أخبار السودان

مياه الشرب..أزمة العاصمة التي لا تنتهي..!

تقرير : منى فاروق
من يختار مناطق الحاج يوسف سكنا لا يعلم هل سيستمتع بتوفر الخدمات الضرورية من مياه وكهرباء ومراكز تقديم خدمة العلاج أم لا، لأن المنطقة مأهولة بالسكان منذ أمد بعيد، ، لكن الطامة الكبرى هي ظهور ترسبات ذات طبقة بيضاء على المكيِّفات وبمرور الأيام اتسع انتشارها حتى أثر على الهياكل الحديدية للمكيِّفات ، وذات الأمر يبدو في حنفيات المياه لتصبح ظاهرة عامة تابعتها حتى في مسكني في تلك المنطقة .
المياه شديدة البياض
كصحفية تبادلت النقاش مع عدد من سكان الحي إن كانت المياه ملوَّثة أم طبيعية وبالرغم من عدم استنادهم لمعلومات علمية، ولكنها ذات مصداقية، فالكل يشكو ويؤكد وجود مشاكل في المياه، فهي تضخّ من آبار والمعروف أن مياه الآبار تحتوي على درجة عالية من الملوحة والتي تظهر في شكل ترسبات بيضاء ولكن من دون أن تتذوَّق الملح عند شرابها وللحق لا توجد بها شوائب فلونها أبيض شديد البياض .
ذهبت لمركز آلاء الطبي وانتظرت فترة طويلة بصالة الاستقبال لأراقب تردد المرضى.
ظهور أملاح
علمت لاحقاً من سكان الحاج يوسف معاناتهم من آلام في الكلى وإصابتهم بسخانة في البول مع ظهور إملاح وحتى الأطباء يطالبون المرضى بتوقفهم من شرب مياه الماسورة للمحافظة على صحتهم وشرب المياه المعبأة وشرائها من المحلات التجارية وبتتبع الحالات في عدد من مراكز تقديم العلاج ومستشفى البان جديد تأكدت من تزايد تردد حالات تعاني من آلام في الكلى، وأفادني أحد المرضى بتكرار الحالة في منزلهم، وذلك بتشخيص شقيقته بذات المشكلة، وقال: عانيت من مشكلة سخانة في البول مع قلة في التبوُّل وشقيقتي الصغري شخصت بذات المشكلة أما الكبيرة فكان تشخيصها وجود التهاب في البول.
مياه الكارو
وتوجد مناطق بالحاج يوسف ما زالت تعتمد على شراء مياه الكارو، إذ وصلت الجركانة (الباغة) لـ4 جنيهات، وسعر البرميل 25 جنيها .
رواسب صفراء
أما سكان الدروشاب فأكدوا تكرار معاناتهم سنويا في فصل الصيف بانقطاعها لأيام وليالٍ مع ظهور رواسب ذات لون أصفر وتظهر متقطعة وهذه -أيضا- ذات المشكلة التي تطرَّقت لها المواطنة سلمى بالسامراب، وقالت: نعاني من مشكلة ترسبات في المياه ومنذ العام الماضي اضطررنا لقطع أشجار الدمس نهائياً، ولكن المشكلة مازالت قائمة وحتى الموتور لا يساهم في توفير المياه إنما يزيد من صرف الكهرباء، وأضافت يستمر انقطاع المياه لمدة ثلاثة وأربعة أيام متتالية دون سبب واضح أو اعتذار من هيئة المياه.
تعطل الدراسة
وتحدثت ولية أمر الطالبة هبة بأم درمان قائلة: تطالب إدارة المدرسة الطلاب برسوم الكهرباء والمياه شهريا، ولكن تفاجأنا في بداية العام الدراسي بعدم توفر المياه واضطررنا لشراء مياه الكارو للمحافظة على مداومة اليوم الدراسي نسبة لتكرار إرجاعهم من المدرسة مما سيؤثر على أدائهم الدراسي وهذا حال معظم الأحياء بأم درمان.
رائحة بالمياه
وأكدت المواطنة إنعام بالأزهري جنوب الخرطوم توقفهم عن شرب مياه الحنفيات لوجود رائحة غير مستساغة ويرجع ظهورها لثلاث سنوات، ونشتري يومياً عبوتين مياه كبيرة للشرب والطعام، أما مياه الحنفية فللغسيل والاستخدامات الأخرى فقط، وأشارت إلى أن سكان الأزهري والسلمة وخط من الإنقاذ يعانون من ذات المشكلة فيما يلاحظ تغيُّر طعم مياه السلمة بوجود درجة عالية من الملوحة ولونها أبيض، وإذا تم سكب المياه مباشرة من الماسورة في كوب وتركه لساعات تظهر الترسُّبات، في قاع الكوب بلونها الأبيض، متقطعة.
ترسُّبات طينية
أما سكان منطقة البراري فكانت معاناتهم من مشكلة الترسُّبات ذات اللون الأصفر مع انقطاعها الدائم رغم إدخال خط مياه جديد بالمنطقة، وتغيير لون المياه بعد هطول الأمطار وميلها للون الطين.
إدعاءات كاذبة
كنت حريصة على مواجهة هيئة مياه ولاية الخرطوم بما يدور بالمنازل بعيدا عن التصريحات في أجهزة الإعلام لتمليكنا الحقائق ورغم انتظاري أكثر من أسبوع، إلا أن الفرج جاء بهطول أول قطرات الغيث، وجلست مع مدير هيئة مياه ولاية الخرطوم المهندس نهيزي الرفاعي محمد، وكذَّب الإدعاءات التي تشير لتسبب المياه في مشاكل صحية، وقال: تخضع الآبار لفحص دوري شهري لتحديد درجة الملوحة، خاصة آبار شرق النيل، أما المحطات النيلية فتخضع لفحص خاصة في فصل الخريف لارتفاع نسبة العكورة ،ومياه الشبكة صالحة للشرب ونحرص على النسبة المسموح بها عالميا، ولا علاقة لها بالأمراض وأي بلاغ بوجود طعم أو روائح أو لون غير طبيعي يتم الفحص، وإذا ثبت وجود مواد ترسُّبية مثل الحديد يتم إغلاق البئر، ولكن هنالك مشاكل ناتجة من عدم نظافة صهاريج المياه المنزلية المصنوعة من الفايبر فهي غير مطابقة للمواصفات وغير صحية وهذا ما حدث في بلاغ المركز البريطاني بعد أخذ العينات تأكدنا من عدم نظافة الصهريج، ولاتوجد مياه مخلوطة بمياه الصرف الصحي.
انقطاع الكهرباء
تبرأ مدير هيئة المياه من التلوُّث وقطع بعدم وجود علاقة بين أمراض الكلى والتهاب البول وغيرها من الأمراض بمياه الهيئة، إنما ترجع لأصحاب المنازل.. في ذات التحقيق تطرَّق عدد من المواطنين لمشكلة انقطاع المياه بعدد كبير من الأحياء في المركز والأطراف واستمرارها لأكثر من أسبوع حتى أثرت على المدارس والتي كانت أما أن تنهي اليوم الدراسي أو تشتري برميل مياه من أصحاب الكارو، وفي بعض المناطق وصل سعر البرميل لـ120 جنيها. حينها لم ينكر نهيزي مشكلة شح المياه، وقال: مازالت المشكلة قائمة ونحن نعمل بكل جهد لتوفير المياه بالشبكة وعدد الأحياء المتأثرة تقدر بـ22 حيَّاً، والسبب الرئيس انقطاع التيار الكهربائي مع وجود أعطال بمحطات الآبار تتطلب الصيانة.
(نيلين وعطشانين)
المياه عماد الحياة، ونحن نعيش في بلد يتميَّز بمياه أمطار غزيرة تتجاوز حد الاستهلاك، تهدر أما أن تذهب للمصب النيلي أو أن تجفف بحرارة الشمس، بالإضافة لمياه نيلية عذبة هي في حاجة فقط لنقل وتوصيل ومعالجة العكورة، بجانب وجود أكبر بحيرة جوفية، والمواطنون عطشى يلهثون للحصول على جرعات لتروي ظمأهم والاستجابة رغم تفاؤل المدير تعدّ ضعيفة والعطش يتمدد في قلب العاصمة، واللافت للانتباه عدم تأثر أحياء الطبقة الرأسمالية، فهي عندهم متوفرة ويعملون بها في غسل السراميك والحوائط والأرضيات وكذلك السيارات ورشّ الأشجار في الحدائق المنزلية وإهدارها بطريقة مزعجة ويذهب جلها في بئر السايفون دون مراعاة لحقوق الآخرين وحاجتهم للمياه، وكذلك اللافت للانتباه تدفقها في الحدائق تروي الأشجار وبغزارة وتوجد عدد من نوافير المياه بمؤسسات تعمل ليل ونهار، وفي الجانب الآخر مئات الأسر تبحث عن قطرات مياه تروي ظمأها وتتألم عندما تجد محتاجا يشتري برميل مياه بـ120 -150 جنيهاً، وهو لا يكفي لتغطية الاحتياجات.
مناطق العطش
تحصلت على تقرير صادر من هيئة المياه يعرف بتقرير العطش السنوي وهو يوضح المناطق المتأثرة بالعطش، لاحظت عدم استقرار عدد المناطق فهي ما بين الزيادة والنقصان خلال الأربع سنوات الأخيرة من 2015 إلى 2018م، وأشار التقرير إلى أن عدد المناطق المتأثرة بمحلية الخرطوم 2017 كانت 9 مناطق وأصبحت في 2018 عدد 8 مناطق، محلية جبل أولياء ارتفعت من 3 إلى 8 مناطق، ومحلية أم بدة ارتفعت من 4 إلى 9 مناطق، وفي محلية أم درمان ارتفعت من 5 إلى 12 منطقة، وفي محلية كرري الوضع استقر، بمعنى لا توجد قطوعات أو منطقة واحدة تعاني من العطش ظهرت 7 مناطق، تعاني من العطش، وفي محلية بحري كانت 5 مناطق ارتفعت إلى 14 منطقة، وفي محلية شرق النيل كانت المناطق المتأثرة بالعطش 3 وارتفعت إلى 5 مناطق، ويوضح التقرير جملة المناطق المتأثرة بولاية الخرطوم في العام 2015 كانت 226 منطقة، وانخفض في العام 2016 إلى 62 منطقة، وواصل الانخفاض في العام 2017 إلى 30 منطقة، فيما ارتفعت وبشكل ملحوظ في العام 2018 إلى 63 منطقة، أي ارتفعت للضعف وظهرت مناطق جديدة متأثرة بالعطش، نتمنى أن يكون بنهاية هذا الصيف نهاية العطش، لكن هل المشكلة في التمدد السكاني؟ وللعلم المياه متوفرة في الأنهار والآبار، هل المشكلة في إهدار المياه وللفائدة توجد مناطق خطوط الشبكة موجودة، ولكن المياه غير موجودة؟ هل من وسائل حديثة تحدد نسبة الاستخدام لتقنين استخدامها، علما بأن برميل المياه يساوي بالهيئة 30 قرشا ، ويباع في فصل الشتاء بـ20 جنيها ، وفي الصيف 150 جنيهاً، وقارورة المياه 500 مل، تباع بـ8 جنيهات.
التيار

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..