أخبار السودان

من يزرع الشوك ..

افترض مثلاً أن أي بص من بصات شركة مواصلات العاصمة يقوم فقط بعشر رحلات يومية من محطة البداية وإلي نهاية خطه ، وأنه لا يحمل في كل رحلة إلا 50 راكباً ( وهذا رقم متواضع ) ، وأن كل راكب يدفع مبلغ واحد جنيه نظير التذكرة .

دخل البص اليومي من هذه الفرضية 500 جنيه سوداني ، نقداً وليس بشيك مضروب .

افترض أن ثمن الوقود والزيت وكلفة الإهلاك لهذه الرحلات 100 جنيه في اليوم ، وأن أجر السائق والكمساري 100 جنيه في اليوم ، وعليه إن صافي دخل البص الواحد 300 جنيه يومياً بما يعادل 9000 جنيه في الشهر .

فكر عزيزي القارئ في حجم الأموال المنهمرة علي شركة مواصلات العاصمة لو كانت تمتلك فقط 100 بص ، وليس 500 أو 700 .

ولكن الأمور تتعثر في هذه الشركة والسائقون يضربون بسبب قلة الأجور وانعدامها ، والبصات نفسها لا تري بالعين المجردة في ساعات الإزدحام .

كم ساعة من الزمن تهدر علي صعيد الإنتاج لو تأخر كل عامل أو موظف عن عمله لمدة خمس دقائق بسبب المواصلات ؟ وكم ساعة زمن تهدر من المحاضرات الجامعية بسبب صعوبة التنقل بالمواصلات العامة في الخرطوم ، وكم جنيهاً إضافياً راح علي الناتج المحلي الإجمالي بسبب هذه الساعات المهدرة ؟؟

لا يحسب المسؤولون هذه الأمور ، لأنهم ببساطة لا يركبون المواصلات العامة ، ولا يقفون حتي في الأرصفة ليشاهدوا معاناة الناس الذين يتدافعون علي البصات والحافلات بشق الأنفس .

ولم تضف مواصلات العاصمة الحكومية جديداً ، لأن البصات ( سكند هاند ) وأن التمويل بفوائدعالية ، والإدارة مترهلة والعائدات لا تعود لدورة العمل والتشغيل كما هي العادة .

وأي زول يزرع الشوك لا يحصد العنب ، وبالتالي فإن التصريحات عن إنفراج أزمة المواصلات بالعاصمة لا أساس لها من الصحة ، وأن حل هذه المعضلة ليس في تحويل المواقف أو إلغائها أو جلب بصات جديدة بتلك الكيفية .

ولأن التنظير لا يكفي ، فلينزل الولاة والمعتمدون من أبراجهم العاجية وليجربوا ركوب المواصلات لمرة واحدة فقط لا غير .

وإن حدث فستركب اللجنة الأمنية مع الوالي في البص ، وستنطلق صفارات النجدة أمامه ، وسيكون الطريق سالكاً وعندها سيكتب في تقريره أن مشكلة المواصلات قد حلت وأن الأمن مستتب ، وأن منظر الخرطوم من داخل البص ( يجنن) .

وإن هتف الشعب خارج البص المغلق النوافد ( الشعب يريد إسقاط النظام ) فسيهمس الطاقم الأمني في أذن سعادته أن الجماهير تحييه وتهتف ( سير سير يا عبد التام ) ، كلام .. يا .. عوض !!

الميدان

تعليق واحد

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..