أخبار السودان

ساطع الحاج: قانون الصحافة مذل ويعكس المشروع التخريبي الذي يحكم منذ 1989، مديحة عبدالله: هناك معاقبة وحرمان من الإعلان لدفع الصحف لإغلاق أبوابها

وجدي صالح: في قانون المعلوماتية من ينشر مادة تحقر الحكومة يسجن ويغرَّم

هاجم النائب البرلماني القيادي بالمؤتمر الشعبي كمال عمر المحامي، التعديلات المرتقبة بقانون الصحافة. وقال إنَّ التعديلات خرجت من رحم لا صلة له بالدولة السودانية -حسب تعبيره- مؤكداً أنَّ الجميع بمن فيهم المؤتمر الوطني فوجئوا بالتعديلات. وزاد: ” أؤكد لكم ونحن شركاء في الحوار الوطني والحكومة لم يعرض علينا هذا القانون، حتى ناس المؤتمر الوطني فوجئوا به”. وتنبأ عمر أن تحوَّل التعديلات الصحافة لـ”جهة مستباحة”.
ووصف عمر حزبه وباقي أحزاب الحوار في الحكومة بالعجز وقلة الحيلة، وقال في منتدى الفكر والقانون بعنوان “قراءة في تعديلات قانون الصحافة 2018” بجريدة (التيار) عصر الأربعاء الماضي : “نحن (قاعدين ساكت) ما تعوِّلوا علينا ولا على أحزاب الحوار”، مصوِّباً انتقاداتٍ شديدة لمجلس الصحافة لجهة استلابه سلطات قضائية لصالحه. وتوقع فرض المجلس المزيد من القيود في ظل سيطرة المؤتمر الوطني عليه، حيث يشكل 80% من عضويته.
في المقابل قال القيادي بتحالف المعارضة ساطع الحاج المحامي، إنَّ القانون “مذل ومقيِّد للحريات”. وأضاف: “بدون درس عصر هذا القانون يخطط لهدم الصحافة التي تمثل خط الدفاع الأول عن الوطن والمواطنين”، واصفاً التعديلات المرتقبة بـ”مشروع تخريبي” يهدف للمزيد من السيطرة، خاصة بعد إدخاله الصحافة الإلكترونية.

الخرطوم: عمار حسن
الحلقة الثانية والأخيرة
خرق الدستور
قال وجدي صالح المحامي، نحن كمحامين واجبنا الأساسي هو الدفاع عن الحقوق والحريات وهذه طبيعة مهنتنا، وهناك نقطة أساسية هي أنه يوجد تحوُّل تشريعي منذ العام 1989 وحتى 2005 هو في إطار التشريع الدستوري وفي دستور 2005 وهناك حقوق لو كفلت للمواطن السوداني لأحدث تحوُّلاً كبيراً لكن المصيبة أن هذه الوثيقة موجودة وأنها أحدثت خروقات في الدستور وهذا يرجع لسببين الأول انعدام الرقابة على الجهاز التشريعي، فالبرلمان يشرع ما يشاء من القوانين رغم أنها مخالفة للدستور ودائماً الرقابة على البرلمان قبلية يفترض يحصل فيها تقنين قبل ما نذهب للخطوات المتقدمة نحو الإجازة وتصبح قوانين، لكن التجربة -أيضاً- تقول منذ العام 1998 حينما أنشئت محكمة دستورية بموجب دستور التوالي في ذلك الوقت ولم تكفل هذه المحكمة أي حقوق دستورية للمواطن وبالتالي انعدمت الثقة من المواطن العادي تجاه القضاء الدستوري المناط به حماية الدستور.

ما الضرورة؟
وتساءل صالح ماذا سنفعل؟ يومياً يحصل انتهاك، طيب نمشي للكلام السياسي النظام أعلن عن حوار بغض النظر عن من شارك ومن أبى ودعا الناس كمتخصصين لمناقشة الكثير من المشاريع أقرب مثال مشروع فصل النيابة العامة عن وزارة العدل كان مطلب اتفقت عليه المعارضة والحكومة ويبقى الشيء الطبيعي طالما اتفقو المعارضة والحكومة بفصلها عن وزارة العدل والجهاز التنفيذي أن يكون في قانون يحمي هذه الاستقلالية ويحقق الهدف من هذا الفصل، الحصل أنه أدير نقاشاً قانونياً بين المتخصصين والمعنيين من بينهم المحامين والنيابة والشرطة واتفقنا بحضور وزير العدل ورئيس القضاء على مشروع قانون للنيابة العامة، ولكن هذا المشروع “خشا مجلس الوزراء جاء طالع حاجة تانية مختلفة تماماً” ولما مشى ما يسمى المجلس الوطني أجيز وجرَّد القانون من مضمونه الحقيقي وأصبح بلا معنى والآن قانون النيابة العامة من يطلع عليه كأنه لا يخدم المستشارين بالنيابة العامة من تنقلاتهم ومكافاتهم وترقياتهم يبقى أفرغت الفكرة من مضمونها التجربة الثانية قانون التحكيم والناس شغالة تقيم تجربة قانون 2005 نفاجأ بعد أن اتفقنا على شبه مشروع صدر مرسوماً مؤقتاً من قبل رئيس الجمهورية مشروع لقانون التحكيم وبعد ذلك أجازه المجلس الوطني ليصبح قانوناً ماثلاً، طيب ما الضرورة التي تستدعي تدخل رئيس الجمهورية لإصدار قانون بمرسوم مؤقت للتحكيم، هل البلد ستنهار؟ أم هناك حالة طوارئ؟ في شنو؟ وهذا التشريع صدوره في حد ذاته كان شبهة.

كبت الحريات
وأشار صالح إلى أن قانون الصحافة والمطبوعات لعام 2009 بعيوبه مخالف للدستور وفيه كثير من النصوص غير الدستورية التي تتطلب التعديل نمشي لي قدام ولا نرجع إلى الوراء، هذا المشروع المطروح الآن من المشاريع الخطيرة التي تهدِّد أهم جسم من أجسام الرقابة على الجهازين التنفيذي والتشريعي وهي الصحافة، ويبقى بالتالي أنت تريد جهازين تنفيذي وتشريعي يعبِّران عن إرادة السلطة الحاكمة فقط، ولا تريد أي شكل من أشكال الرقابة عليهم، وإذا افترضنا أنه ليس لدينا قانون صحافة أساساً نحن في وثيقة الحقوق تحدثنا عن حرية الصحافة والتعبير وغيرها وأهم من هذا كله عندنا نص يقول كل العهود والمواثيق الدولية والاتفاقيات التي صادق عليها السودان تعتبر جزءاً لا يتجزأ من هذا الدستور والسودان من الدول التي صادقت على الحقوق المدنية والسياسية وعلى العهد الدولي للحقوق الاجتماعية والثقافية وبالتالي هذين العهدين من القوة بنفس مستوى الدستور وهم نصوص دستورية وضروري أن تصدر المحاكم قانونين تتماشى مع ما ورد في المواثيق الدولية، الحقيقة غير ذلك وهي أن التشريعات تصدر في هذه المرحلة بالذات، لأن البلاد الآن تعيش أزمة وفي اتجاه قوي لكبت الحريات.
تحجيم وتلجيم
وأضاف صالح حرية التعبير بالذات سواءً أكانت للصحفي أو المواطن العادي وهذه نربطها بقانون جرائم المعلوماتية الذي أجازه المجلس الوطني وأقول لكم حاجة غريبة في هذا القانون من ينشر مادة تحقر الحكومة و”تحقر” هذه مثل مفهوم النظام العام المعايير التي يتم بها تحديد أن هذا النشر “يحقر” من الحكومة أو يمجِّد غير معروفة وتحقير معناها شنو وهو مصطلح جديد علينا كقانونيين، والغريبة أن القانون قال العقوبة السجن والجلد للزول البحقر الحكومة، لكن عندما جاء لتجريم من ينشر مواد فاضحة في مواقع التواصل الاجتماعي قال يغرم أو يسجن، انظر الغرض هو إذلال من يعبِّر عن الرأي وليس من يتداول المواد الفاضحة، وهنا ظهر النظام بشكله الحقيقي والغاية من هذا التشريع أي القانون الجديد هو تحجيم وتلجيم الرأي الآخر خلال المرحلة القادمة، وأقول: لا يمكن أن نتوهم بأي تحوُّل ديمقراطي يمكن أن يتم في أي دولة بدون صحافة ولا يمكن أن نتوهم بأن أي حوار يمكن أن يتم بمعزل عنها، ولذلك أزمة البلد هي أزمة إرادة تجاه هذا التحوُّل وبالتالي الأزمة ضاربة كل شيء ولا يمكن أن يحدث تحوُّل في الصحافة وفي الحقوق والحريات بشكل عام ولا تحوُّل اقتصادي أو اجتماعي إلا بالتغيير وأقصد بالتغيير إسقاط النظام.

مذل ومقيِّد للحريات
ووصف ساطع الحاج المحامي، الحكومة بالمتسلطة، وقال: عندما تكون لدينا حكومة متسلطة مثل الموجودة -حالياً- وهي لديها مشروع وليس بالضرورة أن يكون مشروعاً حضارياً هو ممكن يكون مشروع فساد نهبوي تخريبي وتدميري وتكريس للسلطة والأنا وبالتالي القوانين بتجد تكريساً لهذا المشروع، ويبقى النظام الحاكم وفقاً لمشروعه يضع قوانين تتناسب معه وتكرِّس له وبالضرورة طالما أن المشروع يتعارض مع الإرادة الوطنية والمصلحة الشعبية يبقى قانون الصحافة والمطبوعات سيتعارض معهما وهو قانون مذل ومقيِّد للحريات ويعكس المشروع التخريبي الذي يحكم السودان منذ العام 1989م، حتى الآن ولما نقول نحن نقاوم مثل هذه القوانين التي يريد المشروع التخريبي أن يعمل بها تطبيع بين أهدافه والشعب الذي تسلَّط عليه، نحن حقيقة ضد أهداف تخريب وطننا واستلاب ثرواته، وإذا وجدت صحافة حرة ما كان رائحة الفساد وصلت إلى هذه المرحلة من أزكام الأنوف، لأن هذا دور فاعل للصحافة الحرة وهو الخط الدفاع الأول لمصلحة الوطن والمواطنين هو صحافة حرة.

اضطراب كبير
وأضاف ساطع: لو لاحظنا أن أول قانون للصحافة جاء سنة 1930 ووضع كل السلطات في يد السكرتير الإداري، والمحزن أن ذاك القانون الذي وضعه المستعمر لم يسمح لنفسه أن يتحوَّل إلى قاضي، وفي المادة “3” في التعريفات ذكرت كلمة القاضي وهو المختص المعيَّن من السكرتير الإداري وأي عقاب يجب أن يتم من خلال حكم قضائي، وظل هذا الوضع حتى العام 1973 في عهد جعفر نميري، وفي كل تلك المراحل شهدنا قوانين فقط، نعم لم تكن تخدم مصلحة الوطن، لكنها كانت قوانين، وفي هذا المشروع التخريبي الذي استمر لـ29 سنة، شهدنا قوانين بمعدَّل كل ست سنوات، قانون جديد وهذا يدل على الاضطراب الكبير الذي يحاول هذا النظام أن يخنق به خط الدفاع الأول عن الوطن، والقانون الجديد تقدم خطوة أكبر في محاولة السيطرة وهي لأول مرة أدخل النشر الإلكتروني للسيطرة عليه وأدخلت -أيضاً- إمكانية سحب أعضاء المجلس لرخصة الصحفي ومنعه من الكتابة وهذا النص لم يكن موجوداً في القوانين السابقة وذهبنا خطوات أسوأ لتكريس الرأي الواحد الاقصائي وهذا هو المقصود ويبقى السؤال إذا سقط النظام هل نحن جاهزون أقولها بالصوت العالي، نعم جاهزون ولن يوجد أي فراغ دستوري ولن توجد أي فوضى مثلما يدعي البعض والأجهزة الاستخباراتية.

التعويل على السياسيين
وقال لؤي عبد الرحمن، الصحفي بجريدة (آخر لحظة)، بالنسبة لنا كصحفيين هناك نسبة كبيرة مننا ليس لديها وعي بحقوقها خاصة حرية التعبير ونحن في كليات الإعلام لا ندرس هذه الأشياء وإنما ندرس فقط التشريعات الإعلامية المتعلقة بجزئية بالنشر الصحفي، وأتمنى من القوى السياسية المشاركة في الحوار أن تكثف رفضها للتعديلات داخل مؤسساتها التي تعمل فيها مع الحكومة والقوى المعارضة والحركات المسلحة التي لديها تواصل مع المؤتمر الوطني بطريقة مباشرة أو غير مباشرة وأن تكون من ضمن أجندتهم حرية التعبير وأن لا تمس حقوق الصحافة والصحفيين لكي يكون هناك ضغط على الحزب الحاكم لإثنائه عن هذه التعديلات، من جهتها نبهت مديحة عبدالله الصحفية بجريدة (الميدان) إلى قضية حقوق الصحفيين الاجتماعية والاقتصادية، لأن هناك استهدافاً واضحاً وتشريد متعمد بدليل أن عدداً من الصحفيين المهنيين والمؤهلين تركوا المهنة أو هاجروا خارج السودان.

تشريد الصحفيين
وترى مديحة أن قوانين الصحافة كلها توضع بواسطة المؤتمر الوطني وهي ليست قوانين للصحافة وإنما قوانين لمجلس الصحافة الذي كرَّس للعقوبات الإدارية وممارسات يومية على الصحف من مصادرات واستدعاءات وبلاغات مفتوحة من قبل جهاز الأمن بدليل أن عدداً كبيراً من الصحفيين يحضرون بشكل يومي إلى المحاكم وهناك معاقبة وحرمان من الإعلان وهذه مسألة ممنهجة لدفع الصحف لإغلاق أبوابها وتشريد الصحفيين لتحقييق الهدف الذي يقف خلفه رئيس الجمهورية ?شخصياً- وهو دمج الصحف، ونحن في بيئة متخلفة جداً حتى الدول التي تحكمها أحزاب دكتاتورية، نحن نعيش في بيئة أسوأ منها وأدعوا الصحفيين للتكاتف لاستعادة نقابتنا والنضال بكل قوة ضد هذا القانون ووضع مشروع بديل.

وقال عادل كلر الصحفي: إن المؤتمر الوطني بأجهزته الحالية الموجودة في القصر أو “السمكرجية” الموجودين في المجلس الوطني أو غيرهم يعمل باستراتيجية وتكنيك محدَّد ويستهدف موضوع حرية التعبير والنشر، كما أن معظم مواد قانون النظام العام تم استنساخها إلى قانون المعلوماتية للسيطرة على “السوشال ميديا” ويجب أن نفكِّر خارج الصندوق بغير الطرائق التقليدية ونكون خلاقين وعندنا قانون حق الحصول على المعلومات مجاز من البرلمان منذ العام 2014 وبموجب هذا القانون كان يفترض أن تؤسس مفوَّضية، وحتى الآن تم تعيين مفوَّض فقط، ووضع القانون في الرف، وإذا انتقلنا من خانة الدفاع للهجوم ستكون المسألة خلاقة وأفضل من التباكي على اللبن المسكوب.

من جانبه دفع عثمان ميرغني، رئيس تحرير صحيفة (التيار) بمقترح لتجمع أكبر عدد من الصحفيين والمحامين ونواب البرلمان يوم الأحد الموافق 28 يوليو، بحديقة صحيفة (التيار) للبدء في التوقيعات لرفض القانون كعمل إعلامي قبل أن يكون قانوني، وأضاف: نبدأ فعلياً في اتجاهين الأول مناهضة القانون في البرلمان والثانية هي المحكمة الدستورية وستكون معركة قانونية مسنودة بالإعلام ثم نحوِّل المسألة لمشروع دفاع عن الحقوق عامة.

التيار

تعليق واحد

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..