مقالات سياسية

إعلان الطوارئ: بعد ممارسة ما لا تسمح به الطوارئ!

مرتضى الغالي

تمخّض المؤتمر الوطني فولد طوارئ.. هذا هو ما يحتاجه السودان! ليس النهضة والتقدم والازدهار والحياة الكريمة ووقف الانهيار والخروج من وحل الهوان والإفقار ومفارقة الذيلية وارتياد طريق الدول الحيّة التي طلّقت التعاسة وفارقت التردي وأسرعت الخُطى نحو المعافاة والتنمية وتسخير كل الموارد والجهود من أجل رفاه المواطنين.. فكأننا (يا بدر لا رحنا ولا جينا)..! وهكذا يسقط المؤتمر الوطني ورئيسه في كل سانحة وطنية أتيحت للخروج من قماقم الاحتكار والتمكين والفشل المدوي في إدارة أي شان من شؤون الحياة وشؤون الريادة والقيادة الراشدة.. فكيف يستطيع المؤتمر الوطني أن يفارق المربع الذي جاء منه واستمر فيه منذ تكوينه، بل منذ أن كان جنيناً في رحم التنظيمات (ذات الأسماء العديدة) حين أطلت على البلاد (فأغطشت ليلها وأظلمت ضحاها) ولم تصدِق وعودها إلا في تخريب الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية والمعيشية ورهن كل موارد البلاد مهراً لثراء أفرادها، ولم تقنع بذلك فكان لا بد أن تكون ثرواتهم وسياستهم محروسة بكل آليات الإقصاء والقهر.. ومن غرائب الدنيا ومهزلة الأزل والأبد أنهم يتحدثون عن الكراهية والإقصاء حتى تهتز (قنابير) الناس مع نسمات الهواء..!! يتحدثون عن الإقصاء بعد أن حرموا كل من ليس من شيعتهم من الوظائف والحقوق بل حتى من الحياة!

المؤتمر الوطني الذي أدار محرقة الصالح العام وأجلس عضويته ومحاسيبه في كل وظيفة وكل مفصل من مفاصل الدولة مدنياً كان أم نظامياً، وأغدق مناصب الدولة على جماعته من عاملين ومديري أقسام ورؤساء مصالح ومؤسسات واتحادات ونقابات وجامعات وبرلمانات ووكلاء وزارات وسفراء وولاة ومساعدين ومشرفين وقطاع خاص ومجتمع مدني (مزعوم ومغشوش) ومدارس ورياض أطفال ..الخ وأصبح يمسك بكل مفاصل الإدارة والحكومة والفضاء المجتمعي ثم يتحدث عن (المسافة المتساوية) بين القوى السياسية عن الكراهية والإقصاء بعد ضرب الناس على الأنوف وانتزاع الحياة وأسبابها.. فهل رأيت مثل هذا الاستغفال و(الحذلقة) وإدعاء المسكنة..! بعد كل هذا يتمخّض المؤتمر الوطني ورئيسه ويلد آخر ما يحتاج إليه الوطن ويهديه من (خزائن الأفاعي) جوهرة جديدة من صناعته هي إعلان الطوارئ لعام كامل..! هذه هي (الفريضة الناقصة) التي كان يتوق لها الشعب! ينتظر الناس نهضة وعدالة وحرية وسلام ومعقولية فيكون الرد بالطوارئ.. هذه (وجبة بائتة) يحتاجها المؤتمر الوطني من أجل حماية ثرواته السياسية والمادية واحتكاراته و(مسيرته القاصدة) على ذات النهج القديم والمتصل والذي قاد البلاد (بمهارة هجوم برشلونة) من أزمة إلى أزمة ومن كارثة إلى فجيعة.. فليبشر أهل السودان بهذه (الهدية الحلوة) التي عكف المؤتمر الوطني علي صياغتها وجلس وفكر وقدّر ثم عبس وبسَرْ ثم أدبر واستكبر وقال: الحل في الطوارئ..!

ألم تكن الحكاية طوارئ عندما جرى ضرب المسيرات السلمية بالرصاص والتعدي على الفتيات وركل النساء وإرهاب الأطفال وجلد الصبايا بالخراطيش وحشو أحشاء المحتجزين بالعصي وأسياخ الحديد والتهجم على البيوت وإطلاق الدخان الحارق داخل المشافي وغرف المنازل و(مطاردة النعوش) والتعدي على مجالس العزاء وخطف الناس من بيوتهم وحبسهم في أماكن مجهولة.. هل تبيح حتى قوانين الطوارئ مثل هذه الأفعال؟!

إنهم يريدون للسودان أن يعيش حياته بين طوارئ وطوارئ لينعموا داخل الأسوار بخيراته من غير أن يزعجهم أحد.. وإذا كان الناس ينتظرون رشداً وعقلانية من جماعة المؤتمر الوطني فإنهم يكلفون الأيام ضد طباعها ويطلبون من الحيّة ألا تلدغ.. ولكن (اليأس الايجابي) هو آخر محاولة قبل النجاح.. وكما يقول (ملكوم إكس) إن خيبات الآخرين “دروس تقوية مجانية”..!

[email protected]

تعليق واحد

  1. Dear Dr. El-Ghali,

    Salam. The most wanted man is in his last days and he thinks that the one year emergency state is to link it to the 2020 election but the peoples of Sudan will turn the table on him before then.

    Keep illuminating us Dr. El-Ghali.

    Mawaddha,

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..