أخبار السودان

موكب تحدِّي طوارئ البشير 24 فبراير.. “ديل أنحنا القالوا فُتْنَا.. وقالوا مُتْنَا.. وقالوا للناس انتهينا”..

الأمن والشرطة يترتكبان جريمة نكراء

* بُرِّي.. وأم درمان.. والشجرة.. “مثلث الرُّعب” لأجهزة النظام.. وإصابة ثلاثة أشخاص بالرصاص في أم درمان..
* “77” عربة “تاتشر” تُحاصر بُرِّي.. وتجمُّع المهنيين يُرسل نداءً عاجلاً لفك الحصار..
* الأمن والشرطة يترتكبان جريمة نكراء بـ”مأمون حميدة”.. والمطاردات.. والاعتقالات.. والضرب الوحشي.. تُفجِّر عاصفة غضبٍ ضد حميدة وإدارة الجامعة..
في شمبات عمليات كر وفر لساعات تنتهي بالسيطرة على شارع المعونة..

الخرطوم ــ أم درمان ــ بحري: خالد فتحي

في أول تحدٍ لإعلان البشير لحالة الطوارئ ــ ليلة الجمعة الماضية ــ شكَّلت “أم درمان، وبُرِّي، والشجرة، ما يشبه مثلث الرعب لأجهزة النظام، وفي حين خرجت حشود ضخمة بسوق أم درمان بـ”الزغاريد والهتاف”، فرضت قوة أمنية قوامها “77” عربة “تاتشر” حصاراً وحشياً على بُرِّي، قبل أن يُرسل تجمُّع المهنيين السودانيين نداءً عاجلاً لبقية الأحياء بالتظاهر لفك الحصار الأمني الخانق عليها.

ولحقت “الشجرة الحماداب”؛ بـ”أم درمان، وبُرِّي”، لتكتمل أضلاع مثلث الرعب الثوري ضد نظام البشير، الذي لم تهدأ الثورة التي قامت في وجهه يوماً، وهي تدخلت شهرها الثالث.

وفي الساعة الواحدة ــ ظهر اليوم الاحد ــ دوت زغرودة يانعة أمام مسجد أم درمان الكبير، إيذاناً ببداية الموكب، وسرعان ما تحوَّل المكان الى مرجل يغلي بالهتاف “رُصَّ العساكر رَصْ.. الليلة تسقط بَسْ”.. “حرية سلام وعدالة.. والثورة خيار الشعب”. وطافت الحشود البشرية شوارع وأزقَّة سوق أم درمان الضيِّقة في طريقها الى استاد الهلال، استجابة لجدول تجمُّع المهنيين السودانيين، وقوى إعلان الحريَّة والتغيير، لكن الشرطة تدخَّلت بعنفٍ، وأطلقت قنابل الغاز المسيل للدموع بغزارة شديدة، لقطع الطريق أمام الحشود من الوصول الى هناك.

في المقابل؛ امتزجت معالم البسالة، والصمود، والتحدي، في وجوه المتظاهرين. وشكَّلت فوراناً ثورياً، فشلت قوات الأمن والشرطة ــ التي تدافعت عرباتها وأفرادها الى السوق في اخماد جذوته. واستمرت عمليات الكرِّ والفرِّ؛ بين القوات الأمنية والمتظاهرين لساعات طويلة، متحدِّية البطش، والتنكيل، والاعتقال، وقنابل الغاز العشوائية، التي تساقطت مطراً على شوارع.. وأزقة السوق اليوم.

وشنَّت قوات الأمن والشرطة حملة اعتقالات شعواء، لصدِّ قوَّة الموكب، واجباره على الانحسار، واقتادت بعضهم الى قسم شرطة بانت.

وأكَّدت نقابة أطباء السودان الشرعية ــ في تقرير ميداني عن مواكب اليوم ــ وقوع ثلاث اصابات بالرصاص الحي في أم درمان، وقالت في بيان رسمي على صفحتها بفيسبوك: “قامت القوات الأمنية باستخدام العنف المفرط، والرصاص الحي، للتصدي للمتظاهرين، ومحاولة تفريغ المواكب. وهناك حتى الآن ثلاث اصابات موثَّقة للاصابة بالرصاص الحي في أم درمان.. وهي كالاتي:

1/ “ب ــ ب” ــ ٥٦ سنة ــ الثورة ــ إصابة في اليد.
2/ “أ ــ ح” ــ ٤٢ سنة ــ أم بدة ــ إصابة في الكتف.
3/ “ح ــ م” ــ ٣٠ سنة ــ أم درمان ــ إصابة في الرأس.

وفي بُرِّي؛ حاصرت قوة أمنية قوامها “77” عربة “تاتشر” ،وعربات شرطة، الى جانب أعداد ضخمة من أفراد الأمن ــ راجلين ــ في حركة تمشيط بشارعي المعرض وسوق أربعة. وأنزلت قوات الأمن لإزالة المتاريس من شارع المعرض، وتوغَّل بعضهم الى الشوارع الداخلية القريبة، ومنع أفراد الأمن سكَّان المنازل المُطلَّة على سوق أربعة من الوقوف أمام أبواب منازلهم أو على شُرُفَاتِها، وكادوا أن يفتكوا بأحد الصبية الصٍغار لاشتباهم أنه كان يقوم بتصوير الحشود الأمنية، وهدَّدوا الواقفين على الشُرُفَات بالاعتقال.

كما أمروا كل العربات المظلَّلة بالوقوف، وقاموا بتفتيشها، وفحص هويات أصحابها بشكل دقيق، وطالبوا البعض منهم بإزالة التظليل فوراً.

لكن الترسانة الأمنية لم تَفِتَّ من عُضد المتظاهرين، ونظموا موكباً فخيماً يليق بأيقونة الثورة السودانية، اندلعت شرارته من ميدان “الدرايسة”. وردت قوات الأمن باطلاق قنابل الغاز المسيل للدموع، بعد أن أفلح المتظاهرون في إغلاق شارع المعرض للمرة الأولى منذ أسابيع طويلة، وامتدت شرارة الموكب الى “بُرِّي المحس”، لتصبح كل “البراري” كتلة لهب ثائرة، أجبرت القوات المتمركزة هناك على طلب تعزيزات، بعد أن شعرت بالعجز والفشل أمام الأمواج الثورية.

وبعد وصول التعزيزات الأمنية غير المسبوقة؛ أرسل تجمُّع المهنيين السودانيين على صفحته الرسمية بموقع الفيسبوك نداءً وقال: “نداء عاجل للثوار: بُرِّي تحت الحصار من أجهزة النظام القمعية، والربَّاطة، وتتم مداهمات، وعمليات تفتيش للمنازل، واعتقالات واسعة. الرجاء المساهمة من الثوار في فك الحصار عن بُرِّي بالضغط على أجهزة القمع، وذلك بتوسيع رقعة التظاهرات في الأحياء القريبة”.. وسرعان ما استجاب الالاف لنداء تجمُّع المهنيين، وخرجت تظاهرات في أحياء مختلفة بـ”الخرطوم، وبحري، وأم درمان”.

وارتكبت قوات الأمن والشرطة جريمة نكراء بـ”جامعة العلوم الطبية والتكنولوجيا”، الشهيرة بـ”مأمون حميدة” بحي الرياض، شرقي الخرطوم. واقتحم أفراد تابعون لقوات الأمن، وشرطة العمليات، حرم الجامعة، وطاردوا الطلبة والطالبات، وانهالوا عليهم ضرباً بالعِصي والهرَّاوات، وأُعتقلت طالبات بطريقة مهينة.

وفجَّرت مشاهد لحالات ضرب، ومطاردات مهينة ــ بُثَّت على مِنصَّات التواصل الاجتماعي ــ عاصفة غضب عارمة ضدَّ مؤسس الجامعة “مأمون حميدة”، وإدارة الجامعة/ بعد اتهامهم بالتواطؤ مع الأمن والشرطة، والسماح لهم بدخول الحرم الجامعي، وممارسة عمليات المطاردة، والضرب، والاعتقال، تحت سمعهم وأبصارهم.

وتداول مدوِّنون وناشطون؛ مقطعاً مصوراً لأحد الجنود الملثَّمين، وهو ينهال ضرباً على طالبة تعثَّرت ووقعت على الأرض أثناء مطاردتها. الى جانب مشاهد أخرى مُهينة للغاية، لعمليات اعتقال للطالبات، وسحبهنَّ عُنوة لــ”حافلات” كانت تقف بالقُرب من المكان.

ونقل شهود عيان؛ مظاهرات قوية بحي “الشجرة الحماداب”، الضلع الثالث لمثلث الرعب الثوري، الى جانب تظاهرات بـ”الصحافة، وجبرة، والجريف، وشارع الستين”، حيث أضرموا النيران في إطارات العربات، قبل أن تتدخَّل قوات الأمن والشرطة باطلاق قنابل الغاز المسيل للدموع.

وفي شمبات أفلح المتظاهرون البواسل بعد عمليات كر وفر استمرت منذ ظهر اليوم في كسر الحصار بالجسارة والمقاومة، حيث خرجوا في موكب مهيب إلى شارع المعونة، في خطوة عدها المراقبون بأنها مهمة للغاية في مواكب اليوم التي شهدت عودة وسيطرة المتظاهرين على الشوارع الرئيسة.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..