بعد عرقلة قبول طالب كفيف.. جامعة الخرطوم…حلت الأزمة فمن يمحو الآثار؟!

الطالب الكفيف: لا أحتاج لمعينات من الجامعة ولماذا أدفع الثمن؟
رئيس قسم اللغة الفرنسية: ابنكم إذا قبل سيكون كالببغاء يكرر ما يسمع
القسم الفرنسي: (ما تجننوني ما بقبله كرهتوني حياتي)
ملأت الأسافير ضجيجاَ قصة كفاح الطالب الكفيف أحمد عبد العظيم دفاعاً عن حقه الدستوري، لكن ذلك لم يكن بعد تخرجه بل قبل دخوله للجامعة وأمام من ستقف معه مستقبلاً باعتبارها منارة للتعليم، فقصة أحمد وإن كانت فردية لكنها تحمل كثيراً من الإشارات لخصوصية تفاصيلها، أحمد الكفيف الذي أحرز نسبة 81.1%، في امتحان الشهادة السودانية، واجهته تلك التحديات بعد قبوله بجامعة الخرطوم، كلية الآداب/ قسم اللغة الفرنسية، إلا أن الكلية بعقلية القرون الوسطى بكل أسف رفضت تسجيله، أو على أقل تقدير عرقلت ذلك.
الخرطوم: نورالدين جادات
أصل الحكاية
الطالب أحمد عبدالعظيم تم إجراء الكشف الطبي له وأخضع للمعاينة مع نائبة عميد كلية الآداب للشؤون العلمية، وأخبرها برغبته في الدراسة بقسم اللغة الفرنسية ولم تعترض على ذلك، لكنه قابل رئيسة قسم اللغة الفرنسية التي أخبرته بعدم إمكانية قبوله بالقسم وبأنهم اتخذوا قراراً فيما بينهم كأساتذة في القسم بعدم قبول طالب كفيف لعدم وجود المعينات، عطفاً على أن مساعدي التدريس رفضوا العام الماضي الكتابة للمكفوفين في الامتحانات معتبرين ذلك ليس من مهامهم الوظيفية. وذكرت له بعد ذلك أنه يمكنه الذهاب لقسم الإنسانيات،لكن عاد إليها مرة أخرى كررت رفضها باستخدام عبارات مثل (ما تجننوني ما بقبله كرهتوني حياتي)، أي أن الباب أوصد تماماً أمام قبول أحمد بالقسم، ثم بعد ذلك ذكرت له رئيس القسم إمكانية دخول قسم الإنسانيات.
بيان ودفاع
جامعة الخرطوم بعد الانتقادات الحادة التي تلقتها جراء المشكلة سارعت بنشر بيان صدر عن عمادة شؤون الطلاب بجامعة الخرطوم حول القضية، وذكرت أن إدارة كلية الآداب “لم ترفض تسجيل الطالب بقسم اللغة الفرنسية بل نصحتهُ باختيار تخصص آخر لعدم توفر المعينات اللازمة في الوقت الراهن، إلى جانب قيام الأب بتجميد العام الدراسي لابنه”.
وهو ما نفته الأسرة بقولها: ليس الأمر كما جاء في بيان عمادة شؤون الطلاب مجرد نصيحة له مطلق الحرية في قبولها والالتحاق بقسم الإنسانيات أو رفضها وبالتالي قبوله بقسم اللغة الفرنسية.
شروط خاصة
وتسترسل الأسرة: قابلنا عميدة كلية الآداب وتمنينا أن يكون هذا الرفض هو موقف القسم وحده وليس الكلية، فأعادت العميدة نفس الرفض بذات الحجج وزادت عليها أن ابننا أحمد إذا قُبِل في قسم اللغة الفرنسية سيكون كالببغاء فقط يكرر ما يسمع. وذكرت العميدة أنها ستحاول إقناع القسم بقبول أحمد بشرط أن يتعهد بالموافقة على ثلاثة أمور:أولها أن التصحيح لأحمد سيكون من 50 بدلاً من 100، وثانيها هو أن يختار اللغة العربية وليس غيرها مع اللغة الفرنسية في السنة الثانية، علماً بأن الطالب يمكنه اختيار اللغة الإنجليزية وثالثها أن الجامعة غير مسؤولة عن تقديم أي مساعدات لأحمد، وبرغم ذلك تضيف: بعد هذا ذكرت العميدة أنها لن تقبل ابننا استناداً للوائح، وعندما طلبنا رؤية تلك اللوائح، رفضت ذلك بحجة أن هذا ليس من صلاحياتها، وهو الأمر الذي تستند عليه الأسرة بأن ما قدم لابنهم ليس نصيحة بل أمر، وإلا لكان قبل في الكلية بعد رفضه النصيحة كما ذكرت الجامعة .
أعذار
أمر آخر أثير باستمرار عن توفر الأجهزة وهو الأمر الذي تحدثت فيه الأسرة بقولها: فيما يخص الأجهزة التي تمكن الكفيف من اكتساب مهارات اللغة الأربعة، فإن مهارتي الاستماع والتخاطب لا يحتاج الكفيف لأي أجهزة لاكتسابها، ومهارتي القراءة والكتابة فالجامعة هي التي يجب عليها توفير ما يمكن الكفيف من اكتساب تلك المهارات حتى يكون المكفوفون على قدم المساواة مع غيرهم،ولا يمكن معاقبة الكفيف على تقصير الجامعة في واجبها، وان ابننا أحمد يمتلك جهازاً متقدماً يمكنه من كتابة ما يدرس في المحاضرات وقراءته بطريقة الـ(برايل) ولا يحتاج لمعينات من الجامعة لاكتساب تلك المهارات، وقد أخبرنا أمين الشؤون العلمية وعميدة الكلية بذلك دون جدوى.
تأكيد الرغبة
أسرة أحمد قالت إن ابنها رغبته هي الاستمرار في القسم منذ أول مقابلة له مع رئيسة القسم وكان ذلك بتاريخ 1/10/2018م، أي قبل بدء الدراسة بأكثر من أسبوع، وظل يعيد التأكيد على ذلك مراراً أثناء ذهابه لمختلف المستويات الإدارية حتى أمين الشؤون العلمية الذي له خطاب بصورة إلى مدير الجامعة بينا فيه كل ما حدث، وأكدنا فيه على رغبة ابننا في نيل حقه في الالتحاق بقسم اللغة الفرنسية الذي استوفى شروط الالتحاق به.
مقابلات
الأسرة بينت أنها قابلت أمين الشؤون العلمية موضحين له عدم حاجة أحمد لمعينات من الجامعة، وعرض أمين الشؤون العلمية على أحمد تجميد العام حتى يتمكنوا من جلب المعينات، وفي هذا الوقت كان قد مضت خمسة أسابيع على بدء الدراسة، أي أن الفترة بين تأكيد رغبة أحمد في الاستمرار في القسم وعرض التجميد كان حوالي ستة أسابيع.
ضغط وتأثير
بعد كل ما حدث وتحت ضغط ومرور شهر ونيف على بدء الدراسة قالت الأسرة جاءت موافقتنا على التجميد، إلا أننا لم نكمل الإجراءات وعندما اتضح لنا بعد ذلك عدم ضمان أن التجميد كان لمقعد أحمد في قسم اللغة الفرنسية لأنه لم يسجل فيها ابتداءً، وعندما اتضح لابننا أيضاً إمكانية اللحاق بما فاته من محاضرات ببذل مزيد من الجهد عدل عن فكرة التجميد، حفاظاً على عام لا نملك الكثير منه في أعمارنا باختلاف أطوالها.
اتفاقيات
قضايا المكفوفين لا تعتبر شأناً داخلياً للدول فقد صادق السودان في وقت سابق على الاتفاقية الدولية لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة وبروتوكولها الاختياري بحسب مهتمين، وتنص بموجبها على أن الدولة الموقعة يمكن أن يتم محاسبتها الدولية إذا لم تلتزم بما ورد فيها من بنود، بينما يقع حق الحرمان من التعليم ضمن اتفاقيات أخرى بما مورس من تمييز.
مَن وأذى
رئيس اتحاد المكفوفين وصف في حديث سابق أن رفض قسم اللغة الفرنسية تسجيل أحمد عبد العظيم، بأنه انتهاك لحق أحمد من قبل الجامعة، مشيراً في الوقت ذاته إلى أن عمادة الطلاب تود أن تمن على الطلاب بحق منحهم له قرار جمهوري، بإعفاء كل ذوي الإعاقة من كل الرسوم الدراسية بالجامعات السودانية.
روايات غير صحيحة
الطالب أحمد قال إنه يمتلك المهارات الأساسية من تعامل مع الانترنت وغيرها التي تؤهله للكلية، واستبعد صحة ماذكرته الجامعة وقال لـ(التيار): ما ذكرته الجامعة في بيانها غير صحيح، وقال إنَّه في حالة نصحوه بتغيير رغبته بالالتحاق بتخصص آخر هو أيضاً يُعدُّ تحكماً في رغبتي .
التيار