أخبار السودان

لا بد من التحضير لليوم التالي

جعفر عباس

لا يعرف التاريخ قديمه وحديثه حكومة ظالمة ارتفعت الحناجر مطالبة برحيلها في أربع قارات وعلى نحو متكرر سوى هذه الحكومة التي ابتلانا الله بها (في لقاء تلفزيوني سألوا الرئيس البشير ما هي النكتة السياسية التي أضحكتك فقال كان الأمام يقول في خطبة الجمعة: اللهم لا تسلط علينا من لا يخافك ولا يرحمنا، فصاح أحد المصلين ويظهر كان “من أندنا”: هو سلط وخلص أسأله أن يرفع عنا).

المظاهرات التي خرجت في العواصم الأوربية تقول لحكومتنا غير الرشيدة: تسقط بس أمر غير مسبوق في تاريخ البشرية، فالمألوف أن يتظاهر أهل كل بلد في حدود بلادهم، ولكن سودانيي الشتات ظلوا يحملون الوطن في حدقات العيون، وتلافيف القلوب، وكان موكب واشنطن يوم السبت الماضي رهيبا مهيبا، حتى “لاوز” ترامب عندما حسب ان سود أمريكا يقولون له ترحل بس (التحية لفرسان ميناء بورتسودان وهم يتصدون للمخطط الاجرامي لبيعه لجهات مشبوهة، ولأن الكيزان باعوا كل شيء ذي قيمة في البلاد فقد شكا قريبنا من شدة البرد خلال الأيام القليلة الماضية وقال: أوع يكون الجماعة ديل باعوا الولاية لأوروبا).

سقوط النظام محسوم ومحتوم، ولكن لابد من تصعيد الفعل الثوري لنصل الى مرحلة العصيان التي ستكون ضربة الجزاء الحاسمة، وأمنيتي هي أن تكون نهاية النظام في شهر مارس المقبل وهو شهر الامتحانات الحاسمة في السودان، وما أجمل ان نشهد فيه رسوب النظم (بدون ملاحق طبعا)، والمشاركة في تعبئة وحشد الجماهير ليس فرض كفاية، إذا قام بها تجمع المهنيين سقط عن ، بل واجبعلى كل من قلوبهم على الوطن، أن ينظموا أنفسهم في أماكن عملهم وسكنهم في سبيل تصعيد النضال ضد الحكم البطال.

أعتقد أنه من الضروري، والحراك الشعبي الثوري مستمر ويكسب كل يوم المزيد من المؤيدين، أن يعمل الشباب الثائر على تنظيم أنفسهم استعدادا لليوم التالي أي مرحلة ما بعد رحيل الحكومة، حتى لا يسرق سماسرة السياسة الثورة الشبابية بعد انتصارها، ويزجوا البلاد في معارك جانبية حول الكراسي.

لا بد من أن يخرج من رحم هذه الثورة تنظيم أو أكثر يترجم شعارات الثورة الى برامج تنفيذية تسهم في انتقال البلاد الى مصاف الدول “الناجحة” بعد أن أدمنت الفشل في ظل الحكومة الحالية، وعلى الشباب عدم تهيب تجربة العمل السياسي بعد الانتصار، وتذكروا أن “الشاب” إيمانويل ماكرون فاز برئاسة فرنسا وليس لدى التنظيم الذي رشحه ممثل واحد في البرلمان، مما يعني أن تنظيما سياسيا يطرح برامج ثورة ديسمبر يقوده ثوار حقيقيون يستطيع ان يجد موطئ قدم مريح في الساحة الى جانب الأحزاب الموجودة سلفا.

على الشباب أن يستلهم ميثاق العمل الوطني الذي طرحه تجمع المهنيين لتشكيل رؤية حول سودان المستقبل؛ ويطرح بدوره ما يحلم به حول نظام الحكم (مركزي أم اتحادي)؟ والتنمية الاقتصادية وتداول السلطة والحريات والصحة والتعليم واستقلال القضاء والجامعات وإعادة هيكلة جهاز ومؤسسات الدولة، ومحاسبة من سرقوا قوت الشعب وارتكبوا الجرائم بحق الوطن والمواطن وكفالة حقوق ناجزة للمرأة ووقف الحروب في الهوامش وما إلى ذلك من قضايا لابد من حسمها خلال مرحلة الانتقال.

التحضير ليوم غد الحرية يتطلب تحريك شرائح كبيرة من المواطنين للاشتراك في مواكب الثورة التي ستمهد للعصيان الذي سيجعل الحكومة في خبر كان، ولابد من مساهمة الأفراد والجماعات في حشد الناس لتظاهرات تسقط بس، بل لابد من أن يتنظم الناس في لجان طلابية ومهنية على مستوى الأحياء السكنية، تكون “خميرة” لنقابات ومنظمات تمثل من يهمهم الأمر تمثيلا حقيقيا وتكون جاهزة للعمل العلني بعد الانتصار.

كلمة أخيرة: كلما أعلن شخص ما، كان من أبواق وأنصار الحكومة انحيازه للثورة ارتفعت أصوات ترفضه وتلفظه وبالتالي تحرمه من حق الاختيار ، ومن يفعل ذلك يمارس سياسات الكيزان الاقصائية، لنرحب بكل من يريد ركوب قطار الثورة حتى ممن تلوثوا لحين من الدهر، وكل ما نستطيع أن نفعله هو أن لا نترك الدركسون في أيديهم.

وحديثي أعلاه عن سماسرة السياسة لا أقصد به إقصاء (ريمه) أي الأحزاب القديمة، بل أدرك تماما أنه لا ديمقراطية بلا أحزاب وكل ما نستطيع فعله هو ضمان عدم عودة ريمه الى عاداتها الذميمة بهزيمتها في معارك الانتخابات.

على كل حال فقضية الساعات الأربعين المقبلة هي موكب غد الخميس ولابد لكل واحد منا قلبه على الوطن أن يسهم في التعبئة والتحشيد له فكلما كبرت المواكب وصارت الصفوف طويلة وعريضة صار النصر قاب قوسين أو أدنى، ولنعمل سويا كي يكون شهر الامتحانات (مارس) شهر الحرية والانطلاق نحو مستقبل باهر ورائع.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..