للمرة الأولى.. الشفيع خضر يكشف عن لقاءات مع الترابي بتكليف من الحزب الشيوعي

قطع القيادي السابق بالحزب الشيوعي الدكتور الشفيع خضر، الذي فُصل قُبيل المؤتمر العام الأخير للحزب بأيامٍ، بعدم عودته للشيوعي في ظل وجود القيادة الحالية وعدم تغيير الطريقة تُدار بها الحزب، وَقَلّلَ من قرار فصله قائلاً: “فصلي يأتي في إطار الخلافات التي تحدث في أيِّ حزب”، وكشف الشفيع بمُنتدى (كباية شاي) الذي تنظِّمه “التيار” مساء كل “خميس”، عن تبليغ الشيوعيين لحكومة الصادق المهدي بانقلاب الجبهة الإسلامية بزعامة الدكتور حسن الترابي، في يونيو 1989 قبل أربعة أشهر، من تنفيذه، ورَفض أن يذكر الشيوعي بسُوءٍ وقال إنّه يَكن له كُلّ الاحترام والتّقدير، وشَهدت الليلة حُضُوراً كَثيفاً لدرجة أنّ حديقة صحيفة “التيار” امتلأت تماماً واضطر البعض للوقوف ومُتابعة حديث الشفيع الذي تنوَّع بين السياسة والفكر والشأن العام والخاص وامتد لأربع ساعات، تقريباً .. وإلى التفاصيل :
الخرطوم: عمار حسن
الحلقة الثالثة
العلاقة مع الإسلاميين
الحديث عن علاقتي بالإسلاميين وأن هناك وداً خاصاً وصداقة بيني ونافع علي نافع هذه تعتمد أولاً على ماذا تعني الصداقة، دكتور نافع عرفته أيام مفاوضات القاهرة وأنا كنت في التجمع الوطني الديمقراطي وهو كان قائد الوفد الحكومي، أنا حسب طبيعتي لا أشاكل أحداً أو أقول له ألحس كوعك أو غيره لذلك هؤلاء الناس يرون أنني راجل طيب.
المنظومة الخالفة
بالنسبة لاختيار الترابي لشخصي كأحد الأشخاص العامين للمنظومة الخالفة ماذا أعمل أنا؟ شخص اختارني وقال أنا كويس ماذا أعمل هل أذهب عن ما وراء هذا الحدث، أكون واضحاً معكم أنا عندي خط اخترته لنفسي وأفتكر أني التزمت به، وحسب إعتقادي في العالم السياسي لا وجود لداعي أو مجال لإدخال ما يعرف “أنك تحقر بالواحد أو تشتمه” بقدر ما أنك تناقش أفكاره وأي شخص يحيد عن ذلك يخسر، وأي إنسان من أي معسكر كان يمينياً يسارياً وغيرها لا أضع بيننا حواجز لأنه من معسكر مختلف وأكون مستعداً للحديث والمناقشة معه من دون أن أفرط في مواقفي الأساسية التي أعبر عنها، كما أن الثنائيات التي يسمونها باليمين الرجعي والمتقدم هذا الحديث يحتاج إلى إعادة نزع لأن الخط الفاصل بين هذه الثنائيات أصبح متعرضاً، وأفترض أننا نتحدث مع أناس يعتقدون أن لديهم رؤية للوطن وأنا دوري سأنظر أنها مجدية أم لا وعلي أن أقدم رؤية بديلة ومن هنا جاء هذا الكلام، أما موضوع المنظومة الخالفة وجدته في الجريدة بأن المرحوم حسن الترابي رشح الشفيع خضر الأمين العام للنظام الخالف وأما عن ماذا وكيف وما وراء ذلك لو كنت أعلمها كنت سأناقش،.
قابلت الترابي كثيراَ
نعم قابلت الترابي كثيراً حتى قبل الحوار الوطني ودخلنا في مناقشات طويلة جداً بتكليف من الحزب عندما كنت موجوداً سواء كان بدعوة منه أو بطلب مني وأفتكر أن جلوسي معه سيحل بعض المشاكل وعندي إيمان أنه كلما كان التقاء الأضداد أقرب لفهم بعض كلما كان الوطن في أمان وهذه طبعاً فيه محاذيره بأن تمنع نفسك من تفكر للغير وأعتقد أن السياسي الحكيم يجب يحتك بأضداده لذلك قابلت الترابي كثير جداً، وعند لقاءاتي الكثيرة به لم يذكر لي سيرة المنظومة الخالفة ولا حتى بها، وآخر مرة قابلته فيها كانت قبل الحوار الوطني بفترة قصيرة وكان لقاءً طويلاً في أيام زيارة الرئيس المصري السابق وقال لي إذا ذهب مرسي بنفس الطريق الذي ذهب بها إخواننا في السودان سيدخلون في ورطة، ولا تفاصيل أكثر من ذلك ولست في موقع تفتيش الضمير.
التحالف مع الشعبي
أما تجربة تحالف المؤتمر الشعبي والشيوعي كانت بعد إتفاقية نيفاشا في العام 2006 وكان الحزب الشيوعي شعر بأن هناك هجمة على الحريات ولم ينفذ ما تم الاتفاق عليه في نيفاشا والحزب في اجتماعاته قرر أنه في هذه الحالة يستدعي كل القوى السياسية لمواجهة هذه الهجمة ومن هنا كانت أول دعوة لكل القوى السياسية في دار الحزب الشيوعي ومن ضمن الحضور كان المرحوم حسن الترابي وكان أول جسم يتكون هو لجنة الدفاع عن الحريات وبعد ذلك بدأ الناس يتحدثون عن التعامل مع الانتخابات وبدأ التنسيق لذلك ثم تطور الأمر وانضمت إلينا الحركة الشعبية وفي الآخر ظهر تحالف قوى الإجماع وهو التحالف الذي يضم كل القوى.
سيخة كان غير عدواني
أنا مصر أن الطيب سيخة كان يقول قصائده في مؤتمرات ولقاءات خاصة بالحركة الإسلامية ولم يكن مشتركاً في أحداث 1976، الذين حملوا الكلاشنكوف واحتلوا مواقع في العاصمة معروفون وهم دفعتنا هذا الحديث “ما بتدسا” وأنا ليس لدي شيء يجعلني أدافع عن سيخة، وأعتقد أن الحديث عن أي شخص بدون حقائق واحدة من الأشياء التي لعبت دوراً في تاريخ الصراع السياسي في السودان، الطيب كان جالساَ بجانبي لم أره يحمل سيخة ولم أره يتكلم بالعكس كان مسالماً نعم هو صحيح متحمس وأتذكر عندما جاء نميري في احتفالات اليوبيل الفضي بجامعة الخرطوم وعندما أعتقلوا بعض الأشخاص سيخة كان واقفاً بجانبي وقال لي كيف يعتقلون الناس وأنا أكون واقفاً وركض خلف أفراد الأمن الذين اقتادوه معهم، وهذا لا يعني أنني أدافع عنه وعن أشياء أخرى فعلها، لكن في فترة الجامعة عندما كان هذا المدعو جالساً بالقرب مني لم يكن بالعنف الذي يتحدث عنه الناس وإذا فعل شيئاً آخر في دارفور أو غيرها هذا حديث آخر.
الحزب رباني مثل أمي وأبي
بخصوص مادار عن خروجي من الحزب أود أن أصحح المعلومة أنا لم أخرج منه الكلمة الصحيحة أنا فصلت من الحزب الشيوعي السوداني وهناك فرق بين الخروج والفصل، إحتراماً لأشياء كثيرة يعني مثلاً في حوارات مع الصحفيين رفضت أن أتحدث عن أشياء كثيرة جداً لأنني أعتقد أن هناك أشياء يجب أن أقولها عندما تكون مفيدة في العمل السياسي، مثلاً حديث عنده علاقة بالرؤية الفكرية لكن تجلس وتحكي التفاصيل كأنما تشتم وتنتقص من جهة أفتكر إنه مثل ما أبي وأمي ربوني في الحياة هذا الحزب رباني في العمل السياسي ومن هنا ليس هناك شيء يجعلني أتحدث عن الحزب بسوء لكن هناك خلاف كبير بيني وبينهم ومع ذلك لم أخرج وكنت موجوداً إلى أن تم فصلي، وبعد ذلك ماذا أفعل؟ وكوني “أنفزر” من الحزب هذه ليست من شيمي.
الحزب الذي يقوم على شخص ليس له مستقبل
بالنسبة للذين عندهم تطلعات وينتظرون من الشفيع أن يكون لهم حزباً أعتقد أن الحزب الذي يقوم على شخص ليس له أي مستقبل وهناك أشخاص كثيرون جداً وقوى كثيرة محترمة تحدثت معي على أساس يجمعوا الناس ويكوِّنوا حزباً وأصبح أنا رئيساً له، قلت لهم لماذا أصبح رئيساً، وماهي القيمة المضافة، قلت لهم كوِّنوا الحزب يمكن أن أكون معكم لكن إذا جئتكم من البداية سأكون بنفس تجربتي في الحزب الشيوعي والتي قد ألقي بظلالها عليكم وسأكون بنفس سلبياتي وإيجابياتي في الحزب الشيوعي، أستمروا في عملكم وسنظر للأمر في مقبل الأيام.
الوطن في حالة طوارئ
أفتكر إن هذا الوطن منذ تاريخ 111956 إلى يومنا هذا بلد يعيش في فترة إنتقالية مشينا فيها خطوتين إلى الأمام ورجعنا عشرين خطوة إلى الوراء، لم نجاوب على الأسئلة الأساسية حول بناء دولة ما بعد الاستقلال، ولم نجاوب على الأسئلة الأساسية حول مشاركة كل القوميات والإثنيات في الحكم وغيره، ولم نجاوب على الأسئلة الأساسية حول شكل الحكم الملائم لبلدنا وأسئلة كثيرة جداً لم نجاوب عليها، وهذه تتطلب التمسك بمشروع وطني يجيب على هذه الأسئلة ومشروع إعادة بناء الدولة لا يمكن أن يقوم به حزب واحد أو أيدلوجية واحدة وإنما يتطلب تكاتف الجهات المختلفة وإلا الحرب الأهلية ستستمر سواء كانت في النيل الأزرق أو دارفور أو جنوب كردفان، الإجابة ليست أن نذهب ونهزم المجموعات العسكرية الموجودة هناك، وإذا هزمناها ستخرج مجموعات أخرى، هذه الأسئلة المصيرية التي كان يجب أن نجيب عليها في الفترة الأولى بعد الاستقلال والتي عجزت القوى السياسية المختلفة المدنية والعسكرية التي حكمت البلاد في الإجابة عليها هي مطروحة الآن أمام الناس ويفترض أن يجيبوا عليها وهي تشكل وجدان الفرد في كيفية التعامل مع القوى السياسية وكيفية بناء الأحزاب، وليس لدي مشكلة مع الناس المتطلعين الذين ينظرون إليَ نتقابل معهم بفكرتي هذه، وهذا لا يعني أنني أؤسس حزباً أو أصبح رئيس حزب لسبب رئيسي هو أن الإنسان كائن بايولوجي كلما يتقدم به السن كلما قلت قدراته، ولي قرابة الخمسين عاماً في الحزب لماذا أصبح رئيس حزب، ممكن أمنح خبرتي للشباب وللناس الأصغر مني، لكن أصبح رئيس حزب “وأتقنطر فيهو فوق” هذا ليس جزءاً من تفكيري على أي حال.
لم نركز على الأممية
عندما دخلت الحزب الشيوعي ليس لدي فكرة حول أن الحزب ينتصر عالمياً أو تنتصر الثورة في العالم وتتحق الأممية، وكنت أرى أن هناك برنامجاً يلبي ما بدواخلي في كيف أن السودان يذهب للأمام في الجوانب المختلفة، والذين إلتحقوا بالحزب كانوا يعتقدون أن الخط بتبني الماركسية هو إضافة لنظرية علمية بأنهم كيف يستطيعون أن يخوضوا قضايا ما بعد الاستقلال ومن هنا جاءت الفكرة، ولا أعتقد أن هناك تخطيطاً بأن يكون هو جزء من الحركة الأممية بالمعنى الفسيح، وللأمانة في الحزب لم يكن عندنا تركيز على هذا الجانب، صحيح كان عندنا تركيز على العلاقات الدولية ومع بقية الشيوعيين أيام الاتحاد السوفيتي وخلافه، لكن ربط الموضوع بأن ما يخص خطاب الشيوعيين في السودان لم يكن موجوداً، لذلك أعتقد أن التعامل مع الماركسية كعلم تطبيقي مثل بقية العلوم “دا كلام ما بجي” وليس علمياً، لكن الماركسية بها مرشد ومنهج وأعتقد أنه منهج صحيح في أنك كيف تحلل وتصل لاستنتاجات وتستقرأ المستقبل وهذا جزء من منهج العلم الحديث فيما عدا ذلك كلها اجتهادات كالحديث عن الاشتراكية ولا يوجد في الماركسية حديث عنها بالتفصيل وإنما كلام عام، والحديث عن الملكية والكتلة النقدية هذا موضوع معقد، والأهم من ذلك أن بعض الأشخاص كانوا يعتقدون أن هناك نظرية عامة إسمها الاشتراكية وهي صالحة لكل مكان وزمان، وأعتقد إن هذا الكلام غير طبيعي، فهناك منهج صحيح الفضل فيه يرجع للماركسية لكن في الواقع المعاش في سوداننا هناك عشرات القضايا التي يمكن مناقشتها وتطبيق هذا المنهج عليها هذه رؤيتي، إذا رآها البعض إنها نظرية يمين أو نظرية أيدلوجيا كل شخص حر في نظراته.
تزوجت زميلتي وكانت رئيستي في الحزب
تزوجت مثلي مثل أي شخص من زميلتي في الجامعة وهي شيوعية وكانت قيادية وكنت أءتمر بأوامرها وهي الآن تركت الحزب، وأولادي خالد وعزة وبشرى الشفيع، وغنى في زواجي محمد الأمين في دار الأطباء وفي ذلك الزمن كان “في هجيج وكل حاجة” وكان يوم151979، أولادي ليست لهم علاقة بالحزب عدا عزة التي استقالت مؤخراً مع الأطباء الذين استقالو ا أما بشرى هو فيلسوف على طريقته وخالد متزوج من صينية ومغترب بدولة كوريا الجنوبية، أمي ست البنات أبنعوف سعيد والدها من الكرو وأمها من أبو رنات، وأبي أمه من حفير مشو ووالده من الزومة.
التيار