هل من المؤكد أن زبيدة وسعاد حسني لم تنتحرا؟ا..لماذا لا نعترف باضطراب شخصية وحياة الكثير من المشاهير ممن نحبهم؟ واعترافنا باضطرابهم أو عيوبهم لا ينفي مواصلة حبنا لهم.

أنتجت بوليود سنة 2001 فيلما مميزا للمخرج "شيام بينيغال" عنوانه "زبيدة"، كانت البطولة فيه لأيقونة بوليود في تلك السنوات "كاريشما كابور" إلى جانب "مانوج باجباي"، وهو الفيلم الثالث لنفس المخرج الذي يتطرق لإشكاليات لها علاقة مباشرة بالدين الإسلامي. وأثارت هذه الأفلام الثلاثة جدلا كبيرا وقت عرضها.

تدور قصة الفيلم كما هو واضح من عنوانه حول فتاة هندية مسلمة اسمها زبيدة تعمل كممثلة، وتطلق من زوجها المسلم بسبب خلاف عائلي بين والدي الزوجين، وتقع بعدها في حب أمير هندوسي متزوج وتتزوجه رغم تعارض هذا الزواج مع رغبة العائلة ومع ما يقره الدين الإسلامي.

نهاية الفيلم تكون بانتحار زبيدة وموت زوجها خلال إسقاطها لطائرتهما الخاصة خلال سفرهما، حيث فضلت زبيدة فقدانها لحياتها وحياة زوجها على أن تراه مع أخرى وتعيش هي على الهامش.

وبما أن زبيدة مسلمة، والإسلام يحرم الانتحار ويعتبر المنتحر كافرا، فإن والدة زبيدة (لعبت دورها الممثلة فريدة جلال) بقيت طيلة حياتها ترفض فكرة انتحار ابنتها، وتشرح ما حدث على أنه عطل بالطائرة أودى بحياة ابنتها وزوجها.

إصرار والدة زبيدة على تغيير الحقائق حسب قناعاتها وحسب ما تراه هي مثاليا، جعلني أتذكر وفاة سندريلا الشاشة العربية سعاد حسني، التي يرفض الكثيرون لحد الآن مجرد التفكير في أن وفاتها يمكن أن تكون حادث انتحار كما يمكن أن تكون عملية قتل مقصودة.

الإنسان لا يكون منصفا أغلب الوقت في أحكامه وتفسيره لبعض المعلومات الواقعية ويرفض الحقيقة كما هي، لا يقبلها ويحاول دائما قولبتها حسب الأهواء والميولات أو حسب المعتقدات والقناعات. من نحبهم سواء من الناس العاديين أو من المشاهير، نريد رؤيتهم دائما على أنهم أشخاص كاملون، نرى حياتهم مثالية لا شوائب فيها، نرفض قبولهم كما هم بسلبياتهم وإيجابياتهم، نغض الطرف عن المساوئ ونخفيها أو نلغيها نهائيا، ونعظم من محاسنهم ونضيف عليها ما ليس موجودا أبدا في تلك الشخصية المحبوبة.

رفض الكثير من محبي السندريلا فكرة انتحارها، رغم تأكيد الأطباء لمرورها بحالة اكتئاب حادة وتناولها لأدوية تؤثر سلبيا عليها، كما يرفض محبو "ريكي مارتين" رؤيته كمثلي جنسيا رغم أنه اعترف بنفسه بذلك.

سعاد حسني

كما يرفض عشاق سيدة الطرب العربي الاعتراف بعرقلتها لمطربين آخرين في زمانها، ويرفض عشاق "فيروز" الاقتراب من رمزهم الكبير وكأنها إله لا يخطئ. وقد يرفض عشاق "نزار قباني" وصفه بزير النساء، ويرفضون رأي من يقول بأنه شاعر دافع عن المرأة في الشعر لكنه كان متعدد العلاقات لدرجة لا يمكن تصورها.

ربما لأننا لا نريد أن ينكسر صنم الكريستال الجميل الذي تكون في أذهاننا عن مشاهيرنا المحبوبين. لماذا لا نعترف باضطراب شخصية وحياة الكثير من المشاهير ممن نحبهم؟ واعترافنا باضطرابهم أو عيوبهم تلك، لا ينفي مواصلة حبنا لهم أو متابعتنا لأعمالهم، لأنها أعمال كبيرة وقد تكون من علامات الفن أو الأدب، وليس بالضرورة أن يكون المبدع بشخصية الأنبياء والملائكة لكي يترك بصمة في تاريخ الفن والأدب والفكر.

جمال الدين بوزيان ـ ناشط اجتماعي جزائري
ميدل ايست أونلاين

تعليق واحد

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..