إلغاء مسافة الـ (100) متر للصيدليات.. عندما يتحوّل الدواء لسلعة!!

تخوف عدد الصيادلة من تحوُّل الدواء من سلعة خدمية لاستثمارية بعد إلغاء مسافة الـ (100) بين الصيدليات على حسب القرار الوزاري رقم (34) لعام2018 بإلغاء مسافة (100) متر استناداً على المادة (53) من دستور الأدوية ولاية الخرطوم لسنة 2006، ونَصّ القرار على تَطوير العَمل الصَيدلاني بالولاية
وزيادة مَنافذ تَقديم الخَدمات وتسهيلاً للمواطنين واستيعاب الأعداد الكبيرة من خريجي الصيدلة.
الخرطوم: زينب احمد
مطلع العام 2014 نَشَبَت معركة حامية الوطيس بين وزارة الصحة الخرطوم بدعم من حكومة الولاية من جهة والمجلس القومي للأدوية والسموم من جهة أخرى.. جوهر القضية وقتها والتي يبدو أنها أسهمت فيما بعد في عدم التزام أصحاب الصيدليات بشروط منح الترخيص قرار وزير الصحة ولاية الخرطوم مامون حمّيدة بإلغاء مسافة المائة متر بين الصيدليات، القرار الذي أثار الكَثير من الغُبار وترك الباب مفتوحاً على مصراعيه أمام أصحاب الصيدليات لتجاوز القانون والضرب به على عرض الحائط لعدم المُراقبة والتفتيش من الجهة المسؤولة، فَبَاتَ من المُعتاد أن تجد صيدلية لا تلتزم بالمسافة التي أقرّها القانون ولا بشروط ولوائح الترخيص بل ذهب البعض لأكثر من ذلك بعدم تنفيذ القرارات الصادرة بشأنه!
في الأطراف
ذلك بعد اعلن وزير الصحة مامون حميدة عن الغاء مسافة المائة متر بين الصيدليات المتقابلة على شارع بمسارين في الأطراف بموجب تفويضٍ صادرٍ من محلية الخرطوم تَمّ رفضه من المجلس القومي لتعارضه مع القانون الاتحادي، والذي اعتبر ذلك مخالفة صريحة في ظل القانون المعمول به، وحذّر المجلس وقتها من مَغَبّة تجاوز القانون واستغلال المنصب واستخدام القُوة التي لا يسندها قانونٌ، وعلّل رفضه بأن إلغاء مسافة الـ (100) متر ستدفع أصحاب الصيدليات لتحويل مواقعهم من الأطراف للوسط مِمّا يَتَسَبّب في حرمان المناطق الطرفية من الخدمات الصيدلية، رافضاً الاستثناء لتعارضها مع سياسَة الدولة الرامية لتوزيع الخدمات في الاطراف وتخوف المجلس أيضاً انتقال عدوى الاستثناء للولايات مما يخلق بيئة ملائمة لانتشار الفوضى في سوق الدواء.
فيما اعتبرت وزارة الصحة قرارها من النائب العام شرعياً ودفعت بأن للاستثناء منافع كثيرة ويوفر الخدمة للمواطنين ويجنبهم المخاطر!
غَير مَدروسٍ
ووصف الدكتور حمدي ابوحراز قرار وزارة الصحة ولاية الخرطوم بالمسيئ وغير المدروس، وقال ان القرار سوف يتسبب في حدوث إشكالات كثيرة بين الصيدليات ويحوِّل الدواء من سلعة خدمية لاستثمارية وتكدس الصيدليات بالقرب من عيادات الأخصائيين بالإضافة لانتقال الصيدليات من الأطراف، حيث يوجد ضخٌ كبيرٌ لروشتات ذلك لأن هامش الربح في الدواء قليل جداً، وأضاف أبو حراز انّ المسافة بين الصيدليات معمول بها في دول العالم، وتعتمد الدول التي تنعدم لديها الإحصائيات عن عدد السكان على مسافة (100) متر وهي أقل مسافة على الإطلاق، فيما تعتمد الدول المتقدمة والتي لديها دراسة عن عدد سكانها على عدد معين من الصيدليات وفقاً لعدد السكان.
المجلس
وقتها والصراع ما بين المجلس والوزارة في ذروته إصدر والي الخرطوم عبد الرحمن الخضر قراراً بتشكيل مجلس للصيدلة بولاية الخرطوم برئاسة السيد حسن محمد علي وعضوية د. صلاح عبد الرازق مدير عام وزارة الصحة ولاية الخرطوم ود. هشام الحاج أحمد مدير الإدارة العامة للصيدلة بوزارة الصحة ولاية الخرطوم عضواً ومقرراً لذلك المجلس، ويشتمل المجلس على تسعة عشر عضواً آخرين ممثلين لشركات الأدوية والجامعات وشرطة مكافحة المُخدّرات، إضافةً إلى ممثل المجلس الطبي السوداني، وجاء إصدار هذا المجلس بناءً على توصية السيد وزير الصحة ولاية الخرطوم، مامون حميدة، وتقوم مهام المجلس واختصاصاته على تطوير شروط المُمارسة الصيدلانية الجيِّدة في قطاع الصيدلة التي يَشملها قانون الصيدلة ولاية الخرطوم لسنة 2012م، بجانب تطوير العمل المهني للصيدلة وإصدار اللوائح اللازمة لتنفيذ أحكام القانون.. تبع ذلك قرارٌ من المجلس القومي للأدوية والسموم يلغي التفويض الممنوح للسلطة الصحية بولاية الخرطوم (الإدارة العامة للصيدلة) بمُمارسة إصدار الرخص والرقابة على المؤسسات الصيدلانية بالولاية على أن يقوم المجلس بمُمارسة هذه الاختصاصات وأن تظل الرخص الصادرة قبل القرار سارية ما لم تُعدّل أو تُلغى. وأشار ذات القرار إلى أنّ المجلس القومي للصيدلة والسموم سيقوم بإصدار الرخص الجديدة بولاية الخرطوم والرقابة على جميع المؤسسات الصيدلانية بالولاية من تاريخ هذا القرار وذلك عملاً بأحكام المادة (6) الفقرة (1)
و(2) من قانون الأدوية والسموم لسنة 2009 وأمر تفويض السلطات الصادر عن المجلس لسنة 2008 والذي بمُوجِبِه فَوّضَ المَجلس السُّلطات الصِّحيَّة بالولايات لإصدار بَعض الرُّخص والرِّقابة عليها استناداً على المادة (5) من ذات التفويض الذي منحه المجلس لأيّة سُلطة ولائية.

التيار