ما بين ثقافة التنظير …وحصافة التفكير!

شاهدت منذ سنوات فيلما عربيا لاأذكر بالضبط عنوانه الآن ، ولا تحضرني شخوص أبطاله تحديدا ، ولكني لم أنسي أحد مشاهده اللافتة التي تمس في اشارة مباشرة الدور المنقوص لكثير من المثقفين أو قل المتعلمين بصورة عامة تجاه مجتمعاتهم خاصة في البلدان الأقل نموا !
اذ يصور المشهد مجموعة من الفقراء البسطاء وجلهم من الأميين يجلسون في مقهى هو عبارة عن عشة من العريش وقد بدت على وجوههم سيماء البؤس والشقاء وهم فاغرون الأفواه أو هم ناعسون .. وتفاوتت أسمالهم بين الممزقة والرثة ، وبعضهم بطواقي هي اسم على غير مسمى والبعض حاسر الرأس ولا ينتعل ما يستر تشقق الأقدام ، بينما اعتلى مقدمة الجلسة في مواجهتهم متحدث من ابناء البلدة وهو يبدو أنه من القلة المتعلمة أو قل المثقفة بينهم !
وكان عنوان محاضرته هو
( أثر ثقب الأوزون على بيئتهم الريفية تلك)
خطر ببالي ذلك المشهد الذي يشكّل تصويرا بليغا للهوة الفاصلة التي تعيشها مجتمعاتنا النامية من تباعد بين متعلمينا ومثقفينا وبين المشاكل الحقيقية لتلك المجتمعات على مختلف مستوياتها السياسية و الاجتماعية والمعيشية وخلاف ذلك ، اذ هم يهومون اما في متاهات التنظير والتلاعب بالمصطلحات وتعقيد الكلام في الجمل الطويلة التي يرمون من ورائها الى اضفاء صورة زاهية لتأكيد سعه الاطلاع و التباهي بامتلاك ناصية الفكر والثقافة ، دون الالتفات الى الزبدة من مجمل ما يكتبوه أو ينطقون به ، والخروج بنتيجة يمكن لأى انسان تلمس أى قدر من الفائدة منها !
ما أجمل ان ينحني المثقف أو المفكر أو قل المتعلم وينزل من علياء النرجسية الجوفاء الى مستوى جلسة العامة ومن ثم يرتفع بهم تدريجيا الى سماوات المعرفة أو توصيل فكرته ، دون التركيز على الاستعراض الذي يجعل منه منفصما عن واقع مجتمعه ، وهو ما ينقص من دوره ولا يرفع من مكانته التي لا تعلو الا بالتواضع والتبسط لمن هم دونه ثقافة ومعرفة وعلما ليهمس في آذانهم بما ينفعهم ، لا ليصرخ فيهم بالقول أنكم دون مستواى حتى تفهموا ما أقول !
فواقعنا السياسي والاجتماعي في هذا المنعطف يتطلب مثقفا ومفكرا ومتعلما من نمط خاص يعيش بين الناس ويتمدد فيهم بقدرما هم يكونوا متربعين في مقدمة أولوياته !
فمنظومات الثقافة والفكر والعلم ، لم تبعث في عالم الانسانية لتظل حبيسة العبارات المبهمة و أسيرة التهويمات اللفظية الهلامية ، ولاربطا بأجنحة التحليق في فضاءات التنظير لتطير في اتجاه رياح الخواء والعدم !
وانما خلقت لتكوين الفكرة التي يستقي منها المستمع خلاصة يشكلها داخل لبه وفقا لسعته الذاتية ، لا لتفّجر عقله فيكفر بالاستماع الى من هو يدعي الفهم أكثر منه !
This is one of the serious sudanese sociopolitical issue , if not the most serious of them.
I hope and am requesting you to make it a series and write more and more on this subject
as exampling and elaborating in this issue with more demonstration will light for both of us you as the writer and us as readers many dark areas .
I hope next time when I comment here I will have Arabic setting in my computer.
This subject/issue really needs elaboration,exampling,realistic and actual picturing of the situation or otherwise the subject itself would be mere theory
Best Regards,, ,