إلى متي غض الطرف

مبارك الكودة
لقد كشفت وسائل الإتصال الحديثة كثيراً من المستور بالنسبة لنا كسودانيين ، وبدأ ذلك واضحاً جداً ونحن نتناول عبر هذه الوسائط حوارات فكرية جادة وبعضاً من الأخبار السياسية والاجتماعية وأنا
أتابع مجموعات الواتس التي أتشرف بعضويتها ، وصفحات الفيس بوك والصحف الورقية والإلكترونية إزددتُ
خوفاً مما قرأت ومما سمعت ومما شاهدت علي مصير الوطن من مجهول المستقبل بعد أن تبين لي أن
هنالك فجوةً كبيرةً جداً وجفوةً عميقةً للغاية تقف عقبةً كؤود بيننا كأبناء وطن بسبب بشاعة المسكوت عنه ، والذي طفا علي السطح هذه الأيام بصورةٍ مزعجةٍ ومخيفة كان من قبل تحجبه عنّا المسافات البعيدة وطيبة النفوس وحسن النوايا ،أما الآن فقد طوت الأسافير هذه المسافات ، وفجرت المصالح الشخصية النزاعات فأصبح لا يطيق بعضنا بعضاً حتي علي مستوي مجموعات الواتس التي تضم أناساً علي قدرٍ من التقارب في المعرفة والفكر ٠
ومما قراناه من رسائل ، وسمعناه من تسجيلات ، ورأيناه من فيديوهات مشحونة بالكراهية والحقد ، يؤكد أننا نفتقد للحد الأدني من التوافق الوطني الذي يؤهلنا لتأسيس دولة لها عقيدة وطنية وعلمٌ ونشيد من المفترض أن نجتمع حولها ونبذل الغالي والنفيس من أجل عزتها وكرامتها وتنميتها ٠
وإذا نظرنا بعين المسئولية للذي يجريه النظام اليوم في الخرطوم من حوارات ومؤتمرات نراه وجهاً آخر من أوجه الصراع الذي أنتجه هذا الواقع الاجتماعي والذي تنتهي فيه معارضة المعارض السياسي بمجرد ان يجد له موقعاً دستورياً يرتزق منه ويتباهي به بين أهله وعشيرته ٠
ولكي نتفق حول قضايانا القومية نحتاج لعقيدة وطنٍ تجمع الناس علي مصالح دنيوية مشتركة يتنافسون عليها وينافسون الآخرين من أجل التفوق في الاقتصاد والثقافة والآداب والفنون والرياضة فصراع الإنسانية الحضاري اليوم صراع للتنمية بكل تفاصيلها ، ولكي نمثل حضوراً مؤهلاً للصراع ينبغي علينا أن نتبين حلبة المنافسة وندخلها مع الآخرين بالأجندة الوطنية ، وواضح جداً أننا بأجنتدنا التي نتبناها كدولة وكمجتمع الآن تؤكد أننا نلعب خارج التاريخ والزمن وقيم التدافع الإنساني فلا زالت الأولوية عندنا وباسم الدين ختان الأنثي وبنطالها ، وقانون النظام العام وتعديه علي حريات الناس ، ولذلك لابد من وقفة مخلصةً و جادة لدراسة وتشخيص الوضع الاجتماعي دراسة متأنية لمعرفة أسباب تصدع بنيتنا الاجتماعية ، ومن ثم نعكف علي علاجها ورغم قتامة الواقع الا أن فرص الإصلاح كثيرة فقط علينا أن نتبين ، ويقول الرسول : ( رحم الله امرءٍ عرف زمانه واستقامت طريقته ) وادخلوا علي المسكوت الباب فإذا دخلتموه فانكم بإذن الله غالبون ٠