أخبار السودان

اشتعال معركة حامية الوطيس في قضية الميناء الجنوبي ببورتسودان.. سيرة وانفتحت

رباب علي

اشتعلت حمى معركة حامية الوطيس في قضية الميناء الجنوبي ببورتسودان منذ اندلاعها نهاية يناير المنصرم، لجهة رفض عمال الموانئ عقد تشغيل الميناء بين هيئة الموانئ والشركة الفلبينية والتي أثبتت فشلها في إدارتها السابقة للميناء، فانعكس تأثير ذلك على وضع العمال بشكل كبير، ما بين شد وجذب حول ضبابية مستقبلهم، والمجهول الذي ينتظرهم.

تأثيرات سالبة

وذكر بعض الأهالي أن توقف العمال عن العمل في الميناء، له تأثير سلبي كبير على الشرائح التي تعتمد في تدبر قوت يومها على حركة هؤلاء العمال من باعة فريشة وأصحاب طبالي وسائقي ركشات وكل وسائل المواصلات المختلفة، ولا تستثني كذلك باعة الرصيد وأصحاب الكافتريات والمطاعم، مشيرين الى أن الوضع الاقتصادي العام في البلد والخاص بولاية بورتسودان لا يحتمل أي زيادة في نسبة العطالة لحالة الغلاء المستمر التي تعاني منها الولاية التي تأخذ ربطاً من الموانئ في شكل خدمات في المياه والكهرباء والتي ستختفي تماماً.

مصير مجهول

وقال عامل بالميناء ـ فضل حجب اسمه ـ لـ(الإنتباهة) إن مرتبه الشهري 3.500 جنيه فيما يسكن بمنزل إيجاره 7 آلاف جنيه وفي هذا الوضع لا أستطيع أن أعيش في ظل انعدام حوافز سنوية ستحرمني منها الشركة، وبالتالي سأترك العمل بالميناء وأبحث عن آخر رغم ثقتي في أنني لن أجد وظيفة تكفي احتياجاتي وأسرتي في ظل الوضع الراهن. وأكد أن الحركة أصبحت ضعيفة جداً لأننا لا ندري ما هو مصيرنا، وسيرتفع معدل المناولة إن كان هناك بث تطمينات بعدم وجود خصخصة.

شلل تام

رئيس النقابة البديلة لعمال الموانئ عثمان طاهر عكس حديثه وضعاً سيئاً يتمثل في توقف العمل في الميناء الجنوبي تماماً، وهناك حالة شلل تام فيه والذي يمثل 85% من حركة الموانئ في السودان وفي هذا خطر كبير على الوضع الاقتصادي، لأن أغلب التجارة تتم عبر نظام الحاويات.

قضية سيادية

وأكد طاهر أن الأمر لا يتعلق بتوفيق أوضاع العمال، بل هي مسألة سيادية ولا يمكن تسليم الأفراد الى أجانب، ونحن منذ ستة أشهر نعمل في ظروف صعبة ولم نتضجر او نتذمر رغماً عن تأخر مستحقاتنا المالية بسبب عدم السيولة، لأننا نقدر الظروف التي تمر بها الدولة. وزاد : لا يمكننا أن نحقق أرباحاً عالية في العام السابق في حين أن الشركة تدفع ثلثه او يزيد كمقدم وإيجار وتستولي على بقية المبلغ فهذا غير منطقي، لأن هذه الأرباح أتت عبر مجهود العمال ومعدات الميناء.

وقطع أن حل المشكلة يكمن في إلغاء العقد نهائياً وإرجاع المبالغ التي استلمتها الحكومة وإن عجزت فإن هيئة الموانئ البحرية تستطيع ذلك بدفعها بالأقساط خلال أربع سنوات.

أصحاب وجعة

توقعنا أن موطئ قدم رئيس مجلس الوزراء سيكون في الميناء والاستماع إلينا وتسليمه المذكرة، ولكن الوالي آثر أن تكون الجلسة في المكاتب المغلقة، والتي لن تؤدي الى معالجة المشكلة، لأننا أصحاب (وجعة).

خطر أمني

عضو اللجنة العليا لمناهضة الخصخصة سامي الصائغ في انطلاقة حديثه للصحيفة، أشار الى أنه تم تكوين لجنة عليا برئاسة رئيس مجلس الوزراء لمعرفة ما يحدث، وقد تم تكوين لجنة عليا لمناهضة الخصخصة تشمل كل منظمات المجتمع المدني والسياسي والعمال، بعد أن توقيع عقد الشركة الفلبينية في نهاية العام 2018م ونحن نرفض هذا العقد تماماً لأضراره على الولاية والبلد.

وقال إن اللجنة ترتكز على أسباب أساسية لرفض الخصخصة، الأول متعلق بالجانب المالي في ما يتعلق بدخل الميناء الجنوبي عبر المناولة والتخزين، والذي وصل في العام السابق الى 87 مليون يورو فيما الشركة الفلبينية ستدفع 37.500 مليون يورو فقط وهي تكسب الفرق. والسبب الثاني يرتكز على جانب أمني إستراتيجي يمثل خطراً على الدولة، بأن يدير أجنبي عملية الصادر والوارد، وفيها خطورة على الدولة.

فيما يحمل السبب الثالث ـ والحديث لسامي ـ وجه اقتصادي يتمثل في وجود بعض السلع المعفية من الرسوم، وعندما تصبح شركة أجنبية مسيطرة على الميناء، فإنها لن تترك رسومها. وفي هذا تأثير على الاقتصاد بفقدان مبالغ طائلة وفي النهاية تقع على عاتق المستهلك.

أما المرحلة الرابعة، فتتعلق بعمال ولاية بورتسودان والموانئ والذين يحصلون على حافز سنوي بناءً على أرباح الميناء لتغطية منصرفاتهم مع حالة الغلاء التي تشهدها المدينة بشكل دائم، مما سيؤدي الى تشريد حوالي 13 ألف عامل، وفي حال وجود الشركة، فإن هذه الأرباح ستدخل خزينة وزارة المالية ولن يتلقى منها العمال شيئاً.

والأمر الأخير متعلق بعمال الشحن والتفريغ، والذين يقدر عددهم بـ 30 ألف عامل بعد أن تأتي الشركة بآليات صغيرة وتستغني عن هؤلاء العمال الموزعين في العديد من الإدارات بالميناء.

تجربة فاشلة

وقال سامي إن الميناء الجنوبي به حوالي 1800 عامل والبقية موزعين على بقية الموانئ، وأرباح الموانئ تعتمد على هذا الميناء والتي بنقل العمال لن تكون هناك أرباح سنوية لهم.

وأكد أن للشركة الفلبينية تجربة سابقة في الفترة من 2013ـ2017م، قامت فيها بفقد العمال ونقلهم ودمرت الميناء وأشياء أخرى، إضافة الى أنها عجزت عن توفير الاسبيرات للآليات التي تعطلت، لا سيما وأنها حسب الاتفاق أن عملها سيسهم في كسر الحصار الاقتصادي المفروض على السودان، كما أنها تعهدت باستيراد خطوط نقل جديدة للبواخر ولم يتم ذلك، وأنها سترفع ربط المناولة المتعلق بإيرادات الموانئ في الحاويات ولم تستطع فعل ذلك، ولم ترفع معدل (الترانفيشن) ولا لحاوية واحدة بذلك.

تاريخ سيئ

وأوضح سامي أن التيم العامل كان من المصريين والباكستانيين، وليست لهم خبرة كبيرة في مجال عمل الموانئ، مما يثير الشك في أن الشركة ليست فلبينية!!. والسؤال الأهم، المبلغ الذي تم دفعه للحكومة السودانية والمقدر بـ 410 ملايين يورو، كيف دخلت خاصة وأن التحويلات المصرفية للسودان متوقفة بفعل الحصار؟. وإن كان هذا المبلغ تم دفعه فعلياً.

وشكا من جهة أخرى من أن أفراد الشركة غير معروفين ويأتون للميناء بـ(الدس) خوفاً من العمال، خاصة وأن لهم تاريخ سيء في بلدان مجاورة وغريبة في إدارتها للموانئ.

عطاء تشغيل

وفي ذات الأثناء هناك تيار آخر يعضد عمل الشركة والتي تم الاتفاق معها بعقد يمتد لعشرين عاماً لإدارة الميناء وتأهيله وفقاً لحديث وكيل وزارة المالية عمر فرج الله، إن الشركة الفلبينية التي وقع عليها العطاء بعقد تشغيل محطة حاويات ميناء بورتسودان والذي يختص بنقل الحاويات والبضائع الجافة والعربات الصغيرة وتشرف عليه هيئة الموانئ البحرية وتقوم بتشغيل أكثر من ألف عامل بمختلف المهن بالمحطة، وأن موانئ البحر الأحمر الأخرى قادرة على استيعاب أكبر عدد من عمال المناولة والنقل وخلافه.

لا اتجاه للتشريد

ودحض في ذات الاتجاه أي حديث عن تشريد العمال، وأنه ليس له أساس من الصحة، مؤكداً أنه ليس هنالك خصخصة للموانئ ولا تشريد ولا بيع للهيئة. وأوضح فرج الله لـ(الإنتباهة) أن الدولة تسعى للاستفادة من الاسثمار وتأهيل الموانئ وتمكين السفن الكبيرة من الوصول الى الميناء للعمل على زيادة تدفق الإيرادات من العملات الصعبة وتنمية الاقتصاد. وأضاف: الميناء شهد تدهوراً ملحوظاً نتيجة للحصار المفروض على البلاد طيلة الأعوام الماضية، ولم يشهد تطوراً للمواكبة عالمياً لعدم توفر الاسبيرات، وكل الآليات نتيجة للحصار المفروض.

عطاء مفتوح

وقال إن الشركة الفلبينية التي رسا عليها العطاء نافست ضمن 13 شركة بقرار من وزارة النقل في بداية العام 2018م وكونت لجنة بذلك لتشغيل محطة الحاويات والمناولة وفرز العطائات وتم اختيار شركة لعمل الضوابط وتعمل استشارياً مع اللجنة لفرز العطاءات، واستجابت عدد عشر شركات، ومن ثم وصلت المنافسة بين أربع شركات إماراتية وسعودية وفرنسية والشركة الفلبينية.

خطط مستقبلية

تم التعاقد مع الشركة الفلبينية بنهاية العام 2018م وأنها قدمت مقدم عطاء (530 مليون يورو) يدفع منها (410 ملايين يورو) والباقي يسدد خلال أربع سنوات.

وزاد: قيمة الاستثمارات في صيانة الآليات وأصحاح التنمية، يقدر بحوالي (400 مليون يورو) وفق جدول معين، وأن الاتفاقية الموقعة مع الشركة مدتها عشرون عاماً تلتزم الشركة بكافة البنود الموقعة من تشغيل عمل الحاويات والصيانة وتطوير الميناء.

وأشار فرج الله الى أن الحاويات الواردة خلال العام تقدر بـ 480 ألف حاوية، والمخطط أن ترتفع الى مليون ومائتين وخمسون ألف حاوية.

زيادة دخل

وعاد فرج الله بالقول بأن الموانئ البحرية رغم الاتفاقية تتحصل على رسوم أية باخرة تحمل خمسين حاوية او أقل، وأن تدفع الشركة مليون يورو شهرياً رسوم ثابتة، بالإضافة الى أن الهيئة تتحصل على 14% من جملة الناتج. وأشار الى أن الخطة تعمل على زيادة الطن المنقول، الأمر الذي يؤدي لزيادة دخل الميناء وزيادة للدخل الأجنبي للبلاد، وزيادة العمالة بالميناء، وأن الاتفاقية تؤكد زيادة القسط الثابت للحكومة بعد العام السابع الى (مليون وخمسمائة ألف يورو) شهرياً، إضافة الى (16%) من دخل المحطة وأن (40 %) من عوائد الرصيف.

مستندات المساءلة

وحصُلت (الإنتباهة) على مستندات حملت مساءلة لوزير النقل السابق مكاوي محمد عوض من المجلس الوطني في دورة انعقاده السابعة حول الموانئ البحرية السودانية المطلة على البحر الأحمر فحواها بتاريخ 12 أبريل 2018م 🙁 ماذا تم في عطاءات الميناء الشمالي في بورتسودان وماهي تفاصيل العروض المقدمة)؟. كما حملت المساءلة جزءاً آخر شمل: (هل تم التعاقد على إدارة الميناء مع أية دولة، وما هو العائد للسودان من مثل هذا الاتفاق اذا تم؟)، هذا في ما يتعلق بأمر مساءلة البرلمان لوزير النقل السابق حول الميناء.

وكان رد وزارة النقل بتاريخ 29 أبريل ممهوراً بتوقيع مكاوي محمد عوض من ذات العام يشمل تقريراً حول تشغيل وتطوير محطة الحاويات الجنوبية بميناء بورتسودان المتخصص كمحطة لمناولة الحاويات، صادر ووارد، ويحتوي على صومعة غلال لمناولة صادر ووارد الحبوب ، وتطرق للموانئ الخمسة الأخرى.

وذكر مكاوي في رده أن الوزارة درجت على دراسة المعطيات الخاصة بتطوير وتحديث ميناء بورتسودان، وتحليل عروض الشركات بما يناسب طبيعة الولاية، مع الأخذ في الاعتبار كل الجوانب الاجتماعية والثقافية والسياسية، وعلى ضوئه ـ كما ذكر في الخطاب ـ تم التعاقد مع الشركة الفلبينية لتشغيل وإدارة ميناء الحاويات في العام 2013م لمدة ثلاث سنوات، وجدد العقد في العام 2016م.

ومن ثم صدر القرار الوزاري رقم (13) لسنة 2016م بتشكيل لجنة لدراسة عقد تشغيل وتطوير ميناء الحاويات مع شركات محلية وأجنبية وفق شروط ومواصفات تحددها اللجنة، بعد أن تدهور نسبة العمل في الميناء والتكدس الذي يحدث من حين لآخر.

عكفت اللجنة على تحديد خطوات عقد تشغيل وتطوير الميناء وبرنامج عملها وتواريخه وحددت أفضل الشركات العالمية ذات الخبرة في المجال الاستشاري ووقع الاختيار على شركة موانئ هامبورج الألمانية.

تم حصر الشركات التي يمكن أن تكون مؤهلة ولديها الخبرة الكافية في المجال وعددها (13) تمت مخاطبتها واستلمت منها (10) شركات الخطابات وتقدمت ست شركات فقط منها بالمستندات المطلوبة وتمت مراجعتها بواسطة المستشار الألماني فأثبت جديتها وأهليتها للمشاركة في العطاء، ومن ضمنها الشركة الفلبينية.

تم وضع برنامج لمراجعة وتقييم العطاء لإعلان الشركة الفائزة.

الى هنا انتهى رد الوزير على مساءلة البرلمان حول ما تم من تطوير وتحديث الميناء الجنوبي.

انتقال مفاجئ

وعلى نحو مفاجئ وغير متوقع أقلعت طائرة رئيس مجلس الوزراء وزير المالية معتز موسى الى الولاية المينائية وهي تحمل في طياتها لجنة كُونت من أكثر من 20 فرداً لدراسة أوضاع الجنوبي وأيجاد الحلول له، فهل نتوقع أن تثمر الزيارة عن حل ناجع للموقف المأزوم بالميناء وانتشاله من الانهيار

الصيحة

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..