طبقات المُفسدين

(1)
أجد نفسي مُستملحاً أي مُعجباً بالتصنيف الذي وضعه الشيخ/ الزبير أحمد الحسن – أمين عام الحركة الإسلامية للمفسدين، حَيث قال: اعتبر كل من أفسد من أعضاء الحركة الإسلامية مُنافقٌ, بمعنى أنه انضم للحركة الإسلامية لتحقيق مصالحه المالية والسياسية, والذين لم ينضموا للحركة من الفاسدين تَصلح تسميتهم بـ (القطط السمان)، وهُناك من هُم ضدنا وفاسدون وينهشون في جسد الوطن، هؤلاء تصلح تسميتهم بـ (الكلاب السمان) أنظر صحيفة “السوداني” ? الأحد 11 نوفمبر 2018 صـ (3).!
إذاً نحن أمام ثلاثة أصناف من المُفسدين على حسب ترتيب شيخ الزبير، أولهم المُنافق وهو الذي يُظهر خلاف ما يُبطن وهو المُفسد المُنتمي للحركة الإسلامية.. الصنف الثاني هم القطط السمان والقطة السمينة مُصطلح يُطلق على الذي تضخّم من أكلَ المَال العَام بغير وَجه حَقٍ، وعند الشيخ الزبير هو المُفسد الموالي للحركة الإسلامية أو على الأقل ليس مُناهضاً لها.. أمّا الصنف الثالث فهم الكلاب السمان وهذا مُصطلح صكه الشيخ الزبير ودلالته واضحةٌ، فهو تطور للقطط السمان وهو المُفسد المُناويء أي المُعارض للحركة الإسلامية، وهذا الصّنف أغلظ عليه الشيخ الزبير أكثر من الصّنفين الأولين، إذ نسب إليه نهش جسد الوطن مع أنّهم جميعاً ينهشون في جسد البلد.
(2)
الأصناف الثلاثة المَذكورة أَعلاه مُتّفقون في أكل المَال العَام وبغير وجه حَقٍ، لذلك هم مُفسدون أَضَرُّوا بالبلاد والعباد وكُلّهم أمَام القَانون الذي يحكم البلاد مُجرمون، ولكن تَصنيف شيخ الزبير استند على موقفهم السِّياسي، فكلهم سياسيون وإن اختلفوا في ألوانهم السياسية وقد أثروا بالحرام عن طريق السياسة، فطالما أنّ المال الذي فسدوا فيه هو مالٌ عامٌ أي مال الدولة فهو فساد سياسي، لأن الدولة هي أم المُؤسّسات السِّياسية.. وقديماً كان يُسمى علم العلوم السِّياسيَّة علم الدولة، وقد اتّفق الثلاثة في النيل من الدولة ممّا يشي على أنّ هذه الدولة بابها مُخلعٌ أي (وكالة من غير بَوّاب).. ويبقى السُّؤال مَن الذي خَلَعَ بابها وهذه قضية أخرى.؟!
أحسن الشيخ عندما وصف الصنف الأول بالمُنافقين، فهم سياسياً مُتمسحون بالإسلام وبالتنظيم، ولكن في دواخلهم ذاتيون أي يعملون من أجل مصلحتهم، لذلك ولغوا في الحرام، وهذا يفرض على التنظيم أن يُعاملهم كَمَا عامل الرسول الكريم عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم المنافقين، فهل فعلت الحركة الإسلامية ذلك؟ لو فعلت لحجزت لنفسها موقعاً سياسياً مُتقدِّماً.
ولكن في تقديرنا أنّ الشيخ لم يُوفّق في توصيف الصنف الثالث الفاسد المُعارض، إذ أغلظ عليهم ووصفهم بالكلاب أي مرحلة فوق القطط ونسب إليهم نَهش جَسد البلاد، مع أنّهم أفسدوا فقط ولم يدّعوا أي تطهرية وبهذا هُم الأبعد عن النفاق فهم همباتة هذا الزمان، فالتتقيم المعنوي يضعهم فوق المُنافقين ولكنهم في النهاية كلهم مُجرمون.!
(3)
أمّا ما لم يقله شيخ الزبير والذي نعتبره (الزيت) الذي أوحى لنا به تصنيفه الظريف، هو أنّ هذه الثلاثة أصناف تَعمل بتناغمٍ تامٍ وليس بينها أي صِراع مَفاسد (أقصد مصالح)، فالاختباء من القانون وَحّدَ بينهم، ويتجلّى ذلك في منظومات الفساد السائدة الآن، ففي البنوك مثلاً تجد الإدارة التنفيذية من الصنف الأول ? حركة إسلامية -، ومجلس الإدارة من الصنف المُوالي، والمستفيد الثالث الكلب السمين أي الذي خرج باسمه التمويل درءاً للشهبات أو العكس فقد أصبحوا دائرة.. أما في قطاع المقاولات فالحكاية أكثر وضوحاً، فتجد العطاء تَمّ إرساؤه على المُصنّف الأول أو الثاني (القطة السمينة)، ومن الباطن يعمل المُصنّف الثالث الكلب السمين.!
خلاصة قولنا، إنّ هؤلاء الثلاثة ان تفرّقوا سياسياً، إلا أنّ الفساد جمع بينهم، لا بل وَصَلَ الأمر مرحلة التزاوج وتشكيل طبقة مُتماسكة.. فقولوا يا لطيف من الطبقة الجديدة القادمة..!

السوداني

تعليق واحد

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..