مواجهة ساخنة بين رئيس الوزراء وبعض المواطنين وخبراء الاقتصاد

لبى رئيس الوزراء، وزير المالية والاقتصاد والتخطيط، معتز موسى، أمس (السبت) دعوة للمشاركة في ندوة مفتوحة، لمناقشة قضايا اقتصاد البلاد، بقاعة الشارقة، بجامعة الخرطوم. وقال رئيس الوزراء في مستهل حديثه بالندوة، إنه لم يعد بالإمكان احتكار الرؤية لتشخيص برنامج الاقتصاد ، أو أن يكون الاقتصاد برنامجاً لحزب أو حكومة لوحدها دون كيانات أخرى، منوهاً إلى أنه عمل وطني عام. ووصف قضية الاقتصاد بأنها فريضة الساعة من حيث التفكير والعمل، وتدبر الأوضاع الاقتصادية بالبلاد، وأضاف: “هو تداعي وطني مستحق”، وشهدت الندوة أطروحات قوية، ومداخلات ساخنة من الخبراء الاقتصاديين، وتشخيصاً عميقاً للأزمة. وعبر موسى في ختام ردوده على المتداخلين، في المنتدى الاقتصادي، الذي نظمته صحيفة (إيلاف) الاقتصادية، بالتعاون مع مركز التنمية والسياسات العامة، عن رضائه بما دار في الندوة، وتقبل رئيس الوزراء بصدر رحب الانتقادات التي تلقاها بالندوة، قائلاً : “أنا في غاية السرور والانشراح لكل ما دار بيننا”، وزاد : “يجب أن نلتقي عندما يجب أن نلتقي، وأن نتحاور، وعندما يكون الحوار ضريبة وواجباً والتزاماً سنحرص عليه “، وذكر أنه يتابع ويقرأ كل الردود والمشاركات في وسائط التواصل الاجتماعي، والإعلام .

تقرير: محمد سلمان

جيب المواطن

هاجم أستاذ الاقتصاد القياسي والتمويل، بروفيسور إبراهيم أونور السياسات النقدية بالبلاد، ووصفها بأنها “غير فاعلة”، موضحاً أن السياسات المالية مهيمنة على السياسات النقدية، ودعا لضرورة منح البنك المركزي أكبر قدر من الاستقلالية. وقال أونور خلال حديثه في منتدى (الاقتصاد السوداني ? تحديات السياسات واستحقاقات الإصلاح)، بجامعة الخرطوم، أمس، أن عجز الميزانية في السودان، ظل يسير بوتيرة متزايدة، ومضيفاً : “الحكومة ظلت تعتمد على جيب المواطن في تمويل العجز، وذلك من خلال الضرائب غير المباشرة”، ونبه بروف أونور إلى أن ضرائب الدخل والأرباح، ومكاسب رأس المال، هي ضيئلة جداً بالمقارنة بالضرائب غير المباشرة التي يدفعها المواطن، وتساءل : لماذا لا تساهم مؤسسات الحكومة في موارد الدولة وهي تصرف عليها؟ وذكر أن النصيب الأكبر من المصروفات يذهب لجهاز الخدمة المدنية المترهل والاستحقاقات السياسية .
علل اقتصادية:
أشار بروف أونور إلى أن الحكومة اعتمدت أيضاً الاستدانة من البنك المركزي، وطباعة النقود، في تمويل العجز، ونوه إلى أن شهادات شهامة أصبحت تمثل عبئاً على الحكومة، وتضاءلت مساهماتها، ونصح بالتخلص منها، وأضاف : “الصرف على القطاعات الإنتاجية ضئيل جداً مقارنة بالصرف على السياسة”، وأشار إلى أنه نتيجة لتلك الاختلالات وفقدان المركزي لاسقلاليته وضعفه، تضاعفت الكتلة النقدية بالبلاد، وأدت لتضخم مستمر، وفقدت العملة الوطنية قيمتها أمام العملات الأجنبية! لافتاً إلى أن هناك فجوة بين إنتاج الذهب وصادراته، بسبب التهريب. وذكر أونور أن استقطاب تحويلات المغتربين بالبلاد ظل في تضاءل، وشن هجوماً لاذعاً على جهاز شئون المغتربين، ودمغه بالعجز في إنتاج خطة مقنعة لاستقطاب موارد المغتربين، وأردف :”ليس لدينا خطة ولا نعرف عددهم”. فيما طالب رجل الأعمال، أسامة سيد أحمد بإنشاء صرافات واستيعاب السوق الموازي بداخلها، طالما اعتمدت الدولة آلية موحدة لتحديد سعر الصرف، ونصح سيد أحمد الحكومة بإخراج بنك السودان المركزي فوراً من شراء الذهب وإتاحة الفرصة للقطاع الخاص في تصديره للاستفادة من موارده من النقد، التي هي خارج الجهاز المصرفي.
ضعف دخل:
قال الخبير الاقتصادي، بروفيسور حسن بشير، إن الحد الأدنى للأجور بالبلاد (425) جنيهاً، وأن منصرف الفرد بالريف يعادل (2,8) دولار، وفي الحضر نحو (4,2) دولار، مما يوضح حجم الفجوة بين دخل الفرد ومنصرفاتهم. ودعا لضرورة رفع الإنفاق العام للزراعة، لـ(10%) حسب الموجهات، ولفت لانخفاض صادرات الثروة الحيوانية، بنسبة (15%) العام الماضي، والصمغ العربي بالبلاد
الأمن مردود إيجابي:
أكد رئيس الوزراء أن الصرف على الأمن حقق مردوداً إيجابياً، وذلك في رده على أحد المداخلات، وقال :” المردود ليس بالضرورة أن يكون (كاش) لكن كوننا آمنين في وطننا وفي منازلنا وممتلكاتنا، فهذه نعمة، ودوننا ما يحدث في اليمن وسوريا والعراق”. وذكر أن الصرف على التكاليف السياسية، أفضل من الصرف على الحرب، وكشف عن اتجاه الدولة لتقليل الصرف على عدد من الجهات، قائلاً : “ليس من الحكمة الصرف على أي جهة من جلباب الدولة، ومن الضرائب”، وذكر أن عدة جهات يمكن أن تخرج من جلباب الدولة، وتعتمد على مواردها، بيد أنه قطع بعدم وجود “أي حماية لأحد أو ميزة لأي جهة في السوق الحر”، وأردف مؤكداً أن سياسات حكومته في الفترة القادمة، تركز على سد الثغرات، والشفافية، والحزم والوضوح في كل شئ، والعدل، التهريب، والسوق الموازي، ورأى أن أكبر التحديات، سعر الصرف والتضخم، لكنه قال، إن زيادة سعر الدولار لم تحدث تضخماً، لأن السلع كانت مسعرة بنفس هذا السعر، لكن هذه مضاربات، وذكر أنهم بين خيارين إما ترك المواطن يكابد الغلاء والتضخم، أو الاستمرار في الدعم، مؤكداً أنه لا اتجاه لرفع الدعم في الميزانية القادمة، في ظل حالة عدم الاستقرار الاقتصادي بالبلاد، ومضى قائلاً إن قرار تعديل الدولار الجمركي بعد تطبيقه، يصعب التراجع عنه في العملية الاقتصادية، ولكن يمكن التعايش معه بتدابير أخرى، وأضاف : “الشطب على الواقع ما مجدي”، وانتقد موسى التعويل على إحلال الواردات دون تعزيز الصادرات، وأفاد أن إحلال الواردات برنامج مكلف جداً وطويل الأجل، وقال: “الدولة صرفت مبالغ كبيرة جداً على مصانع السكر بالبلاد، لكن لا تجد لها أثراً”، منوهاً إلى أهمية الاعتماد على الاستثمار الأجنبي في إحلال الواردات، ولكن بعد جعله في المرتبة الثانية بعد الصادرات. ودعا رئيس الوزراء لضرورة أن يكون للاستثمار دور في تقليل البطالة وسط الشباب.

روشتة أونور:

رسم الخبير الاقتصادي بروفيسور أونور، روشتة للإصلاح الاقتصادي بالبلاد، وطالب الحكومة بترسيخ وتعزيز مبدأ الشفافية، والإفصاح عن المعلومات، والمشاركة في إدارة الموارد، وضبط الإنفاق العام، وإدارة الشركات والهيئات الحكومية على أسس تجارية. وشهدت الندوة مداخلات ساخنة، وتوصيات متعددة، أكد رئيس الوزراء استعدادهم لأي حوار، بلغة مشتركة، والعمل بأي أفكار، لأن إدارة أزمة اقتصاد البلاد، ليست حكراً على الوطني.

رفع وعي المجتمع:

شكرت هبة محمود صادق فريد، المدير العام، لمركز التنمية والسياسات العامة، المشاركين في الندوة، وتحدثت عن المركز موضحة أنه مؤسسة، حكومية غير ربحية، تعمل في مجال التدريب، والأبحاث، ويقدم مساهمات التنمية. وقالت : “نهدف إلى أن نجعل التنمية حضوراً جاداً في العمل السياسي المرتكز على المعرفة”، ونوهت إلى أن المعرفة ليست بالضرورة لصناع القرار، وإنما حتى للرأي العام، لتوسيع مظلة الحوار الموضوعي، مشيرة إلى أن المركز يمثل ملتقى للباحثين المهتمين، وأعلنت عن ترحيب المركز بكل من يشاركهم في سؤال التنمية في السودان.

التيار

تعليق واحد

  1. (لم يعد بالإمكان احتكار الرؤيا لتشخيص برنامج الاقتصاد.) ولكن ما هى فائدة توزيع الرؤى ما دام الاقتصاد كله بكل فروعه أصبح فى سجن رأس المال الجبان واحتكار الراسماليه الضعيفه عندنا تسيير عجلة الاقتصاد لن يحل مشاكلنا الاقتصاديه ولا بد من وجود زراع حكومى يمكنه ضبط حركة سير الاقتصاد كلما انحرف عن المسار الصحيح وتدخل الحكومه ليس فقط بالقانون او السياسه وإنما بالمشاركه والدخول كجهه فاعله فى الاقتصاد.
    وخيار المنظومه الراسماليه ليس هو الحل لعقد اﻹقتصاد وذلك أن رأس المال عندنا ضعيف وجبان ولا يحب المخاطرة بالدخول فى سوق الإنتاج حتى لا ينفق مبالغ كبيرة فى إخراج المنتج بصورة جيده اى انه لا يأخذ فى الحسبان عملية الجوده مما يجعل منتجاتنا غير منافسه فى الأسواق العالميه وبالتالى يميل المصدرون إلى تصدير المنتجات فى صورة خام وبالذات الزراعيه منها. أما الصناعيه فيتم توزيعها فى السوق المحلى للاستهلاك المحلى. ويعتمد اقتصادنا إلى الاستيراد أكثر من التصدير مما يعنى انه اقتصاد استهلاكي.
    والحكومة أطلقت يد الشركات لتملا السوق بوسائل تدر دخلا على الشباب الخريجين لتصنع فئة من الناس غير منتجه فى نفس الوقت تحصل على دخول كبيرة من هذه الوسائل التى تمثلت فى أغلبها فى وساءل الحركه مثل سيارات الأجرة والركشات ووسائل النقل الصغيرة. ولم تلتفت الحكومه لوسائل الإنتاج التى تستوعب الكم الهائل من الخريجين ولم تقم بتدريب هؤلاء الشباب وتملكهم وسائل الإنتاج الصناعى والزراعى والتعدينى الجماعى ولم تهتم بورش المكننه وورش التقنيات الحديثه. واعتمد اقتصادنا على التجارة بجناح واحد هو جناح الاستيراد والاستهلاك.

  2. (لم يعد بالإمكان احتكار الرؤيا لتشخيص برنامج الاقتصاد.) ولكن ما هى فائدة توزيع الرؤى ما دام الاقتصاد كله بكل فروعه أصبح فى سجن رأس المال الجبان واحتكار الراسماليه الضعيفه عندنا تسيير عجلة الاقتصاد لن يحل مشاكلنا الاقتصاديه ولا بد من وجود زراع حكومى يمكنه ضبط حركة سير الاقتصاد كلما انحرف عن المسار الصحيح وتدخل الحكومه ليس فقط بالقانون او السياسه وإنما بالمشاركه والدخول كجهه فاعله فى الاقتصاد.
    وخيار المنظومه الراسماليه ليس هو الحل لعقد اﻹقتصاد وذلك أن رأس المال عندنا ضعيف وجبان ولا يحب المخاطرة بالدخول فى سوق الإنتاج حتى لا ينفق مبالغ كبيرة فى إخراج المنتج بصورة جيده اى انه لا يأخذ فى الحسبان عملية الجوده مما يجعل منتجاتنا غير منافسه فى الأسواق العالميه وبالتالى يميل المصدرون إلى تصدير المنتجات فى صورة خام وبالذات الزراعيه منها. أما الصناعيه فيتم توزيعها فى السوق المحلى للاستهلاك المحلى. ويعتمد اقتصادنا إلى الاستيراد أكثر من التصدير مما يعنى انه اقتصاد استهلاكي.
    والحكومة أطلقت يد الشركات لتملا السوق بوسائل تدر دخلا على الشباب الخريجين لتصنع فئة من الناس غير منتجه فى نفس الوقت تحصل على دخول كبيرة من هذه الوسائل التى تمثلت فى أغلبها فى وساءل الحركه مثل سيارات الأجرة والركشات ووسائل النقل الصغيرة. ولم تلتفت الحكومه لوسائل الإنتاج التى تستوعب الكم الهائل من الخريجين ولم تقم بتدريب هؤلاء الشباب وتملكهم وسائل الإنتاج الصناعى والزراعى والتعدينى الجماعى ولم تهتم بورش المكننه وورش التقنيات الحديثه. واعتمد اقتصادنا على التجارة بجناح واحد هو جناح الاستيراد والاستهلاك.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..