الموازنة العامة للدولة ..!!

(*) إذا كان الناس في بلادي يدمنون الحديث بصورة يومية عن ما يرونه (فشلا كبيرا) في توفير أبسط متطلبات الناس، كالصحة والتعليم والأمن، فإن مجرد الحديث عن غياب (مشروع الموازنة العامة) للدولة، يكون من الأمور التي تحسب على أنها (إنصرافية) ، وترف وزيادة في الكلام. بل إدمان للحديث تخطّى حدّه.. وتذكّرت حديث (الموازنة العامة للبلاد) من حديث دار بين بعض الشباب المستنير هنا في هذه المدينة، حول أهمية التخطيط الإقتصادي للدولة، وكيفية إدارة مواردها بالطرق التي تكفل لها البقاء ضمن دول العالم التي (لها أرض وجيش وشعب وأيدولوجيا)، وهو لعمري من الأحاديث التي ينبغي أن يتوقف عندها المرء، والنظر في جوهرها وجدواها. ذلك أنني لم أسمع من قبل عن مشروع للموازنة تقدّمت به جهةٍ ما إلى البرلمان، أيٍّ كانت هذه الجهة ، بإستثناء أحاديث تدور هنا وهنا، في فترات متباعدة عن وجود ميزانية تكفي البلاد لفترة غير بعيدة.
(*) ولكي نكون منطقيين في إطلاقنا للأحاديث وضبطها، يجب أن نفرّق ما بين شيئين فيما يخص هذا الأمر، فالفرق ما بين (الميزانية ) والموازنة) كفرق السماء والأرض، ولا يغرّنكم التقارب ..!! ومنعا للخلط، فإن الموازنة تعني الدراسة أو المقترح المعدّ للفترة القادمة، بينما الميزانية هي ذات الموازنة في مرحلة الصرف الفعلي والعمل به. فنقول على سبيل المثال: موازنة العام 2014م . وميزانية العام 2013م ، والفرق بيّن وواضح. ولو نظرنا إلى أمر ميزانية العام 2013م لجنوب السودان، حقا لا يمكننا ان نفتئ أو نحاول مجرد الإتيان برأي حولها . وذلك أن الظروف التي تمر بها البلاد من ضائقة إقتصادية، وتوقف أهم مورد تعتمد عليه الدولة بنسبة 79% من دخلها القومي ، بالإضافة إلى الترهل الذي أصاب جسد الدولة قبل بلوغها مرحلة النضج، من فساد وتخبُّط في السياسات والخلل الواضح في الخطاب السياسي، وعدم وحدة الخطاب الإعلامي والتشرذم والتكتلات القبلية القائمة على العصبة للجهة والعشيرة ، من الأشياء التي يجب وضعها في الإعتبار إذا أراد أحدنا أن يتحدث في أمر يخصّ الشأن العام كالميزانية، والتي – من المفترض – أن يكون الصرف عليها قد بدأ من 15 يوما من الآن..!! ولكن شيئ من هذا القبيل لم يحدث ولن يحدث، على الرغم من الأحاديث التي تدور على نطاق واسع من قبل ( المثقفين وأنصاف المتعلمين والقشور المجتمعية وأنصار السلطان والمتسلقين والمعارضين)، من أن الدولة قد قامت منذ شهر يوليو الماضي بإعداد ميزانية سنوية بدأت من ذات الشهر وستنتهي في يوليو المقبل ..!! ويضيفون : أنه عالمياً لا يوجد نظام محدد لتاريخ بدء الصرف على الميزانية، كأن يبدأ في أول السنة وتنتهي في 31 ديسمبر من كل عام ..!! ( وصدقوني .. لو ملأتُ المقال علامات تعجب، لما ترجّم ذلك ما أشعر به الآن من حيرة )..!! فلماذا إذن ونحن أحياءا (نبصر ونرى)، لم يحالفنا الحظ – ولو للحظة – في سماع أن الدولة وضعت (موازنة طوارئ) يبدأ سريانها في يوم كذا؟ .. ومن بالله عليكم يضع مثل هذه السياسات والأمور السيادية؟..
(*) كنت من الذين توقّعوا عقب إغلاق النفط في النصف الأول من العام السابق، أن تقوم الحكومة ممثلة في وزارة المالية والإقتصاد، بعمل مسوحات ميدانية لمواردها غير البترولية والعمل على تطويرها وتقنينها، حتى إذا ما أمسكت الخرطوم ? مثلما فعلت ? بملف الترتبات الأمنية كشرط لسريان البترول، تكون البلاد في مأمن من الإفلاس والتدهور الإقتصادي والضائقة المعيشية. وقد يقول قائل : إن الوضع في جنوب السودان الآن أفضل من غيره ويقصدون السودان . بحسابات بسيطة مثل فرق سعر صرف الدولار هنا وهناك . وسوف نجد عذرا لمن ليس بإقتصاديّ يعرف أسرار هذا المجال ، ولكن أن يصدّق هذه (الكذبة) الإقتصاديون منا، فهذه هي (الطامة الكبرى). فالمنطق يقول إنه ليس لدينا دخل آخر بخلاف البترول، سوى الرسوم الجمركية والضرائب والعوائد، وبالتالي تكون ميزانية هذا العام أو النصف الأول منه، عبارة عن ما إستطاعت الدولة من جمعه من أموال الجمارك والضرائب، وما لم يتعرض للسرقة والإحتيال من هذه الأموال، وفي أفضل الأحوال يمكننا أن نضيف: الهبات والمنح والديون..!!
(*) إذن السؤال : كيف يمكننا بلوغ التاسع من يوليو المقبل في مثل هذا الظرف؟ّ.. أقول هذا وفي ذهني الحوار الذي أجريته مؤخرا مع السيد محافظ البنك المركزي، ولا أنسى كيف أنني خرجت منه وأنا لا أدري : أتقودتني رجلاي؟ أم أنني أقودها؟!!
(*) السؤال الآخر : هل نحن الآن في مرحلة (الميزانية) والصرف عليها فعليا ؟ أم لا زلنا ننتظر إجازة (الموازنة) العامة للدولة؟!! . . وفي الحالة الأولى ، لا أرى خلاف أن كل (مواطن) لديه ميزانية سنوية خاصة به ، وخزينة بمنزله …!! ويا لسوء المآل..
(*) قاسم :
سؤال مفتوح : أي نظام إقتصادي، أو مدرسة إقتصادية إنتهجنا حتى الآن؟

إستيفن شانج
[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. من الممكن ان يعد الجنوب ميزانيهولكنها ستكون كالاتى
    100|% من الميزانيه صرف على رواتب الجيش والحكومه والبرلمان
    ما ياتى من اعانات ومنح بواسطة المنظمات صرف على التعليم والصحه
    البنيه التحتيه 0% والتعليم 0%
    هذه هى الميزانيه التى يمكن ان تصدر
    الجنوب اخى قد سلك الطريق الخطاوقادته بدل ان يكون همهم بناء الدوله الجديده انتفخت اوداج باقان تيها انه من الجنوب يمكن ان يبنى السودان الجديددون النظر الى الامكانات والوسائل التى تقود الى ذلك فقط الحقد والكراهيه هو المحرك الاول والاخير
    كيف يضحى الجنوب بثروته البتروليه فى سبيل عدم الالتزام بالاتفاقات الامنيه وهى مطلب عادل لا يختلف عليه اثنان
    اراهنك اخى وانا متاكد اننى ساكسب الرهان انه بهذه البدايه الخاطئه سنجد الجنوب بعد 10 سنوات فى نفس المكان بنيه تحتيه صفر وتعليم صفر وصحه صفر وممكن الاحلام التى فى اذهان الجنوبيين الان ستكون اصبحت صفر
    نحن وانتم سنكون جيران الى الابد سواء رضينا او ابينا ولذا التعاون والحرص على مصلحة الاخر هما السبيل الوحيد لبناء دولتينا والا الدمار لدولة الجنوب لاننا تعودنا ان يدا تبنى ويدا تحمل السلاح

  2. وهل يعقل ياsese ان حكومة الشمال التي كانت هي سبب في وجود واخراج النفط من باطن الارض ان تضخ النفط وترجع عائداته سلاح تضرب به الحركة الشعبية قطاع الشمال صدور ونحور اهل السودان الشمالي وحكومته قد نكره الشمال ونشوفو هو العدو الاول لن لكن هناك حقائق واسقاطاعت علي الواقع نحن لانستطيع ان نتجوزها باي حال من الاحوال وهل ياترى لوكان حكومة الجنوب هي في موقف حكومة الشمال حاليا هل سوف تسمح بنفط يمر تضخ امواله في القتال والحرب هل سيقبل باقان بذلك
    والله كون النفط لن يمر ومحبوس هذه نعمة علي اهل الجنوب لان باقان وجد النفط من غير تعب وشقي لذلك لن يقوم بصرفة علي الصحة والتعليم والبنية التحتية كل مافي الامر سيكون سلاح لقتال العدو التقليدي فتكون ثروة اهدرت وارواح ازهقت لحكومة مازالت تتعامل بفهم الغابة والقتال والحرب وحتى لوكانت صاحبة دولة وليدة ينتظرها الكثير
    فيترك النفط باطن الارض حتى يتولي امر الجنوب من هو افهم واوسع افق ومدارك ويعرف ان عظمة الدولة في ان يكون انسانها عايش بسلام وان اهل الجنوب وجدوا في هذه الحياة ليس من اجل الحرب بل من اجل السلام والله وليصلح باقان بيته الداخلي اولا ثم بعد ذلك يتفرغ لحرب

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..