أخبار السودان

“500 جنيه”.. هل تحل أزمة السودان؟

تباينت آراء خبراء الاقتصاد حيال أزمة السيولة التي يشهدها السودان منذ أكثر من عام، والطرق التي تتبعها الحكومة لعلاجها ومنها نيتها إصدار عملة ورقية جديدة من فئة 500 جنيه.

وتوقع محمد خير الزبير محافظ البنك المركزي طرح العملة الورقية الجديدة في الإسبوع الثالث من شهر آذار/ مارس.

أزمة السيولة بدأت في شباط/ فبراير من العام الماضي بتحديد سقف يومي للسحب من البنوك، بدأ أولا بألفي جنيه، ثم انتهى بأقل من 500 جنيه لكل يوم ( نحو 10 دولارات).

” ماذا أفعل بها؟ أشتري كهرباء أم خبز لأسرتي أم أدفع بها فاتورة التلفون؟” يتساءل المواطن محمد آدم في حديث لـ”موقع الحرة”.

وشح السيولة كان واحدا من الأسباب الرئيسية التي أدت إلى اندلاع التظاهرات الشعبية بالسودان في 19 كانون أول/ديسمبر الماضي احتجاجا على تردي الأوضاع الاقتصادية.

وتقييد سقف السحب لا يزال مستمرا سواء كان عن طريق السحب المباشر من البنك أو الصراف الآلي، رغم أن الحكومة السودانية بدأت في إصدار العملات الورقية الجديدة منذ فترة بدءا بورقة من فئة 50 جنيها ثم 100 ثم 200 جنيه.

الأسباب

يرى الخبير في الشؤون المالية محمد حسين أن أزمة السيولة في السودان ناجمة عن “دولة مفلسة بكل المقاييس جراء الفساد وتراكم أخطاء لمدة ثلاثين سنة” هي عمر النظام الحاكم في السودان.

ويضيف لـ “موقع الحرة” أن “الإفلاس، ليس كلامي، وإنما كلام وزير الخارجية السابق إبراهيم غندور”.

لكن الخبير الاقتصادي عيسى سنهوري يرى أن سوء إدارة ملف السيولة كان من الأسباب الرئيسية لحدوث الأزمة.

موضحا لـ “موقع الحرة” أن إدارة السيولة كانت تتبع إلى بنك السودان المركزي لكنها نقلت قبل نحو ثلاث سنوات لصندوق إدارة السيولة بمشاركة معظم البنوك “هذا جعل بنك السودان غير قادر على امتلاك رؤية واضحة لحجم الطلب اليومي للعملة”.

مضاربات على سعر العملة

شح السيولة أدى إلى افرازات سالبة مثل ارتفاع الأسعار وركود على السلع والخدمات، ناهيك عن مضاربات على سعر العملة والدولار.

يقول الخبير الاقتصادي محمد حسين إن ” بعض ضعاف النفوس كان يضاربون في العملة. بمعنى، لتلبية احتياجاتك، قد تضطر إلى شراء مليون جنيه نقدا، بمليون و200 ألف جنيه شيك أو دفع إلكتروني”.

وعدم وجود احتياطي أجنبي كاف من الدولار لتوفير السلع الاستراتيجية، ضغط على الجهاز المصرفي وألحق ضررا كبيرا بالاقتصاد الوطني في السودان.

وأوضح حسين أن الأزمة تسببت أيضا في خلق فجوة في أسعار السلع الغذائية، “فسعرها النقدي يختلف عن سعرها بالشيك، وذات الأمر ينطبق على الدولار الذي بلغ سعره نقدا في حدود 67 جنيها، فيما يصل إلى 80 جنيها بالشيك”

يقول المواطن محمد آدم لـ “موقع الحرة” إنه اضطر إلى بيع قطعة أرض بأقل من سعرها لعلاج أحد أقاربه، لأن المسشتفيات الحكومية لا تقبل إلا الدفع النقدي، مع أن الحكومة ترفع شعار التعامل بالحسابات المصرفية. لو ما فيش كاش مافيش علاج”.

ضخ السيولة

بدأت الحكومة السودانية بضخ سيولة إضافية أملا في حل الأزمة بنهاية آذار/ مارس.

لكن الخبير محمد حسين يستبعد ذلك بشدة ويرى أن ما تقوم به الحكومة “كارثة ستزيد التضخم وتلحق ضررا كبيرا بالاقتصاد خاصة على المستوى البعيد”، متهما الحكومة “بتعمد سحب السيولة من الأسواق لخفض التضخم الذي وصل مستويات قياسية ومخيفة في البلاد”.

وأضاف “حتى لو طبعوا ورقة بفئة 1000 جنيه لن تحل الأزمة، لأن هناك فقدان للثقة والكل يسعى إلى سحب كل كما لديه من المصارف”.

في المقابل، يرى سنهوري أن ضخ عملة إضافية في الجهاز المصرفي هو “الخيار الوحيد المتاح. لم يحدث تشبع بعد”، موضحا أن طباعة أوراق جديدة لن تؤثر كثيرا على نسب التضخم لانها ما زالت في الحدود الآمنة من الناحية الاقتصادية “العملة المطبوعة حاليا في السودان تقدر بـ 200 مليار جنيه أي ما يعادل نحو 40 مليار دولار بالسعر الرسمي للدولار، وهذا يمثل نحو 2 في المئة من حجم الاقتصاد الكلي للبلد. الحكومة ما زالت في حدود الأمان”.

ويرى سنهوري أن ضخ عملة إضافية سيزيل حالة الهلع لدى الناس ويزيد ثقتهم في أجهزتهم المصرفية.

وانخفض معدل التضخم لشهر كانون ثاني/ يناير الماضي في السودان، حيث بلغ 43.45 بالمئة مقارنة بشهر كانو/ أول ديسمبر من العام الماضي الذي وصل فيه إلى 72.94 بالمئة.

لكن على المدى البعيد يرى سنهوري أن على الحكومة السودانية مخاطبة جذور الأزمة الاقتصادية بزيادة الصادر وتقليل الوارد، واشراك القطاع الخاص، وجعل السوق الموازي رافدا لدعم الاقتصاد بدلا من فرض عقوبات عليه. “هذه مشاكل هيكلية لابد من معالجتها لحل أزمة الاقتصاد”.

بيد أن محمد حسين يرى أن الازمة الاقتصادية في السودان لن تحل إلا بإحداث “تغيير جذري على المستوى السياسي، لا يمكن فصل الأزمات الافتصادية والاجتماعية من الوضع السياسي الحاصل في السودان”.

وحسب سنهوري، ليس بمقدور البنك الدولي أو صندوق النقد الدولي التدخل مباشرة لحل الأزمة لأن دورهما قاصر على التعامل الفني. “الدولة ليس بمقدورها الاقتراض بسبب عدم حل أزمة الديون المترتبة بعد انفصال الجنوب عن الشمال”، ناهيك عن مشاكل أخرى كالعقوبات.

يشار إلى أن تدهور الأوضاع الاقتصادية في السودان بما فيها شح السيولة وتقلبات سعر الصرف، دفعت كثيرا من المستثمرين الأجانب إلى الخروج من السودان خاصة شركات الطيران.

الحرة

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..