أخبار السودان

29 سنة والخريف واحدٌ

أسماء جمعة
العام قبل الماضي وفي نفس هذا الوقت كتبت تحت عنوان الخريف النعمة التي تحوّلت إلى نقمةٍ، كيف يضيع من بين أيدينا خير هذا الفصل بسبب فشل الحكومة في تهيئة ظروف البلد، وفي نفس هذا اليوم من العَام المَاضي كتبت تحت عنوان الناقصة تَمّت، وكانت الأمطار قد حوّلت الخرطوم إلى مُستنقعٍ كبيرٍ، وحينها كَانت الإسهالات المَائية مُنتشرة والناس يُحَذِّرون من فتح المدارس والحكومة تُكابر، وكانت الخرطوم تُعاني أيضاً من قُطُوعات في الكهرباء والمياه وتراكم النفايات، حتى أن تلك الأمطار غيّرت كل ملامح المدينة المتبقية على شكل الخرطوم وحوّلتها إلى مدينة أشباح، هذا العام يعود الخريف ويجدنا في نفس الحال لم يتغيّر شَيءٌ، وكأن الخريف واحدٌ فقط يعيد نفسه، الآن لم يعد هناك ما ينقص الخرطوم لتدخل موسوعة غينيس للأرقام القياسية كأكبر مستنقع مأهول بالبشر في العالم، وهذا حالها من زمنٍ طويلٍ.
ولاية الخرطوم منذ عامين وعلى غير العادة لم تعد تعلن استعدادها لفصل الخريف كما كانت تفعل وتقدم لنا عروضها في حفر المصارف المؤقتة هدراً للأموال، ويبدو أنها قررت أن تسكت وتتوقف وتترك الأمر للظروف على طريقة إن (غلبك سدّها وسع قدّها)، وفي كل خريف تتكرّر المشاهد وتتشابه إلى حَدّ التطابق، بل تتشابه حتى الصور التي يلتقطها المسؤولون وهم يخوضون المياه ويتظاهرون أمام الكاميرات بأنهم يتفقدون المُواطنين الذين أصبحوا في العراء ومن خلفهم الهتيفة، ثم يختفون عن الأنظار تاركين المُواطنين يُواجهون مصيرهم مثل كل عام دُون أية مساعدة، بل حتى المساعدات التي ترسلها الدول من الخارج لا تصل إليهم!
ليست الخرطوم وحدها من تقع في هذه الورطة، بل وكل مدن السودان وقراها تقاسمها المأساة، وبدلاً من أن يستفيد الناس من الخريف في الإنتاج وتحقيق الرخاء، يقضونه في حالة قلق وترقب ولا يتنفسّون الصعداء حتى يحل فصل الشتاء.

بالأمس فَقَدَ أهل كسلا أعداداً كبيرة من المنازل والمُمتلكات والأرواح، وحال النهود أسوأ منها وشارع أمدرمان ? بارا يضيع قبل أن يفتتح، وأينما نزلت أمطار ينزل معها الدمار والخراب وحتى ينقضي الخريف يكون الشعب السوداني قد خسر الكثير من الأموال والممتلكات والأرواح بدلاً من أن يكسب، ونفس الخريف يعيد نفسه كل عام .
الأسئلة التي تطرح نفسها هنا لماذا لا تستفيد الحكومة من كل هذه المياه المهدرة أمطار أو سيول لحل مشكلة العطش والزراعة وأين مشروع حصاد المياه؟ ولماذا لا تكون هناك مراكز تنبؤ تهتم بمسألة زيادة الأمطار وانخفاضها وتتّخذ على أساسها الإجراءات اللازمة قبل وصول الخريف؟ ولماذا دائماً الحكومة غير مُستعدة لتخطيط المُدن وإعداد بنية تحتية ومصارف جيدة، وهو أمرٌ سهلٌ جداً؟ وماذا كانت تفعل الحكومة خلال 29 سنة وهي لم تقم بأهم واجباتها؟ ولكن السؤال الأهم إلى متى ننتظر ونحن أحوج ما يكون إلى أن نبدأ اليوم.
أعتقد أنّ مشكلة الخريف تعكس تماماً مدى عجز الحكومة الاستفادة من أيِّ مورد أنعم الله به على السودان وسيتحوّل دائماً من نعمة إلى نقمةٍ مثلما يحدث مع كثير من النعم التي حبانا بها الله.. فإلى متى سننتظر وكل عام يأخذ منا الخريف أكثر مِمّا يعطينا والزمن يمر ولا شيء يتغيّر.

التيار

تعليق واحد

  1. بقول ليكي نصيحة يا اسماء، لما يجي الخريف في الخرطوم، سوقي اهل بيتك، وامشي بادية، البطانة، او كردفان، واعملي ليكي خيمة كبيرة، حيث الخضرة، الممتدة على مد البصر، والهواء المنعش المعبأ برائحة الدعاش، ووسط الرعاة، المنعمين بخيرات الخريف، واللبن الفريش، حتقضي ايام ممتعة لن تنسيها، وخلي الخرطوم المعفنة، لناس عبد الرحيم محمد حسين، وبكري، والبشير.

  2. كيف ولماذا يخسرون اموال تنظيمهم الصعبه ويصرفونها على ناس السودان الجعانين الغلبانين المابتنفع فيهم الحسنه …. ياخى جيوبهم اولى والخريف معروف كل سنه بيعمل كده مافى شى جديد نعملو ليهم .
    ياهو كدى .

  3. امس و اليوم الأمطار تجتاح النهود و كسلا و بربر
    والولاه يكررون نفس الأعذار كل سنه
    ولا محاسبه لأي مسئول

  4. تعرفي يا ابنتي يا اسماء ايام عبد الرحمن الخضر سنويا تصرف 12 مليار استعداد للخريف ولا يعمل شئ فقط خرط وورق يوقع وتصرف المبالغ وتتقسم كما معلوم بينهم دون اي انجاز زمان في اواخر الستينات كنا طلبة نسكن الثورة ام درمان اسعد لحظة عندما تتوقف الامطار نخرج الي الكباري ونجلس في انس وسمر وهواء عليل ومياة المجاري من تحتنا تجري الي مرقها بشكل انسيابي الي المجري الكبير ومنه الي النيل وكانت متعة كاننا في مزرعه وكان الاستعداد باكر من شهر مارس تفتح المجاري والعمال يعملون اما الان الحرامية تاخذ الفلوس من غير عمل ورق وانفرق

  5. بقول ليكي نصيحة يا اسماء، لما يجي الخريف في الخرطوم، سوقي اهل بيتك، وامشي بادية، البطانة، او كردفان، واعملي ليكي خيمة كبيرة، حيث الخضرة، الممتدة على مد البصر، والهواء المنعش المعبأ برائحة الدعاش، ووسط الرعاة، المنعمين بخيرات الخريف، واللبن الفريش، حتقضي ايام ممتعة لن تنسيها، وخلي الخرطوم المعفنة، لناس عبد الرحيم محمد حسين، وبكري، والبشير.

  6. كيف ولماذا يخسرون اموال تنظيمهم الصعبه ويصرفونها على ناس السودان الجعانين الغلبانين المابتنفع فيهم الحسنه …. ياخى جيوبهم اولى والخريف معروف كل سنه بيعمل كده مافى شى جديد نعملو ليهم .
    ياهو كدى .

  7. امس و اليوم الأمطار تجتاح النهود و كسلا و بربر
    والولاه يكررون نفس الأعذار كل سنه
    ولا محاسبه لأي مسئول

  8. تعرفي يا ابنتي يا اسماء ايام عبد الرحمن الخضر سنويا تصرف 12 مليار استعداد للخريف ولا يعمل شئ فقط خرط وورق يوقع وتصرف المبالغ وتتقسم كما معلوم بينهم دون اي انجاز زمان في اواخر الستينات كنا طلبة نسكن الثورة ام درمان اسعد لحظة عندما تتوقف الامطار نخرج الي الكباري ونجلس في انس وسمر وهواء عليل ومياة المجاري من تحتنا تجري الي مرقها بشكل انسيابي الي المجري الكبير ومنه الي النيل وكانت متعة كاننا في مزرعه وكان الاستعداد باكر من شهر مارس تفتح المجاري والعمال يعملون اما الان الحرامية تاخذ الفلوس من غير عمل ورق وانفرق

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..