشاطات الحقوقيات من الجيل الأول السوداني الأمريكي استجابة لما نشرته الفتاة السودانية الأمريكية (مأب ياسين) عن قضية (نوارة) على في وسائل التواصل الاجتماعي، وفي الوقت ذاتها أرسلت رفيقتها (سارة الحسن) رسالة مباشر على الفيسبوك بشأن التضامن معها، فانفجر حماس الشباب وتبلورت مجموعة عمل لتنظيم حملة التضامن التي تهدف إلى إلغاء حكم الإعدام على ورفع الظلم . فتدفق سيل الرسائل التضامنية الشبابية تضامناً وتعاطفاً مع قضيتها، فتولت وفاء مي الأمين مهمة التنسيق لتفيذ أنشطة الحملة.
يبدو واضحاً أن مي وفاء الأمين ورفيقاتها مأب، سارة ، مروة الصادق،غيداء أحمد ، ريل يوسف، روان الفاتح، ياسمين، شمس إبراهيم سعد. عملن على تكثيف الشاعر الإنسانية ، ونجحن في كسب الاستجابة لنداء( العدالة لنورة) من العاملين في الحقل الإنساني ومنظماته الأممية،هذه الاستجابة تتناسب طردياً الدور الايجابي الذي لعبته (مبادرة لا لقهر النساء) ، وسائل التواصل الاجتماعي خاصة ( الفيسبوك/ تويتر/ الواتساب) ،وما يربط بين هذه الاستجابات هو الإيمان بحق الحياة ل (نورة)الطفلة الضحية التي تحولت بفعل العنف ضد المرأة إلى قاتلة محكوم عليها بالإعدام بالرغم من أنها كانت في حالة الدفاع عن النفس.
ما من شك في أن مبادرة السودانيات الأمريكيات التي رفعت شعار ( العدالة لنورة) ظلت تشكل رافداً من روافد الحراك النسوي الحقوقي الذي تقوده( مبادرة لا لقهر النساء) المهتمة بقضايا الانتهاكات الحقوقية للنساء في السودان.. هذا الجيل الذي ترعرع في أرض المهجر تنادى لتطبيق القيم الإنسانية والمبادئ الحقوقية والحماية في وطنه الأصل لكي يتمتع الإنسان السوداني بالحماية من الظلم . هذا الرافد المهم تشكل من مجموعة ناشطات حقوقيات من جيل (نورة) أعمارهن لا تتجاوز التاسعة عشرتجدهن غارقات في عمق القضية باعتبارها قضية تمس واحدة من جيلهن وأن عامل المكان وحده شكل الحماية لهن من ظلم القوانيين السودانية.. فقالت وفاء مي الأمين في استطلاع أجرته (الراكوبة) عقب التظاهرة أمام الكنغوريس، قالت إنها سعيدة بالقيام بهذه الحملة من منطلق الإنسانية والحب للوطن الأصل وشعبه،وأضافت قائلة “(نورة) أختي في الوطن “. تعهدت بمواصلة أنشطتها من أجل تحقيق الحماية لكل النساء السودان من العنف الأسري وعنف الدولة ،وخاطبت وفاء مي الفتيات في السودان بمقولة ” يمكن أننا نعمل لو توحدنا حول القضية”.
رؤى كودي قالت ” أي واحدة فينا نورة، ولذا سنعمل على التوعية بالقوانين المنتهكة لحقوق النساء، وتنبيه المنظمات الدولية للظلم الذي تعرضت له نوارة لكونها من جنس النساء، ووصفت نورة بأنها ضحية اغتصاب جماعي، وليست قاتلة.
الشاب مؤيد بابا ناشط حقوقي استهجن الظلم الذي تعرضت له نورة، وأعتبر مناصرتها التزام أخلاقي تجاه حقوق الإنسان ، وحماية النساء السودانيات من الظلم الذي يتعرضن له من قبل الدولة عبر قوانينها.
بينما قالت ريل يوسف ” ولو كنا في السودان أي واحدة منا ممكن تكون نوارة ، تُزوج طفلة وقسراً وتغتصب من قبل زوجها، ونحن بنحب لأخواتنا في السودان أن يعيشوا زينا في أمن وآمان ” واعتبرت تنشجع الآخرين توعيتهم بضرورة للعمل من أجل العدالة لنوارة من أهداف حملة التضامن.من جانبها قالت مروة الصادق ” نوارة زي أخواتي بناتي خالتي في السودان، وعمرها زي عمري التضامن معها واجب إنساني وأخلاقي” واضافت قائلة “حملتنا دفعت الكثير من المنظمات الدولية للمناداة لالهدالة ل(نورة )، وأعتبرت نشاط الحملة على وسائل التواصل الاجتماعي هو استجابة لحملتهن التي بدأت منذ فترة ليست بالقصيرة “. غيداء أحمد عبرت عن حزنها العميق بشأن قصة نوارة وقالت” نوارة لم تسطع تحقيق حلمها وتصبح معلمة ، وهي الآن ضحية تحتاج منا التضامن من أجل حقها في الحياة”
لا شك أن حملة المناصرة احتلت منطقة الوعي للرأي العام السوداني والعالمي فتبلورت حملة ال (مليون توقيع من أجل نورا) التي بدأتها وفاء مي، وحملة امنستي بجانب العديد من الأجسام الحقوقية الأخرى.
قضية (نورا) قطعاً تعد فصلاً من فصول التراجيديا اليومية للنساء اللائي يفترسهن العنف بشتى أنواعه الأسري ،والاجتماعي وعنف الدولة المتمثل في القوانيين التي طوقت المرأة السودانية بالظلم والقهر والتمييزضد النوع.والشاهد في قضية (نورا) أن النظام سعى لحجب الحقائق التي أردت هيئة الدفاع تمليكها للرأي العام وتصحيح المعلومات المضللة التي وردت بشأن القضية، إلا أن توجيهات جهاز الأمن الصادرة من جهات عليا منعت قيام المؤتمر الصحفي بمكتب رئيس هيئة الدفاع عادل محمد عبد المحمود أمام.
القضاء السوداني لم يكن رحيماً بالضحية ( نورا) التي مرت بكل محطات العنف ضد المرأة بدءاً بزواجها وهي طفلة، لا تتجاوز ال (15) عاما مروراً بالزواج القسري وإنتهاء بالعنف الأسري المتمثل في اغتصاب زوجها الذي أهدر كرامتها أمام أقاربه. مهما اعطيت نورة من قوة فمن الصعوبة بمكان أن تتحمل كل هذا العنف الذي أحاط بها احاطة السوار بالمعصم فأصبحت مخنوقة بغضبها ورعبها وجراحاتها منذ أن زواجها وهي طفلة حتى لحظة اغتصابها التي أقحمتها في ارتباك نفسي وروحي يشرح ما بها، فداهمها عنفوان الغضب وهي تحاول الدفاع عن نفسها وحماية ذاتها ، فقتلت زوجها المغتصب الذي ذبح كرامتها بالاغتصاب على مرأى من الناس، فكانت نتيجته الأذى النفسي والبدني.. وما تعرضت له يوفر الظروف الموضوعية لرفع حكم الإعدام عنها واطلاق سراحها، ليس من الدين والأخلاق أن يسلب القضاء السوداني حقها في الحياة ، بتجريمها بالقتل العمد وفقاً للمادة 130، بالرغم من أن الشواهد تشير إلى أنها في حالة الدفاع عن نفسها. إن التضامن مع (نورا) موقف إنساني، والتزام أخلاقي لنصرة المظلوم وتحقيق العدالة ل(نورة).
ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب لعلكم تتقون.
ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب لعلكم تتقون.