صابر.. إن لم تنفع الناس والبلد، فلا تضرهما..!ا

اليكم

الطاهر ساتي

صابر.. إن لم تنفع الناس والبلد، فلا تضرهما..!!

** إحداهن، طبخت طعما شهيا ونظفت غرف المنزل وعطرتها، وتعطرت هي ذاتها وتزينت ثم إنتظرت زوجها، ليتناولا وجبة الغداء على شواطئ الغزل.. عاد الزوج من العمل مرهقا جائعا، ولم ينتبه إلى الأجواء الغزلية التي أعدتها زوجته، فشرع يأكل بشراهة ، غير مبالٍ بتلك الأجواء.. لامبالاته لم تعجب الزوجة، فأرادت أن تجذبه إلى حيث هواها بالقول بعد أن فشلت بالفعل، فمالت عليه – كما فريع البان – ثم همست برقة: (حبيبي، قول لي كلمة من جوة قلبك الحنون ده، بشرط ما تكون قلتها لي زولة غيري قبل كدة، كلمة كدة تعيشني برااااااااي في عالم تاني).. ولأن زوجها من ذوي الخيال الواسع، رد عليها بمنتهى السرعة واللامبالاة: إنتي طلقانة.. ثم إستطرد قائلا: (عليّ الطلاق ما قلتها قبل كدة لزولة غيرك، وافتكر ح تعيشك برااااكي في عالم تاني..)..!!

** هكذا إستوعب عقله – الخصيب- مقصد زوجته، فأطلق تلك الكلمة، ولم يفكر في صداها ولم يحلل آثارها، بل كان تركيزه فقط على الشرط المطلوب فيها: لم يقلها من قبل ولم يقلها لغيرها ثم تعيشها وحيدة في عالم آخر.. وحدثا كهذا شهدته – الأسبوع الفائت – وكالة سونا للأنباء، حيث زينت الوكالة منبرها وحشدته بالإعلاميين ثم جاءت بوزير المالية ومحافظ بنك السودان ليبشرا الناس بميزانية خالية من المرهقات الجديدة، ضرائب كانت أو رسوما وأتاوات.. ثم ليطمئنا الرأي العام بأن إنفصال الجنوب – لا قدر الله – ليس شرا يرجع إقتصاد الشمال إلى حيث حال إقتصاد دولة الخليفة عبدالله التعايشي.. أو هكذا إشتهت سونا وتمنت لمنبرها أن يسمع حديثا كهذا. وزير المالية لم يخيب ظنها، بحيث بشر الناس بميزانية خالية من أية مرهقات جديدة، ولكن محافظ بنك السودان جاء إلى ذاك المنبر بخيال لا يختلف كثيرا عن خيال ذاك الزوج، بحيث لم يجد الدكتور صابر محمد حسن في قاموس الإقتصاد المفرح ما يبشربه الناس وسونا غير مقترح فحواه: (أنا أقترح انو الدولة ترفع الدعم عن الوقود)..!!

** صدى هذا المقترح – عند الناس – كما صدى الطلاق عند تلك الزوجة.. وكذلك آثاره على حياة الناس لو تم تنفيذه – لا قدر الله – لا تقل وطأة وقسوة عن آثار ذاك الطلاق على تلك الزوجة.. والمدهش أن القاسم المشترك، أي المقصد من هذا المنبر الصحفي وذاك الجو الغزلي، هو: التبشير وليس التنفير، ثم إبداء نوع من المودة والرحمة.. وللأسف، كلاهما لم يتقنا التبشير، وكذلك لا يعرفان معاني المودة والرحمة.. نعم، لو كان محافظ بنك السودان يتقن التبشير لما قدم مقترح رفع الدعم عن الوقود في ظرف سياسي كهذا، حيث الكل يضع قلبه متوجسا على مصير الجنوب والآثار المرتقبة في حال أن يصبح الإنفصال مصيرا..!!

** هذا المقترح يكشف بما لايدع مجالا للشك بأن السيد صابر بعيد عن العامة وأزقتها وحواريها وأسواقها، وبعيد عن بيوت الطين وغرف الكراتين وخيم النزوح الدائمة، وبعيد جدا عن الذين يقضون نهاراتهم بنصف وجبة ثم يلتحفون بالبرد وإلتواء البطون وأنين أطفالهم في لياليهم الشاتية.. ليس قريبا منهم، ولا من يزرعون وينتجون ، ومع ذلك يحصدون الديون والإعسار والسجون عند الحصاد، وليس قريبا من بناتهم اللائي حين تضيق أحوالهن يقطعن دراستهن ويعدن إلى أريافهن كما جئن بلا دبلوم أو بكالريوس، أو يزاحمن المارة والسيارة على أرصفة الطرق بحثا عن (الطرق غير المشروعة).. صابر لا يعرف عنهن كثير شيء، ولا يعرف دار المايقوما وأرقامها الفضائحية التي تتصاعد كل عام كما معدل العجز في الميزانية، ونسب نهب المال العام في تقرير المراجع العام.. فليكن صابر قريبا من الناس ليعرف، ولو كان يعرف لما جادت قريحته بمقترح يرفع دعم الوقود عن كاهل الحكومة ليرهق بهذا الدعم كاهل المواطن (المرهق بالميلاد)..لأن القائمين على أمر إقتصاد بلد يفكرون كما صابر ، بحيث المواطن عندهم على مدار العمر ( البقرة الحلوبة ) و( شماعة الظروف ) .. !!

** محافظ بنك السودان يعلم بأن كاهل هذا المواطن البائس يدفع الدعم الحكومي المرفوع عن المسماة – خيالا وليس واقعا – بمجانية التعليم، وكذلك يدفع الدعم الحكومي المرفوع عن المسماة – تنظيرا وليس تنفيذا – بمجانية العلاج.. صابر يعلم ذلك، وإن كان لا يعلم فليسأل مرضى الفشل الكلوي عن سعر أدويتهم وقيمة جلسات غسيلهم ، هذا الغسيل الموجه من قبل الرئاسة بأن يكون مجانا ولكن هيهات بان يكون كذلك ، ويسأل مرضى الملاريا عن سعر الكلوروكوين، وكذلك يسأل كل ولي أمر عن سعر الكتاب المدرسي – ناهيك عن الكراسة – والذي يباع في الأسواق بعد أن كان يوزع في المدارس – مجانا – في أزمنة مجانية التعليم التي تعلم فيها صابر وجيل صابر.. هذا الكاهل البائس، المسمى بكاهل المواطن، هو الذي يدفع أي دعم رفعته الحكومة عملا بأحكام سياسة حمدي التحريرية، تلك السياسة التي تُرِي الناس يوم القيامة كل يوم ، بيد أن مهندسها حمدي يتوجس على مستقبل أنجاله ولذلك يفكر جهرا – عبر الصحف – في أن يؤسس لهم مصرفا لتأمين مستقبلهم ، هكذا تفكير أحد صحابة الإنقاذ وخلفائها الراشدين في زمن تشردت فيه الأسر بسبب سيفي الصالح العام وسياسة حمدي ، ومامقترح صابر إلا حلقة مكملة لمسلسل الضنك الراهن والذي يثقل كاهلا دفع ثمن الحرب – جنوبا وشرقا وغربا – ودفع ثمن السلام عندما ترهل جسد الدولة بوزراء ووزراء الدولة ومستشارين ونواب وهيئات ومفوضيات وموازنات سياسية واخرى قبلية وثالثة طفيلية .. وكذلك هذا الكاهل المغضوب عليه – من قبل صابر و حمدي – دفع الثمن، ولايزال، حين جاء زعماء التمرد إلى القصر الرئاسي وهم يتأبطون حركات ذات جيوش أعدت خصيصا للإبتزاز وإهدار المال العام وليست للإنتاج أو لحماية المنتج.. محافظ بنك السودان يعلم كل هذا، ويعلم بأن محمد أحمد البائس هو من يدفع فاتورة كل هذا الترهل ، ومع ذلك لم تحدثه نفسه بمقترح يخفف عن كاهله – ولو بعد حين – وطأة كل (تلك المحن)، فاقترح بمنتهى اللامبالاة: رفع الدعم عن الوقود (600 مليون دولار في السنة).. يقترح للدولة رفع هذا الدعم المدفوع القيمة ضرائب ورسوما وجمارك وأتاوات ، وكأن لسانه حاله يريد أن يقول للناس: لئن صبرتم برفع الدعم عن الغذاء والدواء والتعليم، لأزيدنكم ضنكا ورهقا برفع الدعم عن الوقود..!!

** فليدع محافظ بنك السودان أمر الموازنة العامة لوزارة المالية ولمن يهمهم أمر الناس والبلد، وطوبى لهذا وذاك ..عليه أن يحسن إدارة مصارف البلاد ومصرفها المركزي، ولو أحسن هذا الأمر: لن تنهار المصارف، كما حدث في عهد صابر، ولن تدمج في بعضها توجسا من الإنهيار، كما حدث في عهد صابر، ولن تصبح أموال المودعين فريسة سهلة لأنياب الجوكية والمحسوبية ، كما حدث أيضا في عهد صابر.. كل هذا – وغيره – يحدث تحت سمع وبصر نهج الدكتور صابر محمد حسن، وأن يتفرغ سيادته لدرء هذه الكوارث عن مصارف بلادي، خير للناس والبلد من أن يقدم مقترحا يرفع الدعم عن الوقود .. أي، بصراحة كدة : إن لم تنفع الوطن والمواطن، فلا تضرهما يا محافظ بنك السودان..هذا أوغادر موقعك العام إلي حيث حياتك الخاصة ، كأن تكون شريكا لحمدي في أسهم مصرف يؤمن مستقبل أنجالكما.. ولن تجد باكيا يبكي رحيل من كان جاثما على صدور الضعفاء بلا رحمة ..!!

……………..

نقلا عن السودانى

تعليق واحد

  1. طاهر ساتي بارك الله فيك ويمتعك بالصحة والعافية ويبعد عنك اولاد الكيزان وشرورهم ،
    اسالك بالله من من الوزراء شاف ليهو يوم من الايام ناس بياكلوا طقة واحدة ولا وقف في طابور مستشفياتهم التعبانة في انتظار دوره ، ولا شاف السوق والغلاء الفاحش
    حتى والولاء قاعدين في كراسيهم وما عارفين الحاصل شنو للمواطنين ( الدرجة الخامسة ) دول في الخرطوم وضواحيها
    ولكن في القري والارياف فحدث ولا حرج وخاصة في الشمالية والله لولا المغتربين كنا اكلنا نار والنار ذاتو ما كنا حنلقاه

  2. ياالله عليك أيها الطاهر النقي . هو يعلم وهم يعلمون لكنها سياستهم منذ أن جاءوا الينا في ليل بهيم ( جوع كلبك يتبعك ) . هو يعلم أخي ساتي أن رفع الدعم عن الوقود يعني زيادة في كل السلع ولكنهم لايرحمون ومن لايرحم لن يرحم ولو بعد حين .

    لافض فوك وتسلم البطن الجابتك . أنا أعلم أنه بلدياتك ولكنك كعهدنا بك أخاك الحق وقول الحق خسئوا هم وربحت أنت فالقلم أمانة وقد أديتها بما يرضي الله وضميرك الحي ولانامت أعين الجبناء .

  3. أنا أقترح انو الدولة ترفع الدعم عن الوقود)..!! ////والمقترح على الطاولة يعني اذا الطلاق بائن يا اخي وممكن الرجوع عنه بكلمة صغيرة انت (مرجوعة ) او المقترح ليس هذا وقته وكفي الله شر العمش عمشتنا يا طاهر

  4. يعنى صابر ده انتو ماعارفين انو الحكومة هى العينتو فى المنصب ده . فيبقى لازم يخفف العبء عنها ويرميهو على عاتق المواطن لانو هو الحيطة القصيرة وحمّال الأسى والأسية ولأن الزى صابر مابيتعبو ثمن الوقود ولابيؤتّر فيهو . كده بس شوفوهوا ليهو كم سنة مكنكش فى بنك السودان يمص ويلحس ويرضع ويعضعض ويجقم ده غير اللجان والسفريات وغيرها.
    ها انتو لاقاكم كوز بيحس بالناس :lool: 😮 😡

  5. تسلم استاذ الطاهر ساتي … امثال صابر لا يعرفون كيف يعيش المواطن السوداني وهم الذين يتلذذون بخيرات هذا الوطن و يسافرون الي اقاصي الدنيا باريح الطائرات و اغلي الاسعار..هم يدفعون عشرات الملاين للتذكره الواحده الي بلاد قريبه و يتمتعون بركوب الدرجه الاولي و المواطن المغلوب يقف بالساعات من اجل ان يجد ما يقله الي منزله فلماذا لا يكون هذا الخصم الا حساب المواطن ولا يكون علي حسابهم هم

  6. النا س صابره على بلاوى صابر حتى وصل الدولار من 12 جنية الى فوق 3ألف جنية فى عهده…..سكت دهرا ونطق كفرا طبعا رفع الدعم عن الوقود لايتاثر به امثاله من……………….العاشين على دم الغلابه………حسبىالله ونعم الوكيل وربنا يكون فى عون محمد احمد المسكين.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..