في حضرة الثامن من مارس!

٭ قبل أكثر من قرن كرس الثامن من مارس كيوم للمرأة تتم فيه الوقفة على وضع المرأة في الحياة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية.. كان ذلك في عام 0191 بمدينة كوبنهاجن.. ساعة انتصر ضمير الخيرين للمرأة عندما رفعت صوتها تطالب بحقوقها من أصحاب المصانع الرأسماليين ولم تنل إلا القهر والرصاص.
٭ وبالرغم من أن الوقفة عند عذابات وقضايا الشرط النسوي على صعيد العالم فاقت القرن أى المائة عام إلا أن المشكل مازال قائماً والقضايا مازالت قائمة مع حجم الانتصارات والحقوق التي نالتها المرأة هنا وهناك.. ولهذا التحية والتهنئة مكررة وواجبة لنساء السودان ولنساء العالم ولمركز الدراسات السودانية وللدكتور حيدر ابراهيم خاصة.
٭ مركز الدراسات السودانية الذي قاد عملاً فريداً ومتميزاً في مارس عام 3002.. عملاً استمر بذات العمق والجدية بالرغم من كل شيء.. والحديث الذي شهدته قاعة الاجتماعات بالمركز والذي شهدته قاعة المؤتمرات بدار اتحاد المصارف والسوق الخيري الذي شهدته حدائق المتحف القومي.. ستظل علامات مضيئة في مسيرة انجازات المركز وفي مسيرة الحركة النسائية السودانية بل والعالمية تعبيراً عن أن قضية المرأة هى قضية المجتمع وهى قضية الرجل وهى قضية قوى الخير عموماً.
٭ بالرغم من اني ما اعتدت أن أكتب في موضوعات من أجل التندر أو التداعي الخفيف إلا إني أذكر في عام 5791 عندما كنت في مؤتمر (برلين) الذي نظمه الاتحاد النسائي الديمقراطي العالمي.. أمثل المجلس الوطني للتضامن والصداقة والسلم.. فكرت أكثر من مرة في أن أكتب عن موضوعات ثانوية كثيرة كانت تستوقفني وتشكل مادة طريفة للحديث فيما بيننا عندما نصعد للغرف أو عندما تجمعنا مائدة الطعام، ومن ضمن هذه الموضوعات طبيعة تشكيل عضوية المؤتمر فهو لم يكن مؤتمراً نسائياً صرفاً وإنما كان مختلطاً ولكن الاسم وواقع القضايا المطروحة فيه جعلت من الرجال أقلية واضحة وأتاحت لنا فرصة ان نرى الرجال أقلية في محافل الرأى والتخطيط فقد ظلوا طوال التاريخ وفي جميع مجالات العمل هم الاغلبية المطلقة.
٭ كنا في بهو الفندق الكبير (شتاء برلين) أصوات النساء غالبة.. أزياء النساء غالبة.. التفت الى زميلتي من اتحاد نساء السودان وقلت لها ماذا يدور في أذهان هؤلاء الرجال القِلة وسط هذا الخضم النسائي؟؟
٭ قالت لا ادري..
٭ قلت لها دعيني أتصور ما يدور في أذهانهم سواء هنا في هذا البهو الكبير أو في صالات الاجتماعات المختلفة.
٭ أظن لا يدور في رؤوسهم شيء سوى الهلع والخوف مما تحمله الأعوام القادمة تجاه قضايا النساء، ففي هذا العام وحده وجد الرجل نفسه يشكل أقلية في محفل دولي يناقش قضايا عامة تتصل بالديمقراطية والتنمية والسلم على نطاق العالم، فقد ظل طوال التاريخ ومنذ أن انهزمت المرأة بعد نهاية مجتمع الأم ظل الآمر الناهي وحده على امتداد جميع ساحات الوجود الإنساني من الاسرة الى الحقل والمصنع الى ديوان الحكم.
٭ قلت هذا في حماس.. ولكن سرعان ما استدركت إجابتي وقلت لها ما اظن ان هؤلاء الذين نشاهد من الصنف الذي ينتابه الهلع ويخاف من الانتصارات التي تحققها المرأة فإن كانوا كذلك لما أتوا هنا معنا وارتضوا هذا الوضع الذي كنا فيه نحن منذ زمان طويل.. كنا أقلية مسحوقة في شتى المجالات.
٭ ولكن من أجل أن يكون ذلك المشوار قصيراً نناشد الذين كانوا أقلية في مؤتمر برلين نناشدهم بحجم مرارة الاحساس بالانزواء وضياع الصوت ان يواصلوا معنا النضال من اجل الا نكون أقلية والا يكونوا اقلية.
٭ ان يقنعوا بعضهم بعدالة قضيتنا.
٭ ضحكت زميلتي وقالت انك تفلقي وتداوي ألم تكوني قبل لحظات شامتة عليهم.. قلت لها لم أكن جادة في تلك المشاعر لأني اؤمن بأن قضيتنا ليست ضدهم بل العكس فإننا بلا مساعدتهم ووقفتهم معنا لا نتمكن من تحقيق أى قدر من النجاح يوازي ما نأمل وما تأمل كل القوى الخيرة المحبة للعدل والسلم والتنمية والديمقراطية.
٭ ضحكت زميلتي وضحكت أنا طويلاً فقد كنا أمام المصعد وقد تراجع أحد الأعضاء ليفسح لنا المجال وكان الوحيد بيننا.
هذا مع تحياتي وشكري

الصحافة

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..