مقالات متنوعة

العجائز يحرزون الجوائز

في مطلع الإسبوع المنصرم ، رفع عجائز السودان من السينمائيين إسم السودان عاليا في مهرجان برلين السينمائي في دورته ال69عندما حصل الفيلم السوداني (التحدث عن الأشجار) للمخرج صهيب قسم الباري جائزة أفضل فيلم وثائقي وأخري خاصة بجائزة الجمهور وبهذا النجاح الباهر ، تثلج الصدور ، إذ يُعلن أن السودان بفضل الله ، لا زال بخير وأن بنيه من الوطنيين الخلٌص ، شبابا وشيوخا علي الدرب سائرون لانتزاع حريتهم وكرامتهم التي إنتهكت ومن ثم ، رفع إسم السودان وسمعته عاليا في المحافل الإقليمية والدولية ، كما كان في عهوده السابقة.
لعل الإهمال الذي نالته السينما في السودان بشقيها ، سواء من حيث الإنتاج السينمائي المحلي أو من حيث الفرجة (العرض) قد أقعدها عن أداء مهامها في تثقيف المشاهد السوداني ، فقد ضيقت هذه الحكومة في بداية سنوات حكمها الأولي علي قطاع السينما بشكل عام ، فألغت مصلحة الثقافة، المرفق الوحيد المعني بالإنتاج السينمائي المحلي وإستيراد وتوزيع الأفلام علي مستوي القطر ثم سارعت بإغلاق دور السينما في كافة ولايات السودان وحولت مقارها إلي مشاريع إستثمارية تتبع لمنسوبي الحزب الحاكم فيما حولت كل العاملين بمصلحة الثقافة إلي الصالح العام!!.
ردا علي هذا الظلم والعسف المشبع بالجهل شاءت حكمة الله في خلقه أن يتحول الحزب الحاكم إلي أكبر بؤرة للفساد في البلاد ، فساد محمي بالحزب ومن الرئاسة ، لم يسمع به حتي في الأمم البائدة.
تدور أحداث الفيلم حول أربعة من كبار المخرجين المحترفين في السودان ، هم أبطال الفيلم (إبراهيم شداد ، سليمان محمد ، منار الحلو والطيب مهدي) ، يستأجرون دار سينما قديمة بحي الثورة، ثم يقومون بتنظيفها بأنفسهم وتهيئتها لتحويلها إلي ناد يرتاده محبي السينما حيث تعرض أفلاما مختارة بعناية من أغلب دول العالم ، إما لما تحمله من أفكار ومضامين إنسانية راقية أو لحرفيتها العالية التقنية أو كلاهما معا.
ومن فرط أحلامهم العرضية وشغفهم بحب السينما فكرالمخرجون الأربعة الذين درسوا فن السينما بالخارج عرض نماذج لأفلام سودانية خالصة أخرجوها بأنفسهم وحصلت أيضا علي جوائز في مهرجانات عالمية وإقليمية في فترات ومناسبات سابقة ولكن!! للأسف لم يتحقق حتي هذا الحلم وذهب تعبهم هباء بعدما إختلفوا مع صاحب دار العرض.
لنقرأ رأي أحد حضور المهرجان عن الفيلم وهو الناقد المصري المعروف طارق الشناوي ، إذ كتب معلقا في موقع ” المصري اليوم” :
” السودان الشقيق إحدى الدول العربية التى كانت واعدة جدا فى مجال السينما، ثم عانى السينمائى الكثير من التجاهل ووضعوا أمامه عشرات من الحواجز، حتى صار تواجد فيلم سودانى داخل أو خارج الحدود بمثابة معجزة، وهكذا عرض فى قسم (البانوراما) فى مهرجان برلين الفيلم السودانى (التحدث عن الأشجار) للمخرج صهيب جاسم البارى، واستحق الفيلم، بعد نهاية العرض، عدة دقائق من التصفيق المتصاعد والمتواصل والجمهور يقف تحية لصناعه وأيضا تحية للشعب السودانى فى نضاله من أجل الحرية، السيناريو تمكن من إيجاد مساحة غير مباشرة لكنها مقننة ومحسوبة بدقة للحديث عن ثورة الشعب السودانى وتوقه المتجدد للحرية.
السينما تساوى الحرية وهم يناصبون العداء لها، وبذكاء التقط المخرج هؤلاء الحالمين وهم يمسكون بأيديهم المقشات ويصعدون على السلالم المتهالكة، كل منهم يحمل على كاهله أكثر من ستين عاما، لكنهم لم يفقدوا بعد الأمل فى عودة السينما لمستحقيها .
الفيلم تم تصويره فى عز غضب الشارع السودانى، فكان ينبغى أن يطرح الظرف الزمنى تفاصيله على الشريط، ولكن بقدر كبير من الحساسية، حتى يظل الإطار الخارجى للفيلم لا يتجاوز الحديث عن السينما.
إنها الحياة الاجتماعية والاقتصادية والثقافية ممزوجة برؤية سياسية، هذا هو ما عبر عنه المخرج السينمائى السودانى بإبداع ليقدم فيلما يستحق منا أن نسعد به جميعا كعرب!!”
(إنتهي الإقتباس)
وبعد ، التحية لكل السينمائيين في بلادي ولعله سيأتي اليوم الذي سيذاع فيه صيت الفيلم السوداني ، بإذن الله ، في كل أرجاء المعمورة .

محمد عبد المجيد أمين (براق)
[email][email protected][/email] الدمازين في :23/2/2019م.
.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..