رسالة إلى رئيس القضاء!!

عثمان ميرغني
ليت مولانا البروفيسور حيدر دفع الله رئيس القضاء يعيد النظر في المنشور الذي أصدرته السلطة القضائية، وقضى بتقييد الوصول للمحكمة العليا باستحداث (تأمين) مالي يُلزم بدفعه كل من يلجأ للمحكمة العليا.. في سياق تدرج التقاضي المعروف للجميع.

حسب المنشور.. من يقدم عريضة للمحكمة العليا يجب عليه دفع عشرة آلاف جنيه (عشرة ملايين بالقديم)، على سبيل التأمين في حال كانت قيمة الدعوى لا تزيد عن (200) ألف جنيه.. ويدفع مبلغ (20) ألف إن كانت الدعوى أكبر من (200) ألف جنيه أو غير محددة القيمة..

وأكثر من ذلك؛ إذا كان المدعون أكثر من شخص فيدفع كل منهم قيمة التأمين، فإن كانوا عشرة مثلاً.. تصبح قيمة التأمين مليار جنيه (مليون بالجديد)..

صحيح قد ترد القضائية بأنَّ قيمة التأمين مثل الرسوم يمكن الحصول على إعفاء منها لمن يتبع إجراءات الإعفاء.. لكن هذا لا يمنع كونها حاجزاً إضافياً جديداً قد يحبط فرص كثيرين يأساً من طول طريق الوصول إلى الإعفاء.. وحرمان شخص واحد ذي حق من الحصول على حقه بسبب التأمين كحرمان كل الناس على نسق الآية (مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا(.

هذا الإجراء سيكون عقبة كبيرة لأعداد كبيرة من المتقاضين الذين لا يقدرون على سداد هذا المبلغ الكبير ويستكثرون إجراءات الإعفاء.. وستكون النتيجة حرمانهم من (حق التقاضي)، رغم كونه حقاً دستورياً منصوصاً عليه في المادة (35) من دستور 2005 والتي تنص (يكفل للكافة الحق في التقاضي، ولا يجوز منع أحد من حقه في اللجوء إلى العدالة)..

عملياً سيصبح هذا التأمين المالي سداً منيعاً أمام الضعفاء فقط، يحرمهم من التدرج في التقاضي إلى منصة المحكمة العليا، فيرسخ التمييز بين الناس بمبدأ من يملك المال يملك حق التقاضي.

ربما يكون الداعي لقرار السلطة القضائية تخفيف العبء على المحكمة العليا، بافتراض وضع حاجز لإثبات الجدية، لكن ذلك في المقابل يصبح حكماً مسبقاً على الدعوى قبل إيداعها منصة المحكمة، فحرمان المتظلم من الوصول لمنصة القضاء كمثل إصدار حكم برفض تظلمه قبل النظر فيه.. فإن انطبقت حجة القضائية على 99% من الدعاوى فيبقى 1% حرموا من العدالة بحجة توفير العدالة لمن يستحق..

ليت القضائية تعيد النظر في هذا الإجراء.

التيار