مقالات سياسية

الثورة ضد (الأموات)

أشواق وأشواك

عوض فلسطيني

الثورة في الغالب هي خروج بغرض التغيير ، وعندما يرتبط التغيير بالسياسة و الحكم قديماً او حديثاً فإنه لا يأتي تلبية لهوى او رضوخ لمزاج ، بل هو ثورة ضد قيم إنسانية نبيلة ،و دائما ما تكون الثورة ضد حقوق مسلوبة، اوظلم وغياب عدالة وغيرها،
فالنظم التي تثور علبها الشعوب في عالمنا الثالث نظم سياسية آلت اليها السلطة من غير تفويض من الشعب ، وإن تحايلت من بعد ذلك وأطٌرت شرعيتها المزورة بشرعية دستورية ناقصة الارادة!؟ ظلت تكيفها بمساحيق من شاكلة بعد الانتهازيين الذي يمنوحنها التفويض بالوكالة لا بالاصالة، لان الاصالة هي حق الشعب الذي لم تتهيأ له اسباب الانتقال بالممارسة الديمقراطية لتذوق حلاوة الفوز بالنصر او الرضى بالهزيمة.
كل ذلك يمكن أن يحدث في دول يحكمها رؤساء ( أحياء) نعم احياء بمعني الكلمة ، يرجى منهم ولو ذرة إجتهاد غد تصيب او تخطئ، ومن هنا تأتي الثورة ضدهم تدافعاً ومغالبة ، فإما أن يفهموا مطالب شعوبهم ولو مؤخراً كما حدث (لزين العابدين) ، او يصيبهم شئ من الغرور ويتسلطون على شعوبهم ويصبح مصيرهم هو مصير (العقيد)،!!
لكن ان تكون الثورة ضد الاموات، فهذا ما لم يكن في الحسبان، وهنا (الموت) ليست بالضرورة أن يكون صاحبه جثةً هامدة تُحمل على اكتاف المشيعين، لان موت الحكام مختلف شكلاً ومضموناً!!
فالرئيس بتوفليقة يتقدم الان سباق الترشح الرئاسي لدورته الخامسة وهو ميت الحركة والحراك، يكاد لا يحرك ساكناً إلأ بعد جهد جهيد ليستطيع أن يضع كف علة كف ويهزهن للتحية وهو كسيح على كرسي متحرك لا يرمش له طرف!!
وآخرون ماتو بتطاول امدهم في سدة الحكم، وفشلت انظمتهم أن تضمن لمواطنها سبل العيش الكريم، والحكم بالعدل وكفالة الحريات ولو على هامش الممارسة ، وهؤلا ميتتهم اقل قدراً من سابقهم!!؟
المحير في الامر ، والمدهش حقاً هو، من الذي يزين الحياة لهولاء الاموات، ويمدهم بأسبابها بعد أن تنعدم مقوماتها ويصبحون كالتماثيل المعبودة في عصر الجاهلية الاولى!!
شاهدت لقاء لاحد اعضاء حزب الرئيس (الميت) بتوفيقا، يتحدث عن مقدرات وملكات خارقة يتمتع بها هذا الرئيس (الغير مشيٌع)، إذ هو الذي حفظ البلاد وأمنها وجنبها طوفان الربيع العربي، وممثل الحزب يتحدث وكأنه يعيش في غيبوبة السلطة وسكرتها ولا يدري أن الخطوة التي اقدم عليها حزبه في ترشيح الرئيس ، هي التي أشعلت الربيع العربي في بلاده بأثر رجعي من جديد!!.
هناك هتيفة ومجموعة (زعانف) تقتات من موائد الحكام، ما طاب،فهم اجسام بلا عقول، مجرد هياكل ودُمى تدور في فلك الرئيس ولو كان معتوهاً!!
لاوزن لهم ولا قيمة، هم الذين يمدون الطغاة وانظمتهم الحاكمة بأمل الحياة.
الموت يمكن ان يكون موت ضمير ، او موت مروءة او موت احساس، وهو الآفة الكبرى، لان اصحاب هذه الميتات يعلمون بما يدور من حولهم، ويزين لهم الهتيفة كل عمل قبيح.
بالطبع الذي يحدث في هذه الدول، لا يتعداها لغيرها، فهذه ثقافة افريقيا والعالم العربي وهذه أكثر بقاع الارض تخلفاً!؟
فلا يعقل لبلد وشعب قدم مليون شهيد من قرون خلت، يقدم جثة هامدة لتأتمر بأمره، وعلى ذلك قس!؟
أشواق افريقيا و البلاد العربية تطمح في قيادة رشيدة، توفي بعهدها وميثاقها المضروب مع الشعوب، لا تنثني ولا تنحنى لأشواك السلطة وفتنتها، من تشبث بها، أقل ما يوصف بأنه مرض إن لم تتخلص منه لأدى لوفاتها وهلاك الشعوب من بعدها.

[email protected]

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..