أخبار السودان

البشير يغلق بورصته السياسية بقرارات تعسفية

محاولة لرصد خطوات النظام اليائسة لإخماد الثورة ووقفها

(1) في البدء حاول النظام إسكات الجماهير الثائرة باستخدام القمع والعنف المفرط والاعتقالات والتعذيب، فامتلأت سجونه ومعتقلاته ولكن بالمقابل تناقصت قاعدة دعمه الشعبية والخارجية وحتى الرسمية، أكثرت تلك الأفاعيل من الإدانات والتحذيرات عليه، وجلبت له مزيداً من الحصار الداخلي والخارجي، ولم يجرؤ أحدٌ على الدفاع عنه علناً في المنابر العامة وحتى الخاصة.

المهم أن الثوار لم يستجيبوا لعنف اجهزة النظام وظلوا متقدمين ومرفوعي الهامة ومستمرين، وظلت الثورة ومتقدة ولم تتوقف، بل بطش السلطات وقمعها، زادتها توسعا كل يوم ودخلت فيها شرائح وفئات جديدة لم يتوقع يوما ان تقف هذه الفئات ضد النظام.

(2) ولإرباك الداخل سعي النظام بعد ذلك كخطوة ثانية إلى مد يده للخارج، سيما لدول الخليج العربي ومحوري قطر وتركيا من جهة أو السعودية والإمارات ومصر من جهة اخرى، لربما يجد معونات خارجية تعالج الأزمة الاقتصادية التي يمر بها ودون مخاطبة فعلية للازمة السياسية التي يحاول تجاهلها، فعمل جاهدا للحصول على المعونات ليخرج بها مؤقتا مما يعجز عن معالجتها بمفرده، ولكن كانت خلاصة هذه المحاولات هي حصاد الهشيم، فلم يتحصل على المعونات المطلوبة وإزدادت في المقابل أبواب العجز والافلاس عنده.

(3) ولحصار الثورة جماهيريا، فكر النظام وفي سعيه ايضا خلف الثورة لردم الفراغات والثقوب العميقة التي أحدثتها في نظر المواطن البسيط والشارع السياسي عموما، باستحداث تجمعات جماهيرية ارتجالية تظهر ولاء الجماهير له، فأكمل بذلك رأس النظام كل جولاته على طول وعرض البلاد من أقصى الغرب مروراً بالوسط والعاصمة إلى الولايات الشرقية وجزء من المناطق في الشمال، ولكن كانت نتيجة وردّ جماهير الثورة هي الاستمرار والمواصلة إلى أن أكملت الثورة شهرها الثاني ودخلت في الثالث حاليا ولم تعر النظام وتجمعاته ادنى اهتمام.

(4) توقفت الحكومة عن فعل أي شي وأصبحت شغلها الشاغل مطاردة الثورة والجماهير الغاضبة منها في البوادي والحضر، الي ان قام رئيسها مؤخراً بأصدر قرارات تقضي بحل الحكومة نفسها وإعلان حالة الطوارئ، وتشكّيل حكومة عسكرية (كفاءات) وأعقبها مزيدا بقرارات تعسفية أظهرت بجلاء أن البشير يكمل اخر ما عنده من قرارات في بورصته السياسية.

جاءت هذه الخطوة ايضا بعد ان ركض يائسا خلف دعوات الحوار والجلوس مع شباب الانتفاضة.

هذه القرارات تتراءى فقط لرأس النظام وعقله أنها يمكن أن تخوف الجماهير وتوقفهم من ثورتهم المجيدة، ولكنها في الحقيقة آخر المحاولات التي ستعقبها السقوط المدوي، فلم يأتِ النظام بجديد خلف هذه القرارات ولن تحيده من سياسته ونهجه القمعي أو ستمنحه شرعية للعنف كان يفتقدها سابقا، فقد فعل زبانيته كل شي بمافيها الخازوق ولم تتوقف أو تخوف الثوار نساءً ورجالاً، فقدموا الشهيد تلو الشهيد ومئات الجرحى وآلاف المعتقلين، فالنظام ليس أمامه سوى الرحيل والاستجابة الواضحة للشارع اليوم قبل الغد.

مبارك أردول
25فبراير2019م

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..