أ(مُطْرِفٌ) هو أم (مُتَطَرِف)؟!!

(*) ما حسبتُ نفسي في يوم من الأيام، أجدني مدلياً برأيي في مسألة تخصّ العلاقات الدبلوماسية بين جنوب السودان والسودان ، لعدة إعتبارات: الأول، أننا خرجنا حديثا من حرب طويلة، كان طرفها الآخر الجانب السوداني الذي نريد أن نصل معه الآن إلى صيغة توافقية حول شكل العلاقة بيننا وبينهم . الإعتبار الثاني، أن جمهورية جنوب السودان تم تصنيفها من قبل السودان وبرلمانه القومي (كدولة عدوة)، شأنها شأن (إسرائيل)..!! ولم يرد إلينا ما يفيد برفع ذلك أو التراجع عنه أو الإعتذار حتى بعد (القمم) التي عقدها رئيسا البلدين مؤخراً. الإعتبار الثالث الذي منعني من الخوض كثيرا في الشأن السوداني ، هو حساسية موقف حكومتنا في جنوب السودان من كل ما هو (سوداني)، وبالأخص شئون الحكومة السودانية ونظامها الحاكم، إذ أن المرجح لدينا الآن أن بوادر الخلافات التي ظهرت في السودان، أثبتت تماماً خطورة الوضع هناك.. فالمعارضة تنشط في جميع الأصعدة على ضرورة إسقاط النظام ، والحكومة السودانية نفسها (معزولة دوليا)، ولديها ملفات غاية في الحساسية في كبرى المؤسسات والهيئات العالمية ، ما يوجب على جنوب السودان أن ينأى بنفسه عن أية محاولة للتدخل في هذا الشأن ، وكذلك لكيلا يسير بهذا الحديث الركبان ، من كون جنوب السودان ساهم في إسقاط نظام المؤتمر الوطني (حليفه السابق)، هذا النظام المتهالك بفعل قوة معارضيه، والتكالب الدولي على قادته الذين لا يخلو سجل أحدهم من (جُرْمٍ) يحاسب عليه القانون..!!
(*) ولقد كتبت الصحف هنا في جوبا منذ وقت مبكر من العام الماضي، حول تعيين (الدكتور مطرف صديق النميري) سفيرا للسودان في الدولة الحديثة . وكتبت الصحف ما كتبت، وأدلقت مدادا كثيرا، وسكبت على الورق ( لغة عربية) رصينة في الرجل (مطرف صديق) .. بين قادحٍ ومتشائمٍ ولائمٍ لحكومة الجنوب إن هي وافقت على هذا الرجل سفيرا لبلاده في جوبا . وكنت حينئذٍ ممن إتخذ مقعده، متوسطاً (المتفرجين) في الساحة السياسية، دون أن نطلق (كلمة) نندم عليها ، إذ أن الكلمة مسئولية كبيرة ، وبخاصة إذا قيلت في شأن كشأن بلادنا وإخوتنا السابقين (السودانيين). وكم كنا ممن رأوا عدم جدوى الحديث في خلفية الرجل الأمنية أو الأيدولوجية العقائدية، حيث ترّكزت الآراء في هذه الناحية دون النظر ولو قليلاً في المسألة أو (المبررات والمعطيات) التي جعلت حكومته ترشحه دون غيره لشغل هذا المنصب، في ظل وجود العديد من الكفاءات الدبلوماسية السودانية، والذين شكلوا (مدرسة دبلوماسية سودانية فريدة) منذ أكثر من 60 سنة.
(*) والحق إن ما قيل في (مطرف صديق) حتى الآن وما كتب عنه، لم يتجاوز نطاق الإنطباع الساذج عنه ، لجهلٍ ? ربما ? بمقدراته وخبراته وتاريخه الطويل، سواءا في الحركة الإسلامية السودانية أو المؤتمر الوطني فيما بعد. وتبقى العبرة بالخواتيم، فـ (مطرف صديق) سفير بلاده في جنوب السودان ، شئنا أم أبينا..!!
(*) غدا ? إذا أمدّ الله في الآجال ? تقوم الصحيفة بنشر الحوار الذي نشرته صحيفة (سودانيز أون لاين) الإلكترونية ? الجزء الأول منه – مع السيد سفير السودان بجوبا، تحدّث فيه بطريقة – أقل ما يمكننا قوله – أنها (حوار مفتوح) .. // الراجل أخد فيهو راحتو بالكامل // ..وقال ما لم يقله في جوبا طيلة وجوده في الفترة القصيرة السابقة ..!! ولربما لوجوده الآن خارج الحدود، ووسط أهله وأصدقائه وحكومته.. قال السيد السفير الكثير وتركّز حديثه حول الإتفاقية التعاونية وقمة الرئيسين ( قمة إنقاذ الإتفاقية).. ولم يخف الرجل صغيرة أو كبيرة من أسرار الإتفاقية والتحديات التي واجهتها، وما يمكن أن تواجهه فيما بعد من عراقيل. تحدث السفير عن جنوب السودان وتأخر تنميته، وكأنه ( بارياوي من كوندكرو) يوجّه اللوم لحكومته التي أهملت سفلتة مداخل ومخارج جزيرته ذات الإنتاج الزراعي والبستاني الوفير ..!! وسخر السفير من أن جملة الطرق التي تم سفلتتها في جنوب السودان لم تتعدّ الـ 140 كلم ، ومن الطاقة الكهربائية (كهرباء البوابير طبعا) والتي لم يتجاوز إنتاجها الـ 10 ميغاواط ..!! (وللتذكير : سد مروي وحده ينتج 1250 ميغاواط). د. مطرف لم يخف ? كذلك ? خوفه من إنعدام الأمن في المدن الرئيسية في الدولة الوليدة، وتحدث كثيرا عن إنعدام الخدمات حتى في جوبا ، وعلّق ساخراً من كونه يتحصل على حاجته من المياه عبر (تناكر) تجلب الماء من النهر دون (فلترة)..!! تحدث عن تيارات هنا في جنوب السودان وأخرى في السودان ترفض بشدة أي تقارب في علاقات البلدين، ولا أدري أي تيار جنوبي يقصد ..!! وبخاصة إذا علمنا أن ( جماعة الإنتباهة) تقود جهود إثناء الحكومة السودانية عن مدّ جسور التواصل مع جنوب السودان، وهو تيار عريض يكثّف من حملاته ونشاطاته تحت (سمع وبصر) الحكومة، وربما تحت إشراف الحكومة مباشرةً. السفير مطرف صديق قال .. وقال..
(*) لا أريد أن أحرمكم ? القراء الكرام ? متعة الإطلاع على الحوار غدا ، بإستباق الحوادث، فقد أدهشني (مطرف) ولم أستطع الخروج من حواره برأي صريح في (هل هو من متطرفي الإنقاذ أم لا؟!!) ولكنني أردت أن أرسل رسالة واحدة لا غير : (لقد نجحت الخرطوم نجاحا منقطع النظير في إختيار سفيرها بجوبا) . والقائل بغير ذلك، واهمٌ وقليل عقل.
قاسم :
متى نفهم : أن الدبلوماسية هي العمل (الإستخباراتي) المُعلًن..؟!!

إستيفن شانج
[email][email protected][/email] جوبا ? صحيفة (9يوليو)

تعليق واحد

  1. اخيارك يا استيفن شانج النويري . ربنا يعطيك الصحة والعافية على هذا المقال الجميل كلامك منطقي جدا وياريت لو الناس تصفي النوايا للوصول الى حلول مرضية للطرفين لكي يعيش الشعبين حياة كريمة بعد ان ذاقوا مرارات الاحتراب لعشرات السنين لم يتضرر منها غير المواطنين الغلبانين فنحن شعوب تستحق ان تنعم بالسلام ولكن يبدو ان المنتفعين من الاضطرابات في البلدين عدد كبير .الله يكضب الشينة .

  2. يا خوي انت شايت وين
    يا اهتم بالمجاعة الحاصلة ليكم اكتب فيها الشمال دا انسوهوا يا ايها الاعزاء

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..