صُفُوف الدواء..!

شمائل النور
لم تعد هناك حاجة لشرح وتفصيل الأزمة التي لم تترك شِبراً إلا وطأته، وباتت الصُّفوف هي الوضع الطبيعي، صُفُوف للوقود، وقبل ذلك، صُفُوف للحُصُول على بطاقة صرف الوقود بعدما وضعت السُّلطات سقفاً لصرفه، ثم صُفُوف الخُبز التي باتت أمراً طبيعياً، وصُفُوف في الصّرافات الآلية وفي البنوك.
والصُّفُوف هي انعكاسٌ لعجز القائمين على الحَل الذي بدلاً من مُعالجة الأمر من أساسه، باتت سياسة الحلول وضع سقوفات للصرف إعمالاً في المشقة على الناس، وتأكيداً على بلوغ مرحلة العجز الكامل.
عبر البطاقات التي أصدرت السُّلطات قرارات بشأنها، يصبح صرف الوقود بسقفٍ مُحَدّدٍ، الأمر الذي يفتح باباً للسُّوق الأسود بلا شك.!
وقبل (تسقيف) صرف الوقود، فَرضت الحكومة سَقفاً لصرف الأموال من البنوك.
الأمر الخطير، هو انتقال سياسة (التسقيف) إلى قطاع الدواء.. مجلس الأدوية والسُّموم يَضع سَقفاً لتوزيع الدواء على الصيدليات، والصيدليات التي تُخالف المَنشور وفقاً لـ ?السوداني? سَوف تَجد نَفسها أمام إجراءات جنائية.
وهذه المَرحلة التي تُنذر بمُعاناة مُضاعفة للمُواطن تصل درجة الخَطر، لم تكن مُفاجئة.. الشهر الماضي نقلت ?الصيحة? ما يلي نصه:
?كشف عددٌ من شركات الأدوية عن نُدرة عدد من الأصناف الدوائية مُؤكِّدةً خُرُوج أكثر من 200 صنف من الأدوية من الأسواق، ووصفت الوضع بغير المُطمئن?، ?وشكا عددٌ من أصحاب الشركات من عدم فتح اعتمادات من البنوك، مُبيِّنين أنّ البُنوك التِّجارية ترفض منح العُملات الأجنبية حتى بعد التّصديق من البَنك المركزي وتَشترط على شَركات الأدوية استيراد الدواء ومن ثَمّ توفير العُملة لاحقاً?.
وفي نفس الوقت، اتّهمت جمعية حماية المُستهلك، عدداً من شركات الأدوية بالتّحايل والاستيلاء على عُملات أجنبية مُخَصّصة لشراء الأدوية ووضعها في حساباتٍ خارجيةٍ، في وقتٍ تقوم فيه الشركات بشراء الأدوية بالجنيه السُّوداني، وقال الأمين العام لجمعية حماية المستهلك ياسر ميرغني، إنّ كل الوكلاء لا يتعاملون مع الأدوية نقداً، بل بتسهيلات تصل إلى (180) يوماً.
الآن نحن أمام فصلٍ جديدٍ من مَأساة الدواء، فلن يتوقّف الوضع على أن يلهث المُواطن خلف الصيدليات بحثاً عن صنف دواء واحدٍ، ولن يتوقّف الأمر عند رمي السؤال في إحدى مجموعات ?فيسبوك? عن دَواءٍ مُحَدّد وفي أيِّ صيدلية يُمكن الحُصُول عليه.. المُواطن على مَشارف صُفُوفٍ جديدةٍ في الصيدليات في انتظار دوره وربّما إذا أسعفك الحظ بانتهاء الصّف سريعاً قد تفاجأ بأنّ حصة الصيدلية من الدواء نَفَدَت وما عليك إلا الحُضُور صباح الغد.
هل سيتم (تسقيف) صرف الخبز؟!!!
التيار