وداعاً للأرقام الكاذبة والتقارير المضروبة!!

لا أشك مطلقاً في أن ضعف التنمية والانهيار والتردي الذي نعايشه في شتى مناحي الحياة سببه ضعف ثقافة الإحصاء وعدم الاكتراث لتحديث الأرقام وتوفير المعلومة المبنية على الجديد والمستندة إلى البحث والتقصي.
لا تكاد تجد ما تبني عليه أية دراسة للتطوير أو يعينك على إدارة الحياة و(ماسساتها) في ظل غياب المعلومة الناتج عن عدم إدراكنا لأهمية الإحصاء وغياب تحديث الأرقام، وكسلنا الدائم عن إخضاع البيانات للفحص والتدقيق والتجديد والمتابعة المستمرة.
الأرقام عندنا تكذب دائماً ولا تتجمل، حتى تلكم التي درسناها في مراحل التعليم حول ثروات البلاد المختلفة لا تعدو كونها (متحفية) و(محنطة) لم تدخل عليها يد التعديل منذ وضع المناهج وحتى الآن، مثلاً إعداد ثروتنا الحيوانية، وإسهام الصمغ العربي والقطن (الذهب الأبيض) في اقتصادنا الوطني والمساحات المزروعة في المشروعات القومية وعلى مستوى القطاعين المطري والمروي.
قبل أيام كانت (قناة العربية) تسألني عن نسبة الآثار السودانية المنهوبة قياساً بالموجودة في السودان، كانت معدة البرنامج تصر على أنها أكثر من الموجودة بالداخل، نفيت لها الأمر جملة وتفصيلاً، لكني لم أجد للأسف أية دراسة تعينني على تقديم الإجابة بالأرقام في عالم لا يعترف بالإنشاء والكلام المكرور، ويعتمد فقط على الأرقام والنسب والمعلومة الموثقة في مراصد البحث والتقصي المستمر، حتى إسهام السياحة في الدخل القومي وجدت أرقاماً متباينة على لسان أكثر من مصدر أو فلنقل مسؤول، وعلى ذلك قس.
واحدة من أكبر أزمات البلاد أن المسؤول يحاول أن (يكبر كومو) بإيراد أرقام كبيرة ربما تنفعه في البقاء على الكرسي عاماً أو عامين، لكن انعكاس تداول هذه الإحصاءات المضروبة يرتب ضرراً بالغاً على البلد، لأنه يحدث ومضاعفات خطيرة في تقدير الموقف ويؤسس لحالة خداع ظلت للأسف مستمرة مع عدم وجود جهات تصحح المعلومة المغلوطة وتوفر الصحيحة.
ما زلنا عاجزين عن حساب إسهام الذهب في الخزينة العامة رغم حساسية المعدن ووقوفه منفرداً في قائمة الصادرات المنوط بها إخراج اقتصادنا من غرفة الإنعاش هنالك تضارب كبير في أرقام الإنتاج، نتذكر بكثير من التندر الحديث عن صفقة أسترالية لوديعة نقدية قيمتها 11 مليار دولار، وعلى حديث وزير سابق تحدث في إحدى السنوات عن إسهام الصمغ العربي بثلاثة مليارات دولار خلال ثلاثة أشهر.
ما زلنا نعيش كذلك على دوي الكذبة القائلة إن شركة روسية قدمت (5) مليارات دولار كضمان لإنتاج الذهب، في عز أزمتنا ما زلنا نبحث عن النسبة التي يغطيها إنتاجنا من البنزين حتى نعرف حجم الفجوة تحديداً.
الأسبوع المنصرم لبيت دعوة من الدكتور كرم الله علي عبدالرحمن مدير الجهاز المركزي للإحصاء، أسعدتني جداً لأنها أيقظت إحساسنا بالأرقام وجعلتنا نطمئن على وجود حارس وطني أمين على بوابة المعلومات هو الجهاز المركزي للإحصاء.
الدكتور كرم الله قدم عرضاً ممتازاً لخطة الجهاز مصحوبة بالكتاب الإحصائي السنوي للعام 2016 تضمن ما ظللنا ننادي به من قياسات وإحصاءات تفتح بين بلادنا والتطور المأمول بعلمية وقياس وتدقيق.
عالم اليوم تحرسه المعلومة وتبنيه الأرقام وتؤسس لنهضته الإحصاءات القائمة على الصدق والوضوح، والتشخيص الدقيق للموجود والمطلوب.. شكراً دكتور كرم الله وأركان سلمه في الجهاز المركزي للإحصاء، فالمعلومة أساس التنمية، احرسوا الأرقام حتى لا يكذبوا علينا.
اليوم التالي
في النهايه انتهت فكرة المقال الى -“كسير تلج “-
ما هكذا تورد الابل يا كاتب المقال ..!!!!!!!
في النهايه انتهت فكرة المقال الى -“كسير تلج “-
ما هكذا تورد الابل يا كاتب المقال ..!!!!!!!